أطلع الرئيس الأميركي باراك أوباما أعضاء بارزين في الكونغرس على تطورات الوضع في ليبيا، وسيلقي كلمة بهذا الشأن يوم الاثنين وسط تزايد الأصوات الداخلية المطالبة بشرح أسباب مشاركة واشنطن في الحملة العسكرية الدولية في هذا البلد. وقال البيت الأبيض إن أوباما أطلع قادة الكونغرس على التقدم في جهود التحالف الدولي لحماية المدنيين الليبيين وتقويض قدرات قوات العقيد معمر القذافي. ومن بين أعضاء الكونغرس المشاركين في هذا المؤتمر الذي عقده أوباما، الرئيس الجمهوري لمجلس النواب جون بوينر، والسناتور الجمهوري جون ماكين، ورئيسة الديمقراطيين في مجلس النواب نانسي بيلوسي، ورئيس لجنة الشؤون الأميركية السناتور الديمقراطي جون كيري. وأشار البيت الأبيض في بيان إلى أن الرئيس أوباما وفريقه أجروا تقييما للوضع الراهن في ليبيا، بما في ذلك "نقل فرض منطقة الحظر الجوي إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، كما رد أوباما على أسئلة عدة. وعلق بوينر -الذي طلب من أوباما هذا الأسبوع شرحا تفصيليا لإستراتيجيته في ليبيا- على لسان المتحدث باسمه على هذه القضية. وقال المتحدث مايكل ستيل في بيان إن بوينر "ممتن للمؤتمر، إلا أنه لا يزال يرى أن على الإدارة بذل مزيد من الجهود لتوضح للأميركيين الأهداف العسكرية في ليبيا، ودور الولاياتالمتحدة، وكيف يتناسب مع السياسة الأميركية". ومن جهتها، لفتت بيلوسي في بيان إلى أنه بحسب الرئيس وفريقه فإن "التدخل في ليبيا سمح بإنقاذ حياة مدنيين". وحذر أعضاء آخرون في الكونغرس من التكلفة المالية للعملية، في وقت لا تزال فيه القوات الأميركية موجودة في العراق وتخوض حربا في أفغانستان، فيما تواجه واشنطن عجزا هائلا في الميزانية. ورد البيت الأبيض وحلفاؤه الديمقراطيون الأربعاء مدافعين عن خطوة الرئيس أوباما، مؤكدين أن مستقبل العلاقات مع قادة العالم العربي المستقبليين على المحك. ورفض البيت الأبيض مزاعم بأنه لم يجر مشاورات كافية بشأن ليبيا مع الكونغرس الذي يملك السلطة لإعلان الحرب بموجب الدستور الأميركي. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني إنه لو انتظر أوباما عودة أعضاء الكونغرس من عطلتهم الأسبوع المقبل، لربما كان قتل العديد من المدنيين في ليبيا. وينتظر أن تقدم وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ووزير الدفاع روبرت غيتس ومدير الاستخبارات جيمس كلابر ورئيس أركان الجيوش الأميركية الأميرال مايكل مولن -في جلسة مغلقة الأربعاء القادم- تقريرا لأعضاء الكونغرس حول الوضع في ليبيا. القذافي يائس وفي سياق متصل اعتبرت واشنطن أن الاتصالات التي تجريها السلطات الليبية مع مسؤولين دوليين للتوسط في حل الأزمة الليبية تعكس شعورا باليأس لدى نظام القذافي. وفي حديث للصحفيين أشار السفير الأميركي في ليبيا جين كريتز -خلال وجوده في واشنطن- إلى أنه بدا من الواضح أن النظام الليبي يسعى للاتصال بعدة وسطاء "لتمرير رسالة". وكانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أكدت الثلاثاء الماضي أن مقربين من القذافي أجروا اتصالات في مختلف أنحاء العالم بحثا عن مخرج من الأزمة. ومن جهته اعتبر عضو قيادة أركان الجيش الأميركي الأميرال البحري بيل كورتني أن لجوء القذافي لتوزيع السلاح على مدنيين لمحاربة الثوار يدل على مدى الضعف الذي تمر به كتائبه الأمنية. وبشأن المجلس الوطني الانتقالي الذي يمثل الثوار الليبيين، أشار كريتز إلى أنه "بدأ بداية جيدة"، وأن واشنطن تدرس إمكانية الاعتراف به. وأشاد بالوثيقة التي أصدرها المجلس وأيد فيها حقوق الإنسان والمرأة، مضيفا أنه لا يزال يتعين حل عدد من المسائل القانونية حتى يتسنى لواشنطن أن تعترف بالمجلس الوطني. تركيا وفي إسطنبول رحب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بنقل قيادة العمليات العسكرية في ليبيا إلى حلف الناتو، معتبرا أن ذلك يعني استبعادا لفرنسا. وكانت تركيا قد أعربت أكثر من مرة عن انزعاجها من اندفاع فرنسا في مهاجمة أهداف ليبية، وسبق أن اتهمتها بأن لديها "نوايا خبيثة"، وتستغل الفرص لتحقيق مآرب أخرى ليس من بينها مساعدة الشعب الليبي. وأكد أردوغان أنه أجرى اتصالات مع الحكومة الليبية من أجل الحصول على تسهيل لتقديم مساعدات إنسانية عاجلة إلى كافة المدن الليبية الخاضعة لسيطرتها وخاصة مدينة مصراتة. مبادرة وأمس، كشف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عن تحرك مشترك مع بريطانيا لتقديم خطة من أجل حل دبلوماسي بشأن ليبيا، قبل انعقاد المؤتمر الدولي المقرر الأسبوع المقبل بشأن الأزمة الدائرة هناك. وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون إن على الشعب الليبي أن يحدد مستقبل بلاده بنفسه، وأضاف -في لقاء مع الصحفيين عقب قمة أوروبية في بروكسل- أن "الشعب الليبي هو الذي سيحدد مستقبله". وساطة أفريقية من جهة أخرى, أعلن الاتحاد الأفريقي أنه يعتزم التوسط لتسهيل إجراء محادثات بشأن ليبيا. وقال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي جان بينغ في اجتماع بأديس أبابا إن التحرك يهدف لتسهيل الحوار بين الأطراف الليبية بشأن إصلاحات "للقضاء على الأسباب الجذرية للصراع"، وأضاف أن "العملية يجب أن تنتهي بإجراء انتخابات ديمقراطية". كما قال بينغ -في الاجتماع الذي حضره ممثلون عن حكومة القذافي والمعارضة الليبية والولاياتالمتحدةوفرنسا والأمم المتحدة وجهات أخرى- إن "من المهم أن نتفق على مثل هذا النهج لضمان سلام وأمن وديمقراطية دائمة في ليبيا". يشار إلى أن الاتحاد الأفريقي رفض أي شكل من أشكال التدخل الأجنبي في الأزمة الليبية، منذ أن أقر مجلس الأمن فرض منطقة حظر طيران فوق ليبيا الأسبوع الماضي، وبدأت غارات جوية على أهداف عسكرية ليبية.