يهدي الفلم نفسه إلى أرواح شهداء ثورة 25 يناير، ويبدأ بقصيدة "المرجيحة" التي يقول فيها "ياعم ادريس / يا بو المرجيحة والقواديس / ما جاش الدور؟ عشان يطلع قادوسي لفوق / أبوس النور وأطفي لعلالي شوقي وأغني في الهوي موال / على ورد الخدود والخال / وادوق الحب سحر حلال".. القصيدة للشاعر المصري أحمد فؤاد نجم الملقب بالفاجومي، وتدور أحداث الفيلم حول حياته وهو الذي يبلغ من العمر 83 عاماً، وهو أحد أشهر شعراء العامية المصرية وثوري حتى النخاع.. يتحدث عن أهم المراحل التاريخية والثورية والنضالية في محاربة الاحتلال الإنجليزي لمصر والظلم والقهر والقمع السياسي الذي تعرض له وعمليات اعتقاله وسجنه في ظل حكم ثلاث رؤساء لمصر خلال الخمسين عاماً المنصرمة.. "المساجين لازم صوتها يطلع، ده توجه الدولة الجديد" بهذا يخاطب ضابط القسم دكتور القسم حين هجاه الفاجومي بقصيدة عن معاملته للمساجين في 1959 بعد أن تم احتجازه حين سلّم نفسه وفضح نفسه وأحد زملائه بأنهم قاموا بعملية تزوير، أشعاره في السجن جعلت من حكومة جمال عبدالناصر تقوم بطبع ديوان شعري له على نفقتها وكانت العائدات المالية تعود للشاعر بعد أن تبنت الحكومة هذه الفكرة.. ديوانه وحبسه الأول كان انطلاقة فعليه لأشعاره، فقد تعرف على مساجين سياسيين يحملون الفكر الشيوعي، وحين خروجه تعرف بالصدفة على أحد الشيوعيين في طريق سفره بالقطار، وهنا تم تعريفه بالفنان الكبير الشيخ إمام عيسى.. حكت الأحداث عن علاقة الشاعر برفيق دربه الشيخ إمام وعرضت أهم القصائد التي كتبها ولحنها الشيخ إمام وتغنى بها، متطرقة لعديد من المواقف الثورية لأثنينهما أثناء حكومة عبدالناصر أو حكومة السادات التي أتت قامعة لكل القوميين واليساريين، فتم احتجازهما أكثر من مرة وتعذيبهما لإسكات صوتهما الذي كان يقلق حكومة السادات من ايقاد شعلة ثورة جديدة ضدها.. وبعيداً عن المواقف الإنسانية التي مر بها الفاجومي فقد تعرض لثلاث فجائع الأولى بوفاة تشي جيفارا الذي رثاه بالقول "جيفارا مات / آخر خبر في الراديوهات و في الكنايس والجوامع / وفي الحواري والشوارع وع القهاوي وع البارات / جيفارا مات / واتمد حبل الدردشة والتعليقات / مات المناضل المثال / يا ميت خسارة ع الرجال / مات الجدع فوق مدفعه جوة الغابات / جسد نضاله بمصرعه / ومن سكات".. والثانية حين وفاة جمال عبدالناصر بعد أن شاهد والدته تبكي وتنوح عليه "أنتي تبكي على اللي حبس ابنك" فردت عليه "بكرة تعرف يعني إيه لما عبدالناصر يموت" وحين انسحاب القوات الإسرائيلية من مصر وتحركات الطلاب القومية من أجل مصر تم استدعائهم لإشعال ثورتهم فأنشد " رجعوا التلامذة يا عم حمزة للجد تاني / يا مصر إنتي اللي باقية وانتي قطف الأماني / لا كورة نفعت و لا أونطة ولا المناقشة وجدل بيزنطة / ولا الصحافة والصحفجية / شاغلين شبابنا عن القضية".. أما فاجعته الثالثة فكانت حين بدأت تنشط خلايا الإخوان المسلمين في مصر.. تنتهي الأحداث بالثورة المصرية التي تفجرت أخيراً والتي تنبأ بها الفاجومي قبل ثلاثين عاماً من انطلاقها، وهو حتى الآن من الشعراء المغضوب عليهم من قبل حكومة مرسي.. الفلم من بطولة خالد الصاوى الصديق المقرب للشاعر والذي جسّد شخصيته بعد أن قام بعمل بحث عن تصرفاته, وصلاح عبدالله الذي جسّد دور الشيخ إمام، وهو من تأليف وإخراج عصام الشماع.. ... نقلاً غن صحيفة يمنات العدد (16)