أفادت مصادر برلمانية في صنعاء بأن الجماعة الحوثية تقود مساعي حثيثة لرفع الحصانة عن أعضاء البرلمان اليمني من قبل النواب الموالين لها في صنعاء تمهيداً لمحاكمتهم بتهمة «الخيانة العظمى» والتي تعني في قاموس الجماعة مساندتهم للحكومة الشرعية ومناهضة الانقلاب. وطبقاً للمصادر التي تحدثت ل«الشرق الأوسط» فإن زعيم الميليشيات الحوثية عبد الملك الحوثي شدد على قادته والموالين له من أجل الإسراع في اتخاذ التدابير اللازمة التي تمكّن الجماعة من البدء في محاكمة النواب والتحفظ على أموالهم ومصادرتها لمصلحة الميليشيات. وقالت المصادر إن النواب الموجودين في صنعاء تحت سلطة الميليشيات والذين تتمسك الجماعة بجعلهم برلماناً موازياً خاضعاً لها لتمرير أجندتها وقوانينها غير الشرعية، يرفضون حتى الآن النيل من زملائهم الموجودين في مناطق سيطرة الشرعية. وذكرت المصادر الرسمية الموالية للميليشيات الحوثية أن وزير العدل في حكومة الانقلاب غير المعترف بها ويدعى أحمد عقبات، وهو من سلالة زعيم الجماعة، تقدم بطلب رسمي إلى النواب الموالين للميليشيات في صنعاء بقيادة يحيى الراعي، من أجل رفع الحصانة عن أعضاء البرلمان اليمني. وأشارت المصادر نفسها إلى أن الراعي أحال موضوع الطلب المقدم من عقبات بشأن رفع الحصانة عن النواب اليمنيين إلى لجنة من النواب الموالين للجماعة في صنعاء لغرض دراسته وتقديم تقرير مفصل عنه قبل الموافقة عليه. كانت أغلبية أعضاء البرلمان اليمني قد التحقت بالشرعية، وعقدت في أبريل (نيسان) الماضي أول جلسة للبرلمان حضرها نحو 140 نائباً في مدينة سيئون بعد انتخاب سلطان البركاني رئيساً للبرلمان وانتخاب ثلاثة نواب له في هيئة رئاسة المجلس. ولقي التئام النواب اليمنيين مباركة عربية ودولية، بعد أن تمكن من الانعقاد بالأغلبية لأول مرة منذ انقلاب الميليشيات الحوثية على الشرعية، وهو ما أثار حفيظة الجماعة الموالية لإيران والتي حاولت استهداف الاجتماع بأكثر من 10 طائرات مسيّرة تمكنت الدفاعات التابعة لتحالف دعم الشرعية من إسقاطها في حينه. ورداً على انعقاد النواب اليمنيين كانت الميليشيات في صنعاء قد لجأت إلى تنظيم انتخابات وُصفت بالهزلية وغير المشروعة لملء المقاعد الشاغرة للنواب المتوفين في مناطق سيطرتها وهو ما مكّنها من إضافة عدد من النواب غير الشرعيين إلى جوار نواب الأقلية الخاضعين لها في صنعاء. وتحرص الميليشيات الحوثية على استنساخ كل المؤسسات اليمنية بما فيها البرلمان ومجلس الشورى والبنك المركزي، كما تواصل انتحال المناصب الحكومية كافة في مناطق سيطرتها دون أن تلقى أي اعتراف دولي. وسبق أن قام عناصر الجماعة بدهم ومصادرة منازل عدد من النواب خلال السنوات الأربع الماضية، في حين كان العشرات من النواب الموالين للرئيس الراحل علي عبد الله صالح وحزبه «المؤتمر الشعبي» قد تمكنوا من الإفلات من قبضة الجماعة بعد مقتله في ديسمبر (كانون الأول) 2017. وفي أحدث نشاط لبرلمان الشرعية اليمنية، أفادت المصادر الرسمية الحكومية بأن رئيس مجلس النواب سلطان البركاني، التقى في الرياض، أول من أمس (الأحد)، رؤساء الكتل البرلمانية، لاستعراض ومناقشة مجمل القضايا على الساحة الوطنية والمواضيع المتعلقة بمهام وأعمال مجلس النواب. وكشف البركاني عن المعوقات التي حالت دون انعقاد جلسات المجلس بعد عيد الفطر المبارك كما كان مقرراً له، وأطلع الحاضرين على الترتيبات الجارية لانعقاد جلسات المجلس خلال الفترة المقبلة. ونقلت وكالة «سبأ» الحكومية عن الراعي قوله: «إنه تم الأخذ بعين الاعتبار كل الإجراءات والاحتياطات المطلوبة لتأمين انعقاد المجلس بما يمكّنه من أداء مهامه الدستورية، والاهتمام بقضايا المواطنين وبما يلبي تطلعاتهم، بالإضافة إلى دور المجلس في الجانب الرقابي على أعمال السلطة التنفيذية وبما يساعد على رفع مستوى الأداء في مختلف المجالات». وأشار البركاني إلى أنه «يجري التنسيق مع الحكومة لتقديم التقارير بشأن أدائها في مختلف المجالات على الساحة الوطنية وذلك لمناقشتها في المجلس واتخاذ ما يلزم إزاءها، وكذا الاستماع لتقارير اللجان البرلمانية التي تم تشكيلها في جلسات المجلس السابقة بمدينة سيئون». وشدد رئيس البرلمان اليمني -وفق المصادر الرسمية- على ضرورة مضاعفة الجهود من قِبل الجميع، ما من شأنه تحقيق السلام العادل والشامل المستند إلى المرجعيات الثلاث وإنهاء الانقلاب وتهيئة المناخات اللازمة لاستعادة الأمن والاستقرار والنهوض التنموي، وحشد وتوجيه الجهود نحو بناء اليمن الحديث. وفيما يستعد البرلمان اليمني لمواصلة جلساته قريباً، ذكرت مصادر برلمانية ل«الشرق الأوسط» أنه لم يتم تحديد موعد نهائي، كما أن مكان الانعقاد لم يُحسم أمره حتى الآن، حيث تدور مقترحات عدة من بينها الانعقاد في عدن أو سيئون أو مأرب تبعاً للظروف الأمنية المناسبة.