وحصيلة الضحايا تتجاوز المائة لليوم الرابع في صنعاء تتجدد أعمال العنف من قبل القوات الموالية للرئيس علي عبدالله صالح لتحصد أرواح عدد من المدنيين اليمنيين المطالبين بإنهاء حكمه والمتعطشين لبناء دولة القانون الذي تعطل جزئياً خلال أعوام مضت. لم يتسن بعد لحشود الثائرين في شارع الستين تشييع بعض الشهداء الذين سقطوا خلال الأيام الثلاثة الماضية على يد قوات وقناصة يتبعون النظام، حتى جددت قوات صالح قصفها العنيف على المنطقة الشمالية لساحة التغيير ومقر قيادة الفرقة الأولى المدرعة ومناطق أخرى لتحصد آلة الموت شهداء جرحى. وكان من بين تلك الأحياء التي تعرضت للقصف حي بلال المحاذي لشارع هايل التجاري حيث سقطت قذيفة بالقرب من مبنى الكلية العليا للقرآن الكريم ومسجد بلال، بالإضافة إلى دار القرآن الكريم بتقاطع مذبح شمال العاصمة ومقر لحزب التجمع اليمني للإصلاح في منطقة القاع. وبحسب شهود ومصادر فإن القصف على تلك الأحياء المذكورة لم يسفر عن إصابات بشرية باستثناء الأخير، والذي أسفر عن إصابة أفراد حراسة المقر بجروح متفاوتة. وقال أحد الساكنين في حي بلال بصنعاء إن القذيفة انفجرت في الهواء وتطايرت شظاياها لتصيب منزلاً في المنطقة، لكن لم يسفر عن سقوط ضحايا. كما تعرضت مباني كليتي الهندسة والتربية داخل جامعة صنعاء للقصف من قبل القوات الموالية لصالح المتمركزة في منطقة عصر غرب صنعاء، وذلك بذريعة وجود مواقع عسكرية تابعة للفرقة الأولى مدرع داخل مباني الجامعة. في مكان غير بعيد جنوب ساحة التغيير حيث تقاطع «كنتاكي» الذي أطلق عليه شباب الثورة «جولة النصر» والأحياء المجاورة لشارع الزبيري القلب النابض للعاصمة، ما يزال قناصة يعتلون أسطح المنازل ويستهدفون المواطنين دون تفريق. ظهر يوم الأربعاء، حصدت نيران القناصة ثلاثة شهداء في تقاطع كنتاكي، وشهيد رابع في تقاطع «عشرين» الأقرب إلى ساحة التغيير. وفي شارع الرياض (هائل) غير البعيد أصيبت امرأة برصاصة في الفخذ بنيران قناصة منتشرين على أسطح المنازل بحسب مصدر طبي في المستشفى الميداني لساحة التغيير، وقال المصدر أيضاً إن سيارة إسعاف هرعت إلى الشارع بعد ورود أنباء عن إصابة امرأة أخرى هناك. وقال المستشفى الميداني في صفحته على الفيس بوك إن الفريق الإعلامي للمستشفى تعرض لإطلاق نار مباشر كان أن يؤدي بحياة الطاقم أثناء محاولته تصوير وتوثيق الجثث الملقاة بالقرب من تقاطع كنتاكي، والتي مر عليها نحو يومين. وكان الجيش المؤيد للثورة لمح إلى وجود جثامين هناك، وطالب بالسماح للصليب الأحمر بالوصول لانتشالها. وقال المستشفى إن الإحصائيات الموثقة لديه للشهداء منذ يوم الأحد الماضي حتى مساء الأربعاء وصل إلى تسعين شهيداً. وإذا أضفنا إليها حصيلة القصف الذي تعرض له منزل الشيخ حميد الأحمر يوم أمس فسيتجاوز العدد المائة. وجاء تجدد أعمال العنف في وقت شيع فيه عشرات الآلاف 30 شهيداً، حيث ساروا في شارع الستين ورفعوا شعارات تطالب بمحاكمة صالح وأقرباءه المسؤولين عن أعمال القتل. وقال أحد الشباب المعتصمين ويدعى محمد قاسم إن «التضحية والصبر مرهق لعقول المجرمين بل سلاح لتجريد العدو من إنسانيته، ودليل يثبت للعالم أجمع دموية هذا النظام». وفي تعزجنوبا فتحت القوات المؤيدة لصالح نيران أسلحتها على مسيرة احتشد قرب مبنى المجمع الحكومي للمحافظة ما أدى إلى إصابة عدد من المتظاهرين. ومع كل قطرة دم تسفك، يضيق خيار الحل السياسي للأزمة المستفحلة التي تعيشها البلاد والتي أثرت على مجريات الحياة، خاصة مع استهداف مواقع الجيش المؤيد للثورة والذي يؤكد أنه ما يزال يتمسك بضبط النفس، لكنه يحذر في الوقت ذاته من اختبار صبره. وغادر أمين عام مجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني صنعاء دون تحقيق تقدم على طريق توقيع المبادرة الخليجية، التي تنص على تنحي الرئيس صالح المستمر في الحكم أكثر من ثلاثة عقود. ونقلت وكالة الأنباء اليمنية عن الزياني قوله إن الظروف غير مواتية بعد لتحقيق حل. ومن على منبر الجمعية العامة الأممية، قال الرئيس الأميركي باراك أوباما ان اليمنيين الذين يخرجون بالآلاف كل يوم في المدن والساحات يحدوهم الأمل في ان إصرارهم والدماء التي يبذلونها ستجعلهم يتمكنون من إزاحة النظام الفاسد والولايات المتحدة تدعم تطلعاتهم. وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن القوة المفرطة التي استعملت مؤخرا في مواجهة المحتجين مؤشر على خطورة بندٍ تضمنته المبادرة الخليجية، ونص على حصانة صالح من الملاحقة القضائية. الصورة لصبي يلوح بالعلم الوطني أثناء تشييع الشهداء يوم الأربعاء في صنعاء (رويترز).