عاد الهدوء مساء أمس السبت إلى مدينة بعلبك في البقاع اللبناني بعد مقتل أربعة أشخاص وإصابة آخرين بجروح، إثر خلاف بين أشخاص عند أحد حواجز حزب الله اللبناني في المدينة، تطور إلى اشتباك بين أفراد من آل الشياح وعناصر من الحزب، فيما توعد الجيش اللبناني المتقاتلين في المدينة بأنه سيواجه بحزم جميع المظاهر المسلحة. وقد استدعت التطورات تدخل قوات من الجيش لإعادة الهدوء إلى المدينة، وتنفيذ حملة دهم بحثا عن الضالعين في الاشتباك. وقال مصدر أمني لبناني إن "مسلحين من عائلة الشياح أطلقوا النار على حاجز لحزب الله في وسط مدينة بعلبك، مما دفع عناصر الحاجز إلى الرد على إطلاق النار، وتطور الأمر إلى اشتباكات في محيط الحاجز وفي أحياء أخرى عند طرف المدينة"، وقتل فيها أربعة، هم عنصران من الحزب، وامرأة من آل الشياح، وأحد المارة. وكانت معلومات أولية أشارت إلى أن القتيل من آل الشياح رجل كان يحمل سلاحا، ثم تبين أنها امرأة. كما أصيب خمسة أشخاص آخرين بجروح، أحدهم مسؤول في الجماعة الإسلامية. وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي -في أعقاب اجتماع أمني عقد في القصر الجمهوري بحضور الرئيس اللبناني ميشال سليمان- إنه تم اتخاذ كل الإجراءات لضبط الوضع الأمني في بعلبك ومنع كل المظاهر المسلحة، ومنع ما قال إنها محاولات افتعال فتنة مذهبية، ونقل الحوادث الأمنية من منطقة إلى أخرى. ومن جهته، حذر الجيش اللبناني المتقاتلين في مدينة بعلبك شرقي البلاد من أنه سيواجه بحزم جميع المظاهر المسلحة مهما كانت العائلة أو الجهة التي تقوم بها، بما في ذلك استخدام القوة وإطلاق النار. وأوضح الجيش في بيان أصدره أن وحداته واصلت تعزيز انتشارها في مدينة بعلبك، واتخذت إجراءات أمنية مكثفة لإعادة فرض الأمن والاستقرار فيها، وأن عمليات الدهم التي نفذتها الوحدات العسكرية أسفرت عن توقيف عدد من المشتبه فيهم. وأضاف أن قيادة الجيش إذ تدعو عائلات المدينة وفعالياتها إلى ضبط النفس والهدوء والتجاوب الكامل مع التدابير التي تتخذها قوى الجيش منعا لتصعيد الموقف، لتحذر العابثين بالأمن من التمادي في الاستهتار بحياة المواطنين. دعوة للحوار وفي الأثناء، دعا مفتي بعلبك الهرمل الشيخ بكر الرفاعي إلى "محاورة حقيقية" بين القادة اللبنانيين من كل الاتجاهات "لمحاصرة الفتنة المتنقلة" في البلاد، وتوقيف الخسارة عند حدها الذي وصلته الآن قبل أن تتطور الأمور إلى الأسوأ، لأن أهل بعلبك بينهم تجاور ومخالطة شديدة "ولا مصلحة لأحد في التصعيد لأن آثاره لا تحمد عقباها". وأكد الرفاعي في مقابلة مع الجزيرة أن "المخاوف من النزعة الطائفية مبررة، لكن النزعة العائلية أقوى منها"، مشددا على أن "خيارنا هو مرجعية الدولة. والانصياعُ لإرادتها جيد بالنسبة لنا ويريح الجميع". ووسط هذه الأجواء، أصدر تيار أهل السنة بلبنان بيانا ندد فيه بما وصفه بالممارسات التي يقوم بها حزب الله في بعلبك، وطالب الحكومة اللبنانية بإعطاء الأوامر للجيش والقوى الأمنية للانتشار في بعلبك على الفور، ومنع ما وصفها بالعصابات المسلحة التابعة لحزب الله من العبث بأمن المدينة. واعتبر التيار أن حزب الله مسؤول بشكل كامل ومباشر عن الأحداث التي وقعت في المدينة، نتيجة ممارسته للأمن الذاتي عبر حواجزه العسكرية المنتشرة في بعلبك. وحمله كافة ردود الفعل الصادرة عن اللبنانيين الرافضين لما وصفها بسياسة الهيمنة والإرهاب. ومنذ بدء النزاع السوري قبل أكثر من سنتين، ارتفعت نسبة التوتر والحوادث الأمنية في لبنان المنقسم بين مؤيدين للنظام السوري -ومعظمهم من الموالين لحزب الله- ومتحمسين للمعارضة. ويتمتع حزب الله بنفوذ واسع في منطقة بعلبك، حيث نصب منذ أكثر من شهر حواجز على غرار حواجزه في مناطق نفوذه، وذلك بعد تفجيرين وقعا في الضاحية بفارق شهر كان آخرهما في 15 أغسطس/آب الماضي وأودى بحياة 27 شخصا. ونفذت القوى الأمنية خطة انتشار الأسبوع الماضي في الضاحية الجنوبية، تسلمت خلالها الحواجز من حزب الله الذي أعلن أن هذا الأمر سيعمم على المناطق الأخرى.