لنا مع إيران تاريخ لا يمكن أن يمحى، غسان سليمان العتيبي وعلاقات لا تشطب هكذا بجرة قلم، لذا فنحن حريصون كل الحرص على الشعب الإيراني الباسل، فإيران دولة لها تاريخ وحضارة، وهي دولة إسلامية، وان كانت ليست بالعربية إلا أنهم اعتنقوا الإسلام، وتمسكوا به وعملوا بمبادئه منذ أوائله.. ولا يخفى على أحد ما لعبه الفرس من دور مهم ومؤثر في نصرة الإسلام ونشر الدعوة الإسلامية، وقد ظهر منهم رجال كان لهم في الجبال علامات نذكرهم بها بعد آلاف السنوات من الممات، ومنهم القائد أبو مسلم الخراساني. لكن المحزن هو أن تهدد إيران جيرانها، وتستعرض بصواريخها، فيجب أن يحل محل التهديد الأمان، ونتكاتف كما تكاتفت اليابان والألمان، فأصبحتا من أكبر القوى وأعظم الدول، وتلك القلاقل والاضطرابات، يجب أن تحل محلها الثقة والعلاقات القوية، ونسخر تلك القوة في تأسيس بنية تحتية قوية، فسعدت كثيرا حين قامت إيران بتصنيع طائرات مدنية، وأكون أكثر سعادة حين تنشئ آخر لصناعة الحاسوب وآخر في الالكترونيات العصرية! وقد شاهدنا في الآونة الأخيرة أن النفوذ الإيراني يزداد شيئا فشيئا، وقد اصبح لهم في كل جعبة سهم، بحجة أنهم مسلمون وبحجة الغيرة على الأمة العربية الإسلامية، والعجب كل العجب في أن الحمية الإيرانية لا تتجسد إلا في خوفها على العرب المسلمين، وليس غيرهم من المسلمين غير العرب. وهنا سؤال يطرح نفسه: هل حقا ان إيران تريد حماية المسلمين من الغزو الصهيوني، هل حقا هذا هو هدفها الأوحد، أم أن هناك أهدافا أخرى غير مرئية؟ وللإجابة عن تلك التساؤلات نرى أن هذا هو الستار الذي تخفي من ورائه إيران نواياها الاستعمارية، وأفكارها الثورية التي يريد الإيرانيون أن يصدروها إلى العالم العربي، وكيف يتأتى لهم ذلك، فهل المسلمون المضطهدون متواجدون في الوطن العربي فقط، أم أن هناك آخرين، وبمرور سريع انظر معي إلى ما فعله الروس بمسلمي الشيشان، أليس هؤلاء بمسلمين ويجب نصرتهم؟ وانظر إلى مسلمي أفغانستان وما عانوه من ويلات الحرب.
وكأن الإيرانيين لا يرون إلا مسلمي فلسطين ومسلمي العراق ومسلمي لبنان، وبصورة أشمل مسلمي العرب.
فلماذا إذن هذه التفرقة، إلا لأنهم يريدون نشر فكرهم ومبادئ ثورتهم في كل أرجاء الدول العربية، وقد كان، فنجد مبادئ الثورة الإيرانية قد تغلغلت في الداخل العراقي، ونجدها أيضا واضحة جلية في الجنوب اللبناني، فقد ظلت إيران تغذي حزب الله بالعدة والعتاد إلى ان بسط نفوذه على لبنان كله، وتسلل إلى مصر وسوريا.. إلخ. وحديثنا إلى هؤلاء الحكام الذين لا يقرأون التاريخ قراءة جيدة، فالدور نفسه الذي يلعبه الرئيس الإيراني الحالي لعبه غيره من قبل، ولعبه صدام حسين في العراق، فكيف كانت العاقبة؟ أليست كل هذه دروسا يجب أن نتعلم منها؟ والمؤسف في الأمر أن من يدفع الثمن دائما هو الشعب المسكين. وإيران بذلك قد خلقت في قلب المنطقة اضطرابات.