بدا معتقل غوانتانامو بكل ما يمثله من سواد في الذاكرة والضمير الإنساني السوداني حاضرا في قاعة كان من المقرر أن يلتقي فيها آخر معتقلين سودانيين عادا منه مع أجهزة الإعلام المحلية والعالمية، لكن مرض أحدهما وتدهور حالته الصحية حالا دون ذلك. ورغم شعور السعادة بعودة كلا من إبراهيم عثمان إدريس ومحمد نور عثمان الذي كان طاغيا منذ إعلان نبأ الإفراج عنهما ووصولهما إلى الخرطوم فجر الخميس، إلا أن السعادة انقلبت إلى حزن وغضب مما أصابهما بعد سماع جزء مما روياه عن سجنهما وسجانيهما. وقد أكد مركز غوانتانامو للعدالة ومنظمة العون المدني استمرار جهودهما بشأن قضية المعتقلين السودانيين "لأجل انتزاع كافة حقوقهما". فإبراهيم عثمان إدريس الذي بدت ملامحه الخارجية في حالة جيدة عجز عن الكلام والنطق إلا بهمهمات قليلة كانت أشد وقعا وألما، ليشير إلى أن الجميع كان يتعرض "لجرعات تقنية من التعذيب"، وأن من يضربون عن الطعام كانوا هدفا لعقاب لا يستثني ساعات النوم أو الصلاة. حالة مستقرة وعبر شقيق محمد نور عثمان عن امتنان أسرته وذويه لمن ساهم في إطلاق سراحه وعودته إلى أرض الوطن، معتبرا أن "جهود الجميع أسهمت في بلوغ هذه اللحظة"، وأكد نور للجزيرة نت استقرار الحالة الصحية لشقيقه " لكنه لا يرغب في الظهور بوسائل الإعلام". وأكد المدير التنفيذي لمركز غوانتانامو للعدالة عادل حسن حمد أن تعاون عدد من المنظمات الإقليمية والدولية ساهم في التسريع بإطلاق سراح المعتقلين، لافتا إلى دعم عدد من المحامين الأميركيين علاوة على التدخل الحكومي السوداني في إنهاء الأزمة. وأكد حمد للصحفيين براءة المفرج عنهما من كافة التهم التي تدعيها الولاياتالمتحدة الأميركية، واعدا بمتابعة حقوق من وصفهم بالمظلومين واستعادتها كاملة. بدوره أعلن المدير التنفيذي لمنظمة العون المدني مصطفى عثمان عبد المكرم سعي منظمته إلى الضغط على الولاياتالمتحدة لرد اعتبار المفرج عنهما وتعويضهما عما أصابهما من سجن وتعذيب وانتهاك لحقوقهما الإنسانية. " عثمان عبد المكرم: المنظمة ستعمل على نقل القضايا الخاصة بالمفرج عنهم لمحاكم دولية أخرى في حال رفضتها المحاكم الأميركية. " محاكم دولية وذكر عبد المكرم للجزيرة نت أن المنظمة ستعمل على نقل القضايا الخاصة بالمفرج عنهم لمحاكم دولية أخرى في حال رفضتها المحاكم الأميركية، مشيرا إلى مشاركة منظمات وشخصيات دولية ومحامين من أميركا نفسها. وتوقع المدير التنفيذي لمنظمة العون المدني نجاح الحملة رقم يقين الجميع بعدم رد بعض الحقوق، وتابع القول " لكننا لن نسكت ولن نغلق هذا الملف سواء اعترفت أميركا أو لم تعترف". أما الفاتح صالح إدريس، أمين أمانة التواصل بحزب المؤتمر الوطني الحاكم فأعلن في تعليق للجزيرة نت استعداد الحكومة السودانية للاهتمام بالمفرج عنهما "بكافة الوسائل المتاحة" لجهة دمجهما في المجتمع في فترة وجيزة. وذكر أن حزبه يفضل مواصلة منظمات المجتمع المدني متابعة ملف سجناء غوانتانامو بما في ذلك قضية التعويضات المطروحة الآن "خاصة وأنها حققت نجاحات". وقد أعلن مدير مستشفى الأمل التخصصي بالخرطوم استقرار " الحالة العامة للمفرج عنهما"، مشيرا في تعليقه للصحفيين إلى إخضاعهما لمزيد من الفحوص الطبية.