أطلق ثوار بنغازي الأحد عناصر من القوات الخاصة والمخابرات البريطانية تسللوا قبل أيام إلى شرق ليبيا، في إطار ما قالت لندن إنها محاولة للاتصال بالقيادة السياسية للثورة التي أغضبتها العملية، رافضة إقامة أي اتصال قبل اعتراف بريطانيا بها. وكانت الحكومة البريطانية قد تحدثت عن "فريق صغير" سعى لمد قنوات اتصال مع المجلس الوطني الانتقالي الذي أعلن تشكيله في بنغازي, إلا أنه وقع في أسر الثوار قبل أن يفرج عنه ويعود إلى بريطانيا اليوم، وفق ما قالته صحيفة الغارديان. وتواترت قبل هذا أنباء عن أن الفريق الذي وصل إلى منطقة صحراوية على تخوم بنغازي قبل أربعة أيام يضم دبلوماسيا، بالإضافة إلى عناصر من الوحدات الجوية الخاصة البريطانية "أس أي أس". وقال مراسل الجزيرة في بنغازي مساء الأحد إن البريطانيين الذين أفرج عنهم هم ثمانية، أحدهم يحمل جواز سفر دبلوماسيا ويتكلم العربية, موضحا أن الثوار قبض عليهم عقب إنزالهم بالمظلات من طائرة مروحية. وكان وزير الدفاع البريطاني وليام فوكس قال في وقت سابق الأحد إن لبريطانيا فريقا صغيرا من "الدبلوماسيين" في بنغازي، وإن لندن على اتصال بهم. كما أن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ تحدث عن وجود فريق دبلوماسي بريطاني في بنغازي, وقال إن الفريق ذهب إلى ليبيا في محاولة لربط اتصالات مع قيادة الثوار إلا أنه واجه "صعوبات", مؤكدا في الأثناء مغادرة أعضاء الفريق ليبيا. وأضاف هيغ أن بلاده تعتزم إرسال فريق آخر إلى ليبيا بالتشاور مع المعارضة الليبية, قائلا إن التحرك الدبلوماسي جزء من عمل أوسع نطاقا تقوم به بلاده في ليبيا, ومكررا مطالبة بلاده للعقيد معمر القذافي بترك السلطة. غير أن مراسل الجزيرة نقل عن المتحدث باسم المجلس الوطني اليبي المعارض عبدالحفيظ غوقة قوله إنه لا يعترض على الحوار مع جهات أجنبية لكن عليهم أن يطلبوا الحوار بصورة رسمية ويدخلوا ليبيا بطريقة شرعية. إذلال وقالت صحيفة الغارديان مساء الأحد إن "المهمة الدبلوماسية" التي سعت من خلالها حكومة ديفد كاميرون إلى الاتصال بالمجلس الوطني الانتقالي في بنغازي قد انتهت ب"الإذلال". وأوضحت أن ستة من عناصر القوات الخاصة "أس أي أس" واثنين من المخابرات الخارجية "أم آي 6″ اعتقلوا عقب وصولهم إلى شرق ليبيا قبل أربعة أيام. وقالت الصحيفة إن المفرج عنهم غادروا بنغازي على متن الفرقاطة البريطانية "أتش أم أس كامبرلاند" التي أرسلت قبل أيام إلى بنغازي لإجلاء رعايا بريطانيين وغربيين. ونشرت الصحيفة البريطانية فحوى اتصال هاتفي بين السفير البريطاني في ليبيا ريتشارد نورثرن ومسؤول معارض كبير في القيادة السياسية للثورة بشأن اعتقال العناصر البريطانية في بنغازي. وخلال الاتصال, وصف نورثرن ما حدث بأنه "سوء تفاهم", في حين قال القيادي المعارض إن قدوم العناصر البريطانية بهذه الطريقة كان خطأ فادحا. ولاحظت الغادريان أن فشل المهمة لم يمنع وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ من الإعلان عن اعتزام لندن إرسال فريق آخر بالتنسيق مع قيادة الثوار الليبيين. معدات تجسس ونقلت عن عضو في المجلس الوطني الانتقالي قوله إن العناصر البريطانية كانت تحمل معدات تجسس وأسلحة وجوازات مختلفة, وإنه كان عليهم ألا يأتوا بينما البلاد تشهد انتفاضة. لكن قيادة الثورة أكدت في الوقت نفسه أن أعضاء الفريق البريطاني تلقوا معاملة جيدة. وأشار القيادي المعارض إلى المخاطر التي حفت بالعملية في وقت يرفض فيه الثوار أي تدخل عسكري خارجي, مشيرا أيضا إلى استخدام القذافي لمرتزقة. وكانت شبكة سكاي نيوز البريطانية قد ذكرت أن الجنود الثمانية كانوا ضمن فريق من 22 جنديا ودبلوماسي واحد أنزلوا بمروحية جنوب مدينة بنغازي, فيما ذكرت الغارديان أنه جرى اعتقالهم في منطقة الخضراء على مسافة 20 ميلا غرب المدينة. وقالت صحف بريطانية في وقت سابق إن الجنود كانوا يرتدون ملابس مدنية ويحملون السلاح، بينما كانوا يرافقون دبلوماسيا يقوم بالتنسيق لزيارة يقوم بها مسؤول أعلى. وأبلغ مسؤول سياسي ليبي من الثوار الجنود البريطانيين -أثناء التحقيق معهم في بنغازي- أن عليهم أن يذكّروا حكومة كاميرون بأنها مطالبة أولا بأن تعترف بالمعارضة بوصفها الممثل الشرعي لليبيين قبل الشروع في أي مفاوضات معها.