ما زلت أتذكر محاولة اغتيال الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريجان على يد الشاب جون هنكلي جونيور في 30 آذار (مارس) 1981، الذي صرح فيما بعد بأنه قام بالعملية إعجابًا منه بالممثلة جودي فوستر ومحاولة لجلب انتباهها، فقد صور لنا الإعلام الأمريكي قبل ظهور كاميرات الجوالات واليوتيوب كيف قام ذلك الجاني بتلك المحاولة، وما هي شخصية الجاني، وعمل الصحافيون مقابلات مع جيرانه وأصدقائه للتعرف على أسباب تلك المحاولة لقتل ذلك الممثل الهوليويدي السابق رونالد ريجان، الذي يعد أكثر الرؤساء الأمريكان شعبية في القرن العشرين. وبعدها بساعات قليلة قام الناطق الرسمي من المستشفى بشرح عملية إخراج الطلقة النارية من جسم الرئيس، وكذلك ما زلت أتذكر شكل الأشعة السينية التوضيحية. والمنطق نفسه عندما شكا الرئيس ريجان من مشكلات في بطنه وأدخل المستشفى، حيث أجروا له عملية استئصال لورم سرطاني في القولون (1985)، ولم تمض ساعات قليلة حتى جاء تقرير أطباء الأنسجة للتأكيد على أن الورم سرطاني، وسيقوم الرئيس بمهامه الرئاسية بعد فترة نقاهة لا تتجاوز الشهر، وبالفعل تم ذلك. ما ذكرت أعلاه هو الوضع في العالم المتحضر، أما في عالمنا العربي فصحة الرئيس هي دائماً (عال العال)! ولا يعرف سيادته المرض.. فقد كان الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر لديه ضيق في الشريان التاجي المغذي للقلب، وكان يعالج من قبل أطباء روس، لكن لم يعرف المواطن المصري أو العربي قصة مرض الرئيس إلا بعد موته بالسكتة القلبية، حيث أوضح الأطباء (بعد التأكد تماماً من عدم رجوعه ومحاسبتهم) أن سيادة الرئيس قد مات بسبب انسداد الشريان التاجي! أما وضع الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، فهي والله أصبحت كقصة المهدي المنتظر الذي اختفى في السرداب ولا يُعلم متى يظهر! فبعد حصول التفجير الذي قالت المصادر الرسمية إنه قصف خارجي واُتُّهِمَ به أناس أبرياء، وصُفِّيت على أثره بعض الحسابات، يأتي التقرير الأمريكي ليثبت أن ذلك التفجير هو من داخل المسجد ولا توجد أدلة على وجود قصف خارجي. وبعد ذلك، جاءنا الناطق الرسمي ليقول: إن الرئيس بصحة جيدة وسيظهر بعد ساعات في خطاب خاص. لكن مرت الأيام والأسابيع وطال الانتظار ولم يظهر سيادته أو يسمع حتى صوته! فلا أدري لماذا لم يتسلم نائب الرئيس اليمني المبادرة كما تسلمها نائب الرئيس الأمريكي ريجان أو الرئيس بوش الأول عندما أدخل للمستشفى وأوكل طيب الذكر ديك شيني بالقيامة بمهام الرئاسة خلال وجوده في العلمية، ويعلن بكل شفافية تفاصيل الحادث والوضع الصحي لسيادة الرئيس صالح! وكم تمنينا أن تقف تلك القصة المهدية عند ذلك الحد، فبعد أن نُقل فخامة الرئيس صالح إلى الرياض لم يظهر تصريح صادق وشفاف عن صحته من أي جهة يمنية أو غيرها، فكل يوم نسمع من المسؤولين الرسميين أن صحة الرئيس بخير، وسيرجع إلى اليمن بعد أيام قليلة، وهم يعلمون تمامًا الوضع الصحي الحقيقي لفخامته. ومن المؤسف أن يأتي تأكيد خبر شدة إصابته وعدم تمكنه من الرجوع إلى اليمن من مسؤولين أمريكان، حتى إن أحد المعلقين في الصحف الإلكترونية كتب بعد التصريح الأمريكي: وعند جهينة الخبر اليقين. أيها السادة شعوبًا وحكامًا، كم نحن في حاجة إلى الشفافية والوضوح، فلا بد أن تكون هنالك آلية متابعة صادقة وشفافة لتوضيح الحقائق وكبت الشائعات.. والله الموفق