تتكثف الجهود الدبلوماسية الدولية هذا الأسبوع لإحراز تقدم بشأن ملف البرنامج النووي الإيراني، إذ ستشهد العاصمة النمساوية فيينا خلال الأيام القادمة -بدءا من اليوم- لقاءات تفاوضية مغلقة بين الأطراف المعنية بهذا الملف، بينما اعتبر مسؤول إيراني كبير أن موقع فوردو لتخصيب اليورانيوم "خط أحمر" ويستحيل إغلاقه. فمن المقرر أن يلتقي اليوم الاثنين المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو في فيينا مع كبير المفاوضين الإيرانيين عباس عراقجي الذي يشغل أيضا منصب نائب وزير الخارجية، في الوقت الذي تجري الوكالة التابعة لمنظمة الأممالمتحدة مفاوضات منفصلة مع ممثلي إيران النوويين. ومن ناحية أخرى سيلتقي سبعة خبراء إيرانيين نظراءهم في مجموعة الدول الست المعروفة ب"5+1″ (الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي إضافة إلى ألمانيا) للتحضير لاجتماع جنيف المرتقب يوميْ 7 و8 نوفمبر/تشرين الثاني في جنيف. وتأتي هذه اللقاءات في الوقت الذي أعلن فيه رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الإيراني علاء الدين بروجردي أن موقع فوردو لتخصيب اليورانيوم تحت الأرض هو أحد "الخطوط الحمر" لبلاده، مؤكدا رفض إغلاقه حتى لو اشترطت القوى العالمية الكبرى ذلك. وأكد بروجردي على أن طهران لم توقف أكثر أنشطة تخصيب اليورانيوم حساسية، نافيا بذلك صحة تصريحات لعضو آخر في البرلمان الأسبوع الماضي. وكان عضو كبير بلجنة الأمن القومي في البرلمان قال إن بلاده أوقفت تخصيب اليورانيوم فوق مستوى 5% اللازم لتشغيل محطات الطاقة، مبررا ذلك بأن إيران تمتلك جميع احتياجاتها من الوقود المخصب إلى مستوى 20% اللازم لتشغيل مفاعل للأبحاث الطبية في طهران. من جهتهم أفاد دبلوماسيون معتمدون لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنه ليس لديهم معلومات تؤكد توقف إيران عن تخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء 20%. وكانت إسرائيل قللت من أهمية تقارير أفادت بأن طهران أوقفت أهم أنشطة تخصيب اليورانيوم حساسية، ووصفتها بأنها "غير مجدية" مطالبة بتفكيك البرنامج النووي الإيراني. وقال مسؤول إسرائيلي إن النقاش الدائر حول توقف إيران عن التخصيب إلى مستوى 20% من عدمه ليس مجديا، مضيفا أنه حتى وإن أوقفت طهران التخصيب لهذا المستوى فإنها ما زالت تمتلك أجهزة طرد مركزي متطورة تسمح لها بالانتقال إلى درجة 90% في غضون أسابيع قليلة. تفاؤل دولي وتشكل مسألة تخصيب اليورانيوم واحدة من أبرز المسائل المثيرة لقلق إسرائيل والقوى الغربية التي تخشى أن تطور طهران قدرتها على تخصيب اليورانيوم من مستوى 20% الحالي إلى مستوى بنسبة 90%، وهي النسبة اللازمة لصنع قنبلة نووية. وكانت وكالة الطاقة الذرية قدمت في نوفمبر/تشرين الثاني 2011 تقريرا يشير إلى أن إيران عملت على صنع القنبلة الذرية قبل 2003 وربما بعد ذلك في موقع بارشين العسكري القريب من طهران، والذي تطالب الوكالة بدخوله بدون نتيجة حتى الآن. وترغب الوكالة -التي تحقق بشأن البرنامج النووي الإيراني منذ أكثر من عشر سنوات- في "حل المسائل العالقة" لمعرفة ما إن كان البرنامج النووي الإيراني مدنيا محضا ولا يخفي أي مآرب عسكرية، وهو ما لم تتمكن بعد من تأكيده بسبب غياب التعاون من قبل طهران، بحسب قولها. وقد نفت إيران مرارا أي مسعى لاقتناء السلاح النووي، مؤكدة أن برنامجها سلمي بحت. وبالرغم من صدور ستة قرارات من مجلس الأمن الدولي -أربعة منها مرفقة بعقوبات- فقد استمرت طهران بتطوير برنامجها النووي. إلا أن وصول الرئيس الجديد حسن روحاني في أغسطس/آب الماضي إلى الحكم حمل بعض بوادر الأمل في التوصل إلى حل دبلوماسي للازمة. ففي منتصف الشهر الجاري عرضت إيران في جنيف اقتراحا جديدا على مجموعة "5+1″، بينما رحبت واشنطن بما اعتبرته مقاربة أكثر جدية من قبل إيران. وفي موازاة ذلك أثارت المحادثات التي أجرتها إيران مع الوكالة الذرية في فيينا يوم 27 سبتمبر/أيلول بدورها بعض التفاؤل. ووصفت الوكالة الأممية المفاوضات الأولى مع الفريق الجديد للمفاوضين الإيرانيين بأنها "بناءة للغاية".