• لا يوجد رئيس في الدنيا تكفي خطاباته للمطالبة برحيله وعزله فوراً بل ومحاكمته كعلي عبد الله صالح.. تناقضات مثيرة للضحك لدرجة أنه يخيل لي أحياناً أن الرئيس يعمل ضد نفسه ! فبعد خطاباته القديمة عن التتار ومحاولة المعارضة سرقة البنك المركزي أطل علينا الأسبوع الماضي ليفتي بحرمة الاختلاط ويوصي المشترك بضرورة منعه لأن الشرع لا يقره! يا إلهي! الشيطان أصبح واعظاً .. وهاهو يتقمص دور ثعلب أحمد شوقي – أمير الشعراء وليس زميلنا الصحفي ! – لكن الشعب اليمني فقه الحكمة الأميرية : «مخطئٌ من ظنّ يوماً أن للثعلب ديناً». لعل رئيسنا الواعظ نسي فضائحه الموثقة في «ويكليكس» وهو يوصي عبر التلفون رئيس إحدى دول الجوار بضرورة أن يكون الويسكي المهرب منها لليمن «من النوع الجيد».. يظهر أنه لا يحب النوع الرديء ! .
• من عادة المستبدين لدغدغة مشاعر الجماهير – بحسب صاحب «طبائع الاستبداد» – توظيف الدين سياسياً. امتطاؤه لأغراض نفعية خسيسة، اتخاذه وسيلة لخداع الشعوب التي يحرصون على تجهيلها واستمرار أميتها. وهذا هو حال معظم الزعماء العرب ؛ وإلا بماذا نفسر نسبة الأمية المخيفة في الوطن العربي 70 بالمائة، رغم مرور عشرات السنين على اندلاع ثورات النخب في خمسينيات وستينيات القرن المنصرم. • ولعل أحدث مراوغات علي عبدالله صالح وألاعيبه نجاحه في تضمين مبادرة الخليج بنداً يتضمن فضّ الاحتجاجات والاعتصامات فوراً؛ لكن شباب الثورة كانوا أكثر ذكاءً ودهاءً من دهاقنة وشياطين السياسة – حد تعبير جمال ريان – فرفضوا المبادرة جملةً وتفصيلاً خصوصاً بندها المخاتل جداً آنف الذكر. وبذلك أرسلوا رسالة أخرى ضمنية لأحزاب المعارضة المتفاوضة في الرياض - لعلها ستفهمها بعد فوات الأوان كما فعل زين الهاربين - مفادها «أحزابكم ليست قوية في ذاتها ؛ ولكنها تكتسب قوة لا متناهية حين ترتبط بآمال الجماهير».
• أما «العم علي» فلا أظنه سيفهم – كما هي عادته – أن الشعب عرف طريقه، وقال كلمته واستقر في عقله الواعي والباطن أنه أقوى من كل رئيس وقائد وأنه هو الصانع الحقيقي للزعماء بلا منازع. وأن روحه الجبارة وضمان انتصاره يكمن في سلمية ثورته واستمرارية اعتصاماته في الشوارع والساحات حتى تتحقق جميع الغايات التي خرج لأجلها، وحتى يرى أهداف ثورته تزهر وتثمر في كل شبرٍ من ربوع اليمن الحبيب؛ فهو الضامن الوحيد لعدم تكرار مأساة ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر اللتين قتلهما المجرمون سرّاق الثورات خنقاً ومازالتا في المهد.