بخلاف الحملات المصرية السابقة، لم تؤثر الحملة الأمنية المصرية الأخيرة ضد الأنفاق الحدودية مع غزة على حركة استجلاب البضائع أو تؤدِّ إلى ارتفاع أسعارها. ورغم فداحة الضرر الذي لحق بعدد من الأنفاق التي لا يتجاوز عددها أصابع اليدين إلى اللحظة، جراء تعرض أجزاء منها للتدمير بفعل ضخ مياه الصرف الصحي فيها، فإن ذلك لم يؤثر على حركة انسياب البضائع في سائر مئات الأنفاق الأخرى. مدينة جديدة ويظهر من تجول الجزيرة نت في منطقة الأنفاق أنها تحولت إلى مدينة جديدة تحت الأرض لها نظامها وقوانينها التي تسمح بتدفق البضائع ومعالجة الأضرار، ما لم يُلاحق الأمن المصري "الأمناء المصريين" المسؤولين عن تمرير الحاجيات والبضائع عبر فوهة النفق من الجهة المصرية. " سلطات مصر تستغل الجدار الفولاذي الذي حفره النظام السابق، وتضخ في بعض قنواته الأفقية المغروزة خلف شرائحه الفولاذية كميات كبيرة من المياه الآسنة " ويبدو أن منطقة الأنفاق شهدت تطوراً لافتا على صعيد تحسين بنيتها ونظام حفرها بما يتناسب مع طبيعة مرور البضائع التي تحتاجها غزة، وإمكانية معالجة الأضرار في حال تعرض أجزاء منها للإنهيار أو التدمير، وهو ما يجعل سبل مكافحتها ووقف عملها تماما شبه مستحيل. ويؤكد أحد أصحاب الأنفاق أن الفلسطينيين راكموا من الخبرة على مدار أكثر من خمس سنوات مما يؤهلهم لإعادة تشغيل أنفاقهم ولكن بتكاليف باهظة، مشيرا إلى أن هذه الخبرات جاءت نتاج استخلاص العبر من الحوادث المتكررة التي أودت بحياة نحو 230 من العاملين في مجال الأنفاق. حركة لا تتوقف ولوحظ أن حركة العمل في معظم مقاطع منطقة الأنفاق الممتدة على طول نحو عشرة كيلومترات، لم تتوقف لحظة نيل السلطات المصرية من الأنفاق المستهدفة وإغراقها بمياه المجاري. ورغم أن الحملة المصرية غلب عليها طابع الاستهداف العشوائي للأنفاق، فإن الاستهداف طال أيضا أنفاقاً بعينها سبق أن دمر الأمن المصري أجزاء منها في حملات سابقة. وبحسب أحد العاملين في الأنفاق، فإن السلطات المصرية تستغل الجدار الفولاذي الذي سبق حفره إبان النظام السابق وتضخ في بعض قنواته الأفقية المغروزة خلف شرائحه الفولاذية كميات كبيرة من المياه الآسنة أو العادمة، وهو ما يتسبب في خلخلة التربة وتسرب الماء نحو الأنفاق التي يصادف وجودها جوار أو أسفل المياه المتسربة. لكن صاحب أحد الأنفاق الذي انهار نفقه وغرق في مياه المجاري، قال للجزيرة نت إن الأمن المصري عمد إلى حفر بقعة صغيرة أفقية وعميقة بواسطة آليات ضخمة ثم صب مياه الصرف الصحي بداخلها، مما تسبب في انهيار نفقه وتضرر الأنفاق المجاورة. وأكد أن نفقه يستخدم لتمرير المواد الغذائية والأعلاف والأخشاب وبعض مواد البناء، مشيراً إلى أن نفقه كان ينقل ثمار البرتقال لحظة استهدافه. مالكو الأنفاق يستخدمون مضخات لشفط المياه الآسنة جهد ومال وأضاف أن انهيار النفق الذي بلغت تكلفة حفره نحو مائة ألف دولار تسبب في توقف ثلاثين شخصا عن العمل، مشيراً إلى أنه نجح في شفط كميات كبيرة من المياه وسيبذل مزيداً من الجهد والمال لإعادة تأهيله في غضون الأسبوعين القادمين. من جهته أكد مسؤول أمني مطلع أن الحملات المصرية ضد الأنفاق تترافق مع حركة تغيرات القيادات الأمنية المسؤولة عن الحدود مع غزة، ولفت إلى أنه لا تمر بضعة أشهر دون أن تشهد منطقة الأنفاق حملات تدمير عشوائية تستمر لبضعة أيام أو بضعة أسابيع. وأضاف المئؤول الأمني في حديثه للجزيرة نت أن الحملة الأمنية المصرية تستهدف حاليا الأنفاق المحاذية لحي السلام جنوب شرق مدينة رفح، محذرا من خطورة ضخ كميات كبيرة من المياه فوق مناطق بعض الأنفاق، لما تتسبب به من انهيارات وحالات اختناق وغرق للعاملين فيها. اخبارية نت – الجزيرة نت