إذا كان رأس مال الإنسان صدقه ونزاهته فقد عرف عن اليمني لدى الشعوب الأخرى المجاورة والبعيدة صدقه ونزاهته في عمله وتعامله. كانت الكويت هي الترانزيت في طريقي إلى بغداد أيام كان مقر اتحاد الصحفيين العرب فيها وسافرت إليها كثيراً لحضور أعمال وأنشطة الاتحاد وفي الذهاب والعودة كان لابد لي من المرور بالكويت لاستبدال الطائرة بأخرى وكنت اقضي فيها يوماً أو بضعة أيام لزيارة صهري الذي كان يعيش ويعمل فيها، ومنه غيره من اليمنيين هناك وما أكثرهم كنت اسمع قصصاً تفتح النفس وتبهج الفؤاد عن محبة الكويتي لليمني لصدقه ونزاهته بل أن بعضهم سلم له مفاتيح عمله وبيته آمناً مطمئناً. إذا كان رأس مال اليمني هو ذلك الصدق وتلك النزاهة فإن التاجر اليمني هو بالتأكيد الأكثر حرصا على ذلك فهو بنكه الذي لا تنفد ودائعه.. فكيف تغير الحال وانقلب إلى النقيض. صديق لي ذهب لشراء شفاط لشفط الدخان والزيوت من مطبخه فعرض عليه البائع جهازين من نفس الماركة بل والحجم والشكل واللون ولكن مع فرق في السعر بين الاثنين والسبب أن الأول صنع لبيعه في السعودية والثاني صنع لبيعه في اليمن والمسألة هنا معروفة ولا تحتاج إلى شرح، وقرر صديقي شراء الشفاط الأول وقد نصحه البائع بذلك ولكن الجديد في الأمر أن صاحبنا عندما ركب الشفاط في مطبخه لم يجده يعمل كما يجب ووجد به عيوب البغلة وأكثر. من يخدع من... من يغش من... البائع اليمني يغش المشتري اليمني.. التاجر اليمني في الخارج يخدع التاجر اليمني في الداخل, الغش والخداع داخلياً وخارجياً تقع نتائجه -بل قل مصائبه- فوق رأس المشتري البسيط.. كيف أصبح الغش شطارة والخداع تجارة.. هل هي أخلاقنا، الحقيقة كانت نائمة كالخلايا النائمة ثم عادت للعمل كما تعود تلك الخلايا.. من يستطيع فحص جيناتنا ليقول لنا الحقيقة؟!.