عن أدلة جديدة حول أصول الحضارة اليمنية القديمة افتتحت مؤسسة السعيد للعلوم الثقافة العام الجاري أولى فعالياتها للمحاضر عبده عثمان غالب أستاذ الآثار والحضارة القديمة بجامعة صنعاء والتي أوضح فيها أن سبأ كانت مملكة محاربة قامت على إخضاع الناس ، كما أن موقعها لم يكن ضمن المواقع الحضرية الحضارية ، حيث طغى اسم "مملكة سبأ" على بقية الدول والممالك التي سبقتها كمملكة أوسان ، والتي تعد أولى الممالك اليمنية ، وكانت تقع ضمن المواقع الحضرية، وتعرف اليوم بمنطقة المعافر ، ثم امتدت هذه المملكة إلي الكثير من المناطق اليمنية الأخرى … مشيراً إلى أن مصادر الحضارة اليمنية تقوم على مصدرين :تاريخية ونقشيه أثرية ، ملفتاً إلى أن المصادر التاريخية الكثير منها صنع حولها الكثير من الأساطير ك(كتاب الهمداني) كون المناطق التي زارها الهمداني ،أو عن مناطق تحدث عنها الناس فاعتمدها في كتابه الذي يفيد علم الآثار في تحقيق الأسماء ومصدر الشيء فقط ، موضحا أن المستشرقين الجدد كانوا قد شككوا بقدم الحضارة اليمنية ، وان ماهو متوفر لديهم أن عمر هذه الحضارة من "800-500 سنة قبل الميلاد" في أحسن الأحوال ، مرجعاً ذلك إلى أن هناك من له هدف علمي ، وهناك ممن لديهم أهداف أخرى .. مبيناً أن هناك نوعين من التاريخ : تاريخ نسبي ، وتاريخ مطلق ، وكيف أننا غيبنا التطور البطيء لحضارة الإنسان نفسه ، وكيف تحول من إنسان بدائي إلى إنسان متحضر ، حيث أن دراسة هذا التاريخ هو من باب الفعل الحضاري المؤثر لهذه الحضارة … مطالباً أن يكون هناك تحقيق للإنسان أولاً قبل التحقيق في المادة نفسها ، ولذا لابد من وجود دليل يؤكد أن الشعب الذي سكن الجزيرة العربية هو شعب صاحب حضارة ، مؤكداً أن الدليل يبدأ مع تغير المناخ ، والذي تؤكد الأدلة أن المناخ قبل "800 سنة إلى 4500 سنة قبل الميلاد" كان في اليمن جميلاً ، والمطار غزيرة جداً ، حيث كان الإنسان لا يحتاج حينها إلى أن يزرع ، ويحفر الآبار لأن كل شيء كان متوفراً … منوهاً إلى أن الربع الخالي لم يكن خالياً ، حيث لم يبدأ بالتصحر إلا قبل 4500 " سنة قبل الميلاد " حيث كان الربع الخالي عبارة عن أنهار وجداول ، وعندما حدث تغير مناخي حدث تغير في الإنسان ، ومن ثم حدث خروج للشعوب إلى مناطق الجوار بعد جفاف الوديان و اتجهوا نحو الشمال وامتزجوا مع السومريين ، فالمناطق المتبقية للحفر كانت مناطق السلسلة الجبلية الممتدة من تعز وحتى نجران . وتطرق الرجل إلى تاريخ يوثق للحضارة اليمنية يعود إلى ما قبل 3200 سنة قبل الميلاد ، وهو تاريخ مطلق ، وليس نسبي ، وهو ما اكتشفه بنفسه من خلال عمل الحفريات على الودية والصخور التي وجد بها آثار ونقوش تؤكد بأن تاريخ حضارتنا اليمنية هو تاريخ مطلق وليس نسبي . وتطرق الرجل في محاضرته أيضا إلى الأشياء التي تهول من مملكة سبأ والتي لم تكن تمتلك مصدر اقتصادي محلي تعتمد عليه ، فالبخور الذي اشتهرت به وازدهرت تجارته في عهد هذه المملكة كان مصدره الرئيس من أفريقيا . وشهد المناسبة أيضا افتتاح معرض الخط العربي في رواق السعيد بمشاركة رئيس جمعية الخطاطين اليمنيين أ/ ناصر النصاري ، ونخبة من الخطاطين حيث احتوى المعرض على 18 لوحة مختلفة للخط العربي بأنواعه المختلفة أبرزت جمال هذا الفن العربي الأصيل الذي كانت له مدارسه ومذاهبه المختلفة في عدد من العواصم العربية . وكان مدير مؤسسة السعيد الاستاذ فيصل سعيد فارع قد ألقى كلمة ترحيبية استعرض فيها مفردات البرنامج الثقافي والذي يتضمن أكثر من 28 فعالية متنوعة بين ندوات ومحاضرات ومعارض فنية تشكيلية وفوتوغرافية ومعرض تعزالدولي للكتاب وتقنية المعلومات بالإضافة الى مهرجان السعيد الثقافي وحفل توزيع الجائزة . مشيرا إلى حضور المؤسسة المتميز في الفعل الثقافي الإبداعي اليمني داعيا المثقفين اليمنيين إلى التواصل الخلاق الذي يثرى الثقافة اليمنية بمفهومها الواسع والنهوض بالحركة الثقافية والارتقاء إلى مستوى المسؤولية الوطنية.