دمشق: عقب ساعات من اعلان الحكومة السورية بدء حوار سياسي في جميع محافظات سوريا بهدف تهدئة الاحتجاجات الشعبية المطالبة برحيل نظام الرئيس بشار الاسد ، حاصرت قوات الامن صباح السبت مدينة تلكلخ التي تبعد عن مدينة حمص 45 كم ، فيما قال شهود عيان ان ثلاثة اشخاص لقوا مصرعهم على الفور اثر اطلاق الرصاص عليهم في حمص. ونقلت هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" عن شاهدة عيان في تلكلخ، قولها: "ان عناصر مشاة من الجيش دخلت البلدة السبت وشنت حملة لاعتقال بعض الأشخاص فيها".
واضافت الشاهدة: "أنا الآن موجودة في منطقة السوق وسط البلدة وأسمع إطلاق نار".
ونقلت وكالة الأسوشييتدبرس للأنباء عن ناشط حقوقي قوله: "لقد قتل ثلاثة أشخاص في حمص واثنان في دمشق وواحد في قرية بالقرب من درعا".
في هذة الاثناء ، تواصل منذ صباح اليوم نزوح مئات المواطنين السوريين معظمهم من النساء والاطفال من بلدة تلكلخ السورية نحو منطقة وادي خالد في شمال لبنان هربا من اعمال العنف، وبينهم مصابون بالرصاص .
وكان تم في وقت سابق نقل جريحين سوريين ، احدهما الى مستشفى رحال في عكار والآخر الى مستشفى السلام في القبيات.
وشهدت مدن عدة تظاهرات سلمية احتجاجية امس، وافادت انباء عن سقوط قتيلين في حمص وثالث في دمشق بنيران اجهزة الامن.
ونقلت قناة "العربية" عن ناشطة حقوقية قولها: "ان قوات الأمن السورية أطلقت النار وقتلت ستة مدنيين في ثلاث مدن سورية خلال احتجاجات يوم الجمعة الذي أطلق عليه اسم جمعة الحرائر".
وأضافت أن أعمال القتل حدثت في مدينة درعا الجنوبية مهد الانتفاضة التي بدأت قبل شهرين ضد نظام بشار الأسد، وأيضا في القابون إحدى ضواحي دمشق ومدينة حمص في وسط البلاد.
وقال ناشط حقوقي آخر "إن قوات الأمن فتحت النار أيضا على مظاهرة ليلية في بلدة الميادين على مسافة 40 كيلومترا شرقي بلدة دير الزور في شرق سوريا"، مما أسفر عن إصابة أربعة أشخاص.
وأضاف أن القمع الأمني تزايد في الأيام القليلة الماضية في المنطقة القبلية قرب الحدود مع العراق حيث يجري ضخ أغلب إنتاج سوريا من النفط.
استكمال الانسحاب
ومن جانبها، أعلنت الحكومة السورية السبت أن عناصر ودبابات الجيش اسكتملت انسحابها من مدينة درعا الجنوبية، وهي بصدد الانسحاب الآن من بلدة بانياس الساحلية غربي البلاد، وأكدت أن "حوارا وطنيا شاملا" سوف يبدأ بعد عودة الهدوء إلى البلاد التي تشهد احتجاجات منذ الخامس عشر من شهر مارس/آذار الماضي.
وقال وزير الإعلام السوري عدنان محمود: "إن وحدات الجيش بدأت بالخروج التدريجي من بلدة بانياس وريفها، كما استكملت عمليات الخروج من درعا وريفها وعادت إلى معسكراتها الرئيسية، وذلك بعد الاطمئنان إلى عودة الأمن والهدوء والاستقرار في تلك المناطق".
وكشف المسئول السوري "أن جلسات الحوار الوطني الشامل سوف تنطلق في كافة أنحاء البلاد ابتداء من الأسبوع المقبل".
وقال عدنان في تصريحات بثها التليفزيون امس الجمعة "ان الرئيس الاسد التقى بكبار الشخصيات المحلية واستمع الى ارائهم فيما يتعلق بما يحدث في سوريا، وقال الايام القادمة ستشهد حوارا وطنيا شاملا في مختلف المحافظات".
واضاف الوزير ان قوات الجيش بدأت الانسحاب من مدينة بانياس الساحلية وانها استكملت انسحابها من مدينة درعا الجنوبية لكن سكانا محليين قالوا انهم شاهدوا دبابات امام مساجد في درعا صباح امس الجمعة.
فيما علق ناشطون بارزون على هذا الحوار بالقول: "ان الحوار لن يكون جادا الا اذا افرجت الحكومة عن الاف السجناء السياسيين وسمحت بحرية التعبير والتجمع".
وقال عارف دليلة الاقتصادي الذي التقى بثينة شعبان مستشارة الرئيس الاسد الاسبوع الماضي ان "هيمنة الجهاز الامني على الحياة في سوريا يجب ان تنتهي حتى يتم تمثيل الاراء المختلفة".
وقال "نحن تعودنا على هذه الحوارات في سوريا حيث يحشد النظام الموالين له في مؤتمر بينما يبقى الرأي الاخر في السجن أو تحت الارض".
ونشر الاسد قواته ودباباته في عدة مدن قبل اسبوعين ليخمد الاحتجاجات بعد ان فشل مزجه في البداية بين القمع ومبادرات الاصلاح ، ومن بينها رفع حالة الطوارئ المفروضة على سوريا منذ 48 عاما ، في انهاء الاحتجاجات.
وفي لندن، أعلنت وزارة الخارجية البريطانية أنها استدعت سفير سوريا وهددت بفرض "عقوبات جديدة" في إطار عمل منسق مع دول أوروبية أخرى احتجاجا على قمع المعارضين للنظام في سوريا.
وقالت الوزارة في بيان إن السفير السوري سامي خيمي "استدعي إلى وزارة الخارجية للإعراب له عن قلق بريطانيا الشديد إزاء الوضع الحالي في سوريا".
وأبلغت لندن السفير السوري بأنه "في حال لم توقف الحكومة السورية قتل المتظاهرين وتفرج عن السجناء السياسيين، فإن بريطانيا مع شركائها في الاتحاد الأوروبي ستتخذ إجراءات جديدة لكي يتحمل النظام مسؤولياته".
وأضاف البيان أن "هذه الإجراءات ستشمل عقوبات جديدة تستهدف أعلى مسؤولي النظام، كحظر سفرهم وتجميد أموالهم".
الأسد "الديكتاتور"
من جهته، وصف نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام الرئيس بشار الأسد ب"الديكتاتور الذي لا يتعلم من تجارب سابقيه من الرؤساء ممن اقتلعتهم الثورات الشعبية من كراسي الحكم".
ونقلت صحيفة "السياسة" الكويتية عن خدام وصفه الرئيس السوري بأنه "وغرس المنافقون من حوله في نفسه مقولة إن الشعب يحبه، وهو غير قادر بحكم غروره وطبيعة تكوينه النفسي على التمييز بين الخطأ والصواب".
واستبعد خدام أن يقوم الأسد بالانقلاب على شخصيات مقربة لدوائر الحكم مثل رامي وحافظ مخلوف وشقيقه ماهر، مضيفا "لا أتوقع أن يقوم بشار بانقلاب على شقيقه ولا أن يفعل ذلك ماهر، وإذا وقع التوتر بينهما فإن أحدهما سيعمل على قتل الاخر".
القتل "التعسفي"
في غضون ذلك، كشفت منظمة أصدقاء الإنسان عن رصدها لعمليات قتل تعسفية بحق سجناء الرأي في المعتقلات السورية، مشيرة الى أنها أيضا رصدت شهادة لامرأة سورية تعرضت لعملية اغتصاب من قبل 5 من المعروفين في سوريا باسم الشبيحة المسلحين.
وأضافت المرأة وفقا للمنظمة : "أنها تعرضت لعملية اغتصاب على يد الشبيحة المسلحين في مدينة بانياس بعد قيامهم باجتياح منزل أسرتها"، مشيرة الى أن ذويها تعرضوا لعمليات تنكيل وتعذيب بسبب محاولتهم إنقاذها.
ودعت المنظمة خلال البيان الرئيس السوري بشار الأسد، الى إصدار تعليمات واضحة لأجهزة الأمن بضرورة الإفراج عن جميع المعتقلين والالتزام بمبادئ حقوق الإنسان في التحقيقات مع المعتقلين.
وكشفت المنظمة أنها رصدت تعرض نحو 16 امرأة سورية من سجناء الرأي لعمليات تعذيب وحشية، مطالبة السلطات السورية والإيرانية أيضا بالكشف عن مصير صحفية قناة "الجزيرة".