تحولت جثث الموتى في مشهد الأزمة السياسية القائمة إلى ورقة في بورصة المزايدات المحتدمة بين النظام الحاكم ومناوئيه السياسيين من أحزاب المعارضة الرئيسة الذين اتجهوا مؤخراً إلى التراشق بنمط غير معهود من الاتهامات غير المتداولة في قاموس المناكفات السياسية من قبيل "السطو على جثامين الموتى وتوظيفها في معترك الأزمة القائمة كمادة إعلامية وسياسية" بهدف النيل من الآخر وكسب تعاطف الأغلبية الصامتة والرأي العام الخارجي . إقحام الموتى كطرف في نزاع سياسي متصاعد عبر تكريس جثامينهم كأسهم فاعلة في إضفاء المزيد من الوجاهة والتأثير في مفردات الخطاب السياسي والإعلامي الموجه من قبل كل طرف إلى الداخل والخارج، وإن بدا أشبه ب"تكتيك سياسي وإعلامي" غير محمود فرضته على مشهد الأزمة السياسية المتصاعدة حسابات الربح والخسارة في معترك صراع حاد، تحول إلى ما يشبه "المعركة الأخيرة لتحديد المصير"، إلا أنه كشف عن حالة من التردي في مستوي تعاطي النخب السياسية مع ضوابط السقف الإنساني والأخلاقي المفترض لإدارة أزمة سياسية كالتي يعيشها اليمن في الوقت الراهن والتي أماطت اللثام عن انحدار لافت في استعدادات طرفي الأزمة للالتزام بأدبيات التنازع المجرد عن الانتهاكات الصارخة لحقوق ليس الأحياء ولكن حتى الأموات . الدفع بجثامين الموتى إلى واجهة مشهد الأزمة السياسية القائمة كتصعيد فانتازي انفردت به تفاصيل المشهد اليمني استهل باتهامات غير مسبوقة وجهها نائب وزير الإعلام عبده الجندي لأحزاب اللقاء المشترك المعارض عشية مقتل ما يقدر ب 15 من المتظاهرين المطالبين بإسقاط النظام السياسي القائم خلال مشاركتهم في مسيرة حاشدة يوم الأربعاء 15 إبريل/ نيسان الماضي برصاص قناصة بالقرب من الساحة المقابلة لمبنى التلفزيون الرسمي ومخيم اعتصام شبايي موال للرئيس صالح بصنعاء بافتعال المشاهد الدامية التي تخللت ذات المسيرة عبر جلب جثامين عدد من القتلى الذين قضوا في حوادث مرورية من ثلاجات المشارح الطبية إلى ساحة الأحداث لإبرازهم أمام وسائل الإعلام كضحايا لاستخدام مفرط للقوة من قبل القوات الأمنية والعسكرية ومجاميع المعتصمين بالمخيم الشبابي بالساحة الأمامية لمدخل الإستاد الرياضي بشارع عمران بهدف فرض المزيد من التضييق على النظام واستقطاب التعاطف والإدانة الدولية لمثل هذه الممارسات، قبيل أن تبادر أحزاب المعارضة الرئيسة عبر منابرها السياسية والإعلامية المتاحة إلى دحض اتهامات النظام بإظهار مشاهد حية ودامية للقطات متحركة أبرزت سقوط قتلى وجرحى برصاص قناصة يعتلون أسطح مقار حكومية متاخمة للبوابة الرئيسة للإستاد الرياضي، بالترافق مع توجيه اتهامات مماثلة للسلطات الأمنية الرسمية باستخراج جثامين موتى من مشارح بعض المستشفيات الحكومية بغرض إبرازها عبر وسائل الإعلام الرسمية ومفردات الخطاب السياسي والإعلامي الحكومي كضحايا لأحداث عنف مفتعلة تقف وراءها أحزاب اللقاء المشترك المعارض بهدف زعزعة أمن واستقرار البلاد وإثارة أجواء من الفوضى والصدامات داخل المدن الرئيسة . " الخليج "