رغم الجدية التى اكتسى بها ميدان التحرير في "جمعة إنقاذ الثورة" في الأول من أبريل/نيسان الجاري أبدى المصريون كعادتهم روح الدعابة وحس الفكاهة في التعبير عن مطالبهم، عبر اللافتات التي علقوها بأرجاء الميدان أو تحركوا بها في جنباته، أو رفعوها إلى أعلى. فهذه طفلة صغيرة تسير مع أسرتها، ترفع لافتة تقول "مش عايزة مدرستي يبقى اسمها سوزان مبارك.. ده اسم وحش أوي.. عايزة اسمها يبقى مدرسة شهداء 25 يناير".
ومنافسة لها في خفة الدم رفعت طفلة أخرى لافتة تقول "خلي بالك من ثورتك"، لتلخص بذلك الأهداف التي رمى إليها الثوار من الخروج إلى جمعة إنقاذ الثورة، وهي العمل على حمايتها من فلول النظام البائد، والمطالبة بالمحاكمة الجادة لرموزه.
المخلوع وعصابته كما زوجته، كان الرئيس المخلوع مصدر تندر المصريين، وهذا شاب يتحرك بلافتة تقول "الإقامة تكون جبرية مش كوميدية". ومتفقا معه تساءل شاب "مبارك في شرم بيعمل إيه.. هو سائح وإلا إيه". فيما كتب ثالث "نريد محاكمة الرئيس السابق وعصابته، واسترجاع الأموال المنهوبة، وتوزيعها على الشباب .. علشان يتجوز (يتزوج)".
وهذا خطاب آخر، ولكن من الرئيس المخلوع، يحدث فيه المصريين بأسلوبه المحبط "لو بتقولوا الاقتصاد منهار.. شوفوا هترجعوا كام مليار؟!"
وهذه لافتة تخاطب المسؤولين "اللي يتكسف من مبارك ما يجبش منه فلوس"، في إشارة إلى أن من يتولى التحقيق في قضيته هو النائب العام المستشار عبد المجيد محمود الذي أصدر مبارك نفسه قرارا بتعيينه بهذا المنصب.. ما اقتضى من مصرية أن ترفع لافتة "النائب العام.. لا تعليق". وعندما سألها أحدهم : ماذا تقصدين؟ أجابت "لا تعليق".
العقاب المناسب أحد المتظاهرين رأى أن العقاب العادل لمبارك وعائلته هو أن يسكن في شقة مساكن شعبية والمجاري "تضرب فيها"، وأن يعمل جمال مبارك مدرسا بالحصة، ويتمنى التثبيت، وأن يعمل علاء مبارك على نظام عقد تشجير بخمسين جنيها في وزارة الزراعة، وأن تنزل سوزان مبارك إلى سوق الجمعة، وتفاصل الباعة، وأن يقدم مبارك شهادة فقر ليحصل على معاش السادات، وهلم جرا من هموم محدودي الدخل.
القانون الجديد الذي يجرم المظاهرات الفئوية وتتبناه الحكومة الانتقالية الحالية حظي بسخرية لاذعة من أحد الشباب الذي كتب يقول "فئوية دي .. تبقى خالتك"!
السخرية نفسها تعرض لها الحوار الوطني الذي بدأ قبل أيام تحت إشراف نائب رئيس مجلس الوزراء يحيى الجمل، إذ قال أحد المصريين :"نعم للحوار العملي.. ولا للحوار الجملي"، في إشارة إلى تجاهل الجمل لتمثيل شباب الثورة والأحزاب السياسية في الحوار.
المجلس وشرف مطالب المواطنين كانت كثيرة من رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوي، وتناثرت في الميدان لافتات تخاطبه باسمه المجرد "يا طنطاوي شد حيلك.. عيلة مبارك بينا وبينك".
الأرض أيضا نطقت بمطالب الثوار، وعاد الرسامون ليسجلوا عليها المطالب. وهذه رسومات بألوان زاهية تتساءل "أين دور المجلس العسكري من محاكمة أولاد الكلب.. على الهوا".
"ممكن تفهمنا يا دكتور عصام"، تحت هذا العنوان سأل أحد المتظاهرين عبر لافتته عصام شرف رئيس الحكومة الانتقالية "لماذا هذا البطء الرهيب في اتخاذ القرارات التي كان بإمكانها منع حدوث انتكاسات في الفترة الماضية؟". ثم نصحه "يا شيخ.. جمد قلبك، وانشف شوية، ودوس بنزين شويتين".
وكان للقادة العرب مكان في السخرية المصرية، خاصة القذافي، فقد سار أحدهم برسم كاريكاتوري يقول فيه "أنا العقيد معمر الطاسة.. أنا في زنجا سودا".
وخلاصة القول -كما بينت لافتة اكتست بها إحدى عمائر الميدان في رسالة موجهة لشعوب العالم باللغتين العربية والانجليزية- "لن تحكمنا أميركا أو أوروربا بعد الآن.. بالرغم من حبنا الصادق لشعوبهم".