مذيع سعودي بقناة الجزيرة الفضائية أطلقت الصين قناة تلفزيونية ناطقة بالعربية هذه الأيام، وتقول الأنباء الواردة من بكين إن قرابة 300 مليون مشاهد عربي سيلتقطون بث القناة وبرامجها عبر الأقمار الاصطناعية، التي ستغطي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومنطقة آسيا الباسفيك، والصين بهذه الخطوة تنضم إلى عدد كبير من الدول المهتمة بالمنطقة أطلقت عددا من القنوات التلفزيونية الموجهة للمشاهد العربي، بريطانيا والولايات المتحدةوروسياوفرنسا وألمانيا وإيران، كلها تتوجه للمشاهد العربي عبر وسائل إعلام خصصت لهذا الهدف. تركيا مؤخراً تبحث هذا الأمر ولكن ببطء، هناك عوائق مالية وتردد غريب يواجه اتخاذ القرار! محظوظ جداً المواطن العربي، فهو يحصل على نصيب من الإعلام يزيد على نصيبه من الخبز والسكن والعمل والعيش بكرامة وحرية، يحظى السيد المواطن العربي بحصة مضاعفة من الأخبار والتحليلات والبرامج المنوعة، يستيقظ على معلومة تقدمها له بريطانيا العظمى، ولأن شمسها بدأت تغيب مؤخرا، فلا بد من تدعيم لهذه المعلومة من قبل القوة الأكثر عظمة، فواشنطن تضخ قرابة 60 مليون دولار سنويا على قناتها العربية الموجهة للمنطقة بغرض تحسين سمعتها. روسيا دخلت على الخط، وتأبى الدولة منزوعة العظمة إلا أن تبقي على شيء من مظاهر تلك المرحلة، وقناتها العربية (روسيا اليوم) تزاحم الغربيين في شكل ومضمون المعلومة التي يراد لها أن تصل إلى العرب، فرنسا وألمانيا تفعلان ذلك على استحياء عبر قنوات لا قيمة لها فعليا على الأرض. التساؤل المطروح وبقوة، ماذا تريد هذه الدول من توجهها للمنطقة العربية؟ لا شك أن لكل دولة من هذه الدولة مصالح سياسية واقتصادية في المنطقة تريد المحافظة عليها، وهي عبر هذه الوسائل توصل للشعوب والحكومات العربية الرسالة التي تريد، لكن هذا التدافع الإعلامي يعكس أمرا خطيرا في تركيبة المنطقة، فليس من المعقول أن تتوجه كل دولة لها مصالح معينة في منطقة ما بإنشاء قناة تلفزيونية خاصة بها! وليس من المعقول أيضا أن تتكالب علينا كل هذه الأمم بقنواتها وإعلامها! ثمة فراغ كبير في المنطقة، وثمة أمة كبيرة (وإن أصر البعض على معارضة كوننا أمة) بلا سيادة ولا قرار ولا مرجعية حقيقية، ثروات كبيرة مهدرة على قارعة الطريق، وحالة غير مسبوقة من الضياع وانعدام المشاريع الحقيقية التي تميز الأمم، لا شيء سوى أنظمة تسعى للبقاء بأي وسيلة وبأي ثمن، إنها منطقة متخمة بالخواء السياسي والتنموي. فلا غرو إذا شاهدنا كل هذه الوسائل الإعلامية الموجهة لنا، وهي ليست سوى واجهات إعلامية لمشاريع أهل السياسة في تلك البلدان، وهذا الفراغ العربي الكبير رغم الزحام، لا بد له أن يغري الصين وغير الصين بالتوجه لملئه. طبعاً تظل الصين أهون بكثير من غيرها، رغم بشاعة موقفها من المسلمين في شينغ يانغ، فالشرق وأهله لديهم ما يحافظون عليه ويحاولون كذلك المحافظة عليه عند الآخرين، إذا رأوا فيه ما يستحق!