يحكى أنَّ ثعلباً خدع امرأة عجوز كان لديها مجموعة كبيرة من الدجاج داخل غرفة صغيرة إذ أوهم الثعلب هذه العجوز بأنه سيرعى لها دجاجها وسيحافظ عليها وسيعتني بها لتتكاثر وتزداد فصدقت العجوز مقولة الثعلب المخادع الذي استفرد بالدجاج وبطش بهن واحدة تلو أخرى وأبقى على واحدة تركها الثعلب لغرض التمويه إذا ماهرعت العجوز يوما لتسأل عن دجاجاتها التي وعد الثعلب بتربيتهن وزيادة أعدادهن. ولما رآها الثعلب مقبلة إلى غرفة الدجاج بدأ نسج ألاعيبه واستخدام مكره ودهائه وبادرها قائلاً: قفي مكانك ولا تدخلي فإنهن كثيرات جداً أخشى أن تدوسيهن أنا سأقوم بعدهن لك وأنت في مكانك، وهنا أخذ الثعلب يخرج الدجاجة الوحيدة من بيت الدجاج لتراها العجوز ومن ثم يعدها واحدة، ثم يدخلها غرفة الدجاج ثم يخرجها ثانية ويقول اثنتان ثم يدخلها ثم يخرجها ويقول هذه الثالثة ويعيدها إلى غرفتها ثم يخرجها ويقول هذه الرابعة وهكذا دواليك حتى عدَّ للعجوز عدداً كبيراً جداً من الدجاج وما هي إلا واحدة، فاطمأنت العجوز المخدوعة. على هذا المنوال لعب الرئيس اليمني علي صالح على العالم ونجح غير مرة في تمرير مناوراته باتخاذ (لعبة العجوز والدجاج) أرهقهم بمراوغاته وخداعه ولفه ودورانه، حتى اللحظة التاريخية التي كان ينتظرها أطياف الشعب اليمني أسوة بإخوانهم في تونس ومصر لم يسمح بمرورها ، وواصل صالح مسلسله المكسيكي غداة وصول الزياني إلى صنعاء بمناورات جديدة قد يرشح بعدها لنيل جائزة نوبل العالمية في تدويخ أهل الخير فليس ثمة منافسون!!!! نظام صالح بحث على مدى ثلاثة عقود عن مخارج لكل شيء وضحك على ذقون الداخل والجوار والخارج فبعد إطاحته بالإنقلابيين الناصريين في العام 78م أذعن التاريخ لدهاء صالح وألاعيبه حتى أزاحت رياح ثورة التغيير الشبابية التي انطلقت من تونس ككرة الثلج وتزايد حجمها حتى عصفت بعرش فرعون مصر وخيمة القذافي وخداع صالح وصلف بشار ، وحتى يختتم صالح سلسلة مكره وخداعه على الشعب المغلوب على أمره قال إن ثورتي تونس ومصر لايمكن أن تقبل في اليمن وأن هذه الثورة مؤامرة خارجية تقودها واشنطن وإسرائيل ونسي صالح أن المصريين هم الذين فرضوا بوحدتهم وإرادتهم خياراً أذعن له العالم، وانحنت الأنظمة الغربية تحية لهم، مع ما قدمه حسني مبارك لتلك الأنظمة من خدمات جليلة تطايرت بعد أن هبت رياح التغيير وتفجرت براكين الغضب. وعليه فإن الشعب اليمني يكفيه سببا للمطالبة برحيل صالح ماخلفته خطاباته المجنونة التي صبها في آذان الشعب اليمني صباح مساء طوال ثلاثة عقود وماحملته من مراوغات وتزييف بقيت آثارها النفسية على أجساد هذا الشعب المنهك كذبا وخداعا وزورا أصابت معشر اليمانيين بالغثيان حتى التقيوء والقرحة وانهيار الأعصاب من الرصيد الهائل الذي يمتلكه الرجل في قلب الحقائق وتزييفها واللعب على أوتار القاعدة والإرهاب تارة ووصف الثوار بالإنقلابيين على الشرعية الدستورية تارة أخرى وغيرها من تلك الطبخات التي يبرع الإعلام الرسمي في إخراجها صباح مساء حتى يفهم الشعب مقاصد حاكمه التواق للحديث لساعات خاصة إذا ما كان ذلكم الحديث عن القفزات العملاقة التي حققها لشعبه على صعيد العملية الديمقراطية التي جسدها بإزهاق أرواح وتعدي على آمنين وحينها خرجت أبواقه الإعلامية لتبرر القتل وتقلب العلقم حلوا رائقا!! وأجزم أن صالح سيتمسك غدا لدى توقيعه على المبادرة الخليجية -إن لم يقل لهم لحظتها فاتكم القطار- سيتمسك ببند يتيح له الظهور إعلاميا لإلقاء خطاباته المهترئة حتى لوكان خارج اللعبة لأن الرجل عشق الميكرفون وهام في حب الحشود التي تصفق بعد كلماته مرددة الشعب يريد علي عبدالله صالح!!!! إذا فالمحاولات الحثيثة التي يبذلها الرئيس اليمني علي عبد الله صالح للبقاء في السلطة التي تربع على عرشها لأكثر من ثلاثين عاما لا تبدو مستغربة من رجل ظل يجيد المناورات واللعب على كل التناقضات والأوراق والحبال في اليمن ، غير أن ثورة الشباب فضحت زيفه وكشفت غطاء ألاعيبه ومناوراته بعد أن وحدت البلاد شمالا وجنوبا بانضمام كل أطياف المعارضة وقادات الجيش ومشائخ القبائل والدبلوماسيين على قلب رجل واحد ينادي (إرحل) . لذلك فإن رفض وموافقة صالح على المبادرة الخليجية التي حظيت بقبول دولي وإقليمي وعربي يعد الفصل الأخير في مسلسل المكر والخداع والمناورة والفرصة الأخيرة التي إذا ماأضاعها صالح سيندم عليها الدهر كله بعد أن قال الشعب اليمني كلمته في حكمه التائه بين رغبات أميركا ونزوات أسرته الحمراء التي أكلت الأخضر واليابس وأتت على مقدرات البلاد لعلمه الأكيد أن وقت الحساب قريب وأن رياحا أعتى ستهب لتقتلع أركان نظامه ولن يطول الوقت كثيرا قبل أن يواجه صالح وأذنابه وأركان حكمه عدالة القضاء على الكثير من الانتهاكات التي ارتكبها بحق الشعب.. أخيرا صدق شوقي إذ قال في إحدى روائعه الشعرية (مخطئ من ظن يوما أن للثعلب دينا)؟؟؟؟