مساعدة السعودية في الكشف عن مؤامرة الطرود المفخخة جزء من تحول أمني لندن: «الشرق الأوسط» إخبارية نت مع الكشف عن حقائق جديدة حول المخطط الإرهابي الذي تضمن إرسال طرود مفخخة من اليمن إلى الولاياتالمتحدة عبر شركات الشحن البريدي، برز أمر واحد بصورة ملحوظة: وهو أنه أصبح واضحا أنه من المرجح أن هذه المؤامرة ما كانت لتكتشف من دون المعلومات التي قدمها مسؤولون في الاستخبارات السعودية للولايات المتحدة. ويقول مسؤولون في الاستخبارات الغربية بحسب صحيفة «نيويورك تايمز» إن تجربة المملكة العربية السعودية الخاصة مع الإرهابيين ساعدتها على تطوير أدوات مراقبة قوية، وشبكة واسعة من المخبرين والعملاء الذين أصبحوا ذوي أهمية بالغة في المعركة العالمية على الإرهاب. ووفقا لمسؤولين في الاستخبارات الغربية فإن الاستخبارات السعودية حذرت، هذا الشهر، الحكومة الفرنسية من أن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية يخطط لشن هجوم إرهابي محتمل على أراضيها، كما قدمت المملكة تقارير استخباراتية مماثلة عن تهديدات وشيكة لبلدين أوروبيين آخرين على الأقل خلال السنوات القليلة الماضية. ولقد لعبت المملكة العربية السعودية دورا هاما في التعرف على الإرهابيين في باكستان والصومال والعراق والكويت. ويقول توماس هيجهامر، وهو باحث في مؤسسة الأبحاث الدفاعية النرويجية: «هذه هي آخر مساهمة في سلسلة من المساهمات التي قدمتها الاستخبارات السعودية في هذا الإطار. ويمكن أن يكون السعوديون مفيدين للغاية، لأن الكثير يدور في عقر دارهم، ولأن لديهم ميزانية غير محدودة لتطوير قدراتهم». وقد كثفت السعودية جهودها الساعية إلى جمع المزيد من المعلومات الاستخباراتية عن اليمن منذ العام الماضي، عندما كاد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية ينجح في اغتيال الأمير محمد بن نايف، مساعد وزير الداخلية السعودي والمسؤول الأول عن جهاز مكافحة الإرهاب، حيث قام مهاجم انتحاري تظاهر بأنه جهادي تائب بتفجير قنبلة مخبأة داخل جسده، وقطع نفسه إلى أشلاء بالقرب من الأمير، لكن لم يصبه إلا إصابة طفيفة. وقال ثيودور كاراسيك المحلل في معهد الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري في دبي: «لقد كثف السعوديون جهودهم حقا في اليمن، وأنا لدي انطباع أنهم قد تمكنوا من اختراق تنظيم القاعدة، بحيث أصبح بإمكانهم تحذير الأميركيين والفرنسيين والبريطانيين وغيرهم حول المؤامرات التي يخطط التنظيم للقيام بها قبل وقوعها». ولا يعلق المسؤولون السعوديون على القضايا الحساسة الخاصة بعمل الاستخبارات. وقد برز الدور السعودي في حرب الاستخبارات الخفية في اليمن وذلك بحسب شهادات المراقبين في اليمن وتنظيم القاعدة نفسه، والذي غالبا ما يقوم بنشر جهوده للقضاء على عملاء الأمير محمد بن نايف. وفي العام الماضي قتل الفرع الإقليمي لتنظيم القاعدة مسؤولا أمنيا يمنيا يدعى بسام سليمان طربوش وأصدر التنظيم شريط فيديو للطربوش وهو يتحدث فيه عن شبكة العملاء التي نشرتها المملكة العربية السعودية في محافظة مأرب، التي تعتبر معقل تنظيم القاعدة شرق صنعاء. وفي الآونة الأخيرة، أصدر تنظيم القاعدة شريط فيديو يتضمن تفاصيل نجاحه في خداع اثنين من العملاء السعوديين خلال محاولة اغتيال الأمير محمد بن نايف. ويختلف برنامج المملكة لمحاربة الإرهاب عن نظيره في الدول الغربية بصور ملفتة، حيث يتضمن عنصر «شدة» يضم فرقا من القوات الخاصة تنفذ عملياتها ضد الإرهابيين وتقوم بمراقبة واسعة النطاق لأنشطتهم. كما يتم مراقبة الشوارع الرئيسية في المدن السعودية الكبرى باستمرار عن طريق الكاميرات الإلكترونية والدخول إلى الإنترنت يتم عبر نقطة مركزية تسهل عملية الرصد والمراقبة. لكن البرنامج يتضمن أيضا جانبا «ناعما» يهدف إلى إعادة تثقيف الجهاديين وإعادة دمجهم في المجتمع السعودي. وتدير الحكومة برنامجا لإعادة تأهيل الإرهابيين، يتضمن علاجا عن طريق الفن وإيجاد فرص عمل وزوجات للمدانين السابقين. وقد تعرض هذا البرنامج للإحراج العام الماضي عندما فر اثنان من خريجيه، اللذان كانا أيضا معتقلين سابقين في معسكر غوانتانامو، من البلاد وانضما إلى فرع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وأصبحا من الشخصيات البارزة فيه. لكن مسؤولين سعوديين يدافعون عن البرنامج بصورة عامة، مشيرين إلى أنه قد تخرج من هذا البرنامج 349 خريجا، عاد منهم إلى صفوف الإرهابيين أقل من 20 فقط. إن الخبرة المتنامية للمملكة العربية السعودية في مجال مكافحة الإرهاب إنما هي ثمرة تجربة أليمة عاشتها خلال الفترة ما بين عامي 2003 و2005، عندما شن إرهابيون سعوديون حملة وحشية من التفجيرات داخل المملكة أدت إلى مقتل العشرات من السعوديين والأجانب. ويعترف مسؤولون سعوديون أنه لا يزال أمامهم طريق طويل يتعين عليهم قطعه. وعندما نشرت وزارة الداخلية السعودية قائمة تضم 85 مطلوبا من المتشددين العام الماضي، قالت إن جميعهم خارج المملكة وبعضهم ذهب إلى اليمن. وبعبارة أخرى فإن مشكلة المملكة العربية السعودية أصبحت هي المشكلة نفسها التي يعاني منها العالم أجمع