رغم الدعوات لاعتراف باريس بجرائمها الاستعمارية استهل الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أمس الأربعاء زيارته للجزائر برفض الاعتذار عن ماضي بلاده الاستعماري هناك، وقال إنه لم يأت للجزائر من أجل "التعبير عن الندم أو الاعتذار"، مؤكدا أن باريس "ترغب بدلا من ذلك في أن تتحرك للأمام على قدم المساواة" وتعزز التجارة مع هذا البلد الغني بالنفط والغاز. وقال هولاند في أول زيارة دولة يقوم بها منذ انتخابه في مايو/أيار الماضي، إن البلدين اتفقا على إعلان صداقة واتفاق إستراتيجي لمدة خمس سنوات يشمل العلاقات الاقتصادية والثقافية والزراعية وشؤون الدفاع. وأضاف في مؤتمر صحفي بعد اجتماعه بنظيره الجزائري عبد العزيز بوتفليقة "أود أن أقيم مع الجزائر شراكة إستراتيجية على أسس متساوية, ولست هنا لإبداء الندم أو الاعتذار، أنا هنا لأبلغ الحقيقة". وقال هولاند الذي يرافقه في زيارة الجزائر مسؤولون كبار من كبريات الشركات الفرنسية، إن شركة رينو لصناعة السيارات اتفقت على بناء مصنع في الجزائر ينتج نحو 75 ألف سيارة سنويا، مضيفا "يجب ألا يمنعنا الماضي من بناء المستقبل". وفي رد عن سؤال عن المطالب الجزائرية بالاعتذار والتعبير عن الندم، قال "لقد كنت دوما واضحا بخصوص هذه المسألة، أي قول الحقيقة بخصوص الماضي وقول الحقيقة بخصوص الاستعمار وقول الحقيقة حول الحرب ومآسيها وقول الحقيقة حول الذاكرة المجروحة". وأضاف "في نفس الوقت، هناك إرادة لعدم جعل الماضي عقبة في العمل من أجل المستقبل، وبالتالي سيسمح لنا الماضي بمجرد الاعتراف به بالذهاب أبعد وبسرعة أكبر لتحضير المستقبل. هذا ما سأقوله لأعضاء البرلمان الجزائري ومن خلالهم إلى الجزائريين والفرنسيين". ومن المقرر أن يلقي هولاند خطابا اليوم الخميس أمام نواب المجلس الشعبي الوطني وأعضاء مجلس الأمة المجتمعين في جلسة مشتركة. ومن جهة أخرى يبحث هولاند مع المسؤولين الجزائريين قضايا دولية ذات اهتمام مشترك على رأسها ملف شمال مالي، حيث ترغب باريس في الحصول على دعم الجزائر لتدخل دولي في هذا البلد. " يرافق هولاند في زيارته للجزائر وفد يضم نحو200 شخص بينهم تسعة وزراء و12 مسؤولا سياسيا و40 رجل أعمال وكتاب وفنانون وقرابة 100 صحفي " الاعتراف بالجرائم وكان بيان صدر في وقت سابق بالجزائر عن 14 حزبا ومنظمة قد اعتبر أن زيارة هولاند "لا معنى لها في ظل الظروف القائمة، كما أن الحديث عن علاقات متميزة بين الجزائروفرنسا يظل عديم الجدوى ولا قيمة له إلا باعتراف فرنسا بجرائمها المرتكبة في حق الشعب الجزائري والتعويض عنها". ويرافق هولاند في الزيارة، التي تستمر يومين، وفد هو الأكبر الذي يغادر معه إلى الخارج منذ توليه رئاسة فرنسا في مايو/أيار الماضي، ويضم نحو200 شخص بينهم تسعة وزراء و12 مسؤولا سياسيا و40 رجل أعمال، وكتاب وفنانون وقرابة 100 صحفي. وقال الناطق الدبلوماسي باسم قصر الإليزيه رومان نادال إن الوفد الكبير الذي يصاحب هولاند إلى الجزائر "يدل على الأهمية السياسية، لكن أيضا يدل على الرمزية والاقتصادية التي يوليها رئيس الجمهورية لهذه الزيارة"، مضيفا أن "الزيارة تتوافق أيضا مع رغبة الجزائريين في تأمين تجدد العلاقة" بين البلدين. أما في الجزائر فأكد رئيس الوزراء عبد المالك سلال أن بلاده تأمل بناء علاقة مع فرنسا تمهد لمستقبل خال من "المفاهيم البالية"، وقال في مقابلة تلفزيونية قبل ساعات من وصول الرئيس الفرنسي "إن الجزائر تنتظر من هذه الزيارة فتح فصل جديد في العلاقات بين البلدين مبنية على الصداقة والتعاون". وأكد سلال إرادة الجزائر للتوصل مع فرنسا إلى "معاهدة صداقة وتعاون" من شأنها أن تبني المستقبل بين البلدين. ولم يتطرق المسؤول الجزائري إلى مسألة اعتذار فرنسا عن جرائمها الاستعمارية أثناء احتلالها الجزائر، واكتفى بالقول إن "البلدين في مرحلة تاريخية، فنحن مستعدون لفتح فصل جديد.. إننا لا نستطيع نسيان ماضينا، وكل الجزائريين يفتخرون بماضيهم وبحربهم التحريرية الوطنية.. لكن الأهم الآن هو بناء المستقبل". وبينما ترغب فرنسا في التئام الجراح التي خلفتها الحرب فإنه ليس أمام هولاند (58 عاما) الذي عمل لثمانية أشهر في سفارة فرنسابالجزائر في عام 1978 مجال كبير للمناورة. اخبارية نت – الجزيرة نت