ظهرت ساحة التغيير بالعاصمة اليوم على غير عادتها من توافد للمواطنين للمشاركة في الاعتصام ، أو الشخصيات البرلمانية والاجتماعية والعسكرية . ومع الساعة التاسعة صباحاَ افتتح الشباب منصتهم بالنشيد الوطني وقراءة الفتاحة على أرواح ضحايا ساحات التغيير، والأناشيد الوطنية للفنان أيوب طارش. تبدأ الحياة اليومية في ساحة التغير بالعاصمة صنعاء مبكرا، شأنها شأن الحياة الريفية التي توافد منها مئات الشباب. ورغم بساطة وسائل الحياة اليومية للمرابطين في الساحة التي تبدأ من فراش النوم حتى أدوات الطباخة في بعض الخيام، الا أن سبل التعايش اليومي للشباب تختلف باختلاف عاداتهم وثقافة القرى والمحافظات التي قدموا منها. ففي خيام أبناء القبائل، حيث تخيم الزوامل على أجوائها، تجد العشرات من أبناء القبيلة يتجمعون في الخيمة ويتبادلون الحديث عن الأمطار والزراعة في القرية، في حين يتواصل الشيوخ مع أهاليهم في القرى بالسؤال عن أحوال مواشيهم ومن يهتم بهم، لكنهم مع ذلك لم ينسوا الحديث عن شئون السياسية والأحداث الساخنة في ساحة التغير، فتجد البعض يفصل الأحداث كما لو كان خبير في الشئون السياسية رغم قلة تعليم بعضهم التي لم تتجاوز المرحلة الإعدادية- كما يقولون. في خيام أخرى تصنف في نطاق القبائل تجد الناس في الخيام يعكفون على تلاوة القرآن الكريم، وآخرين يتجمعون حول أجهزة التلفزيونات المنتشرة في العديد من الخيام . تحتل قنوات إخبارية ك(الجزيرة- سهيل – العربية- BBC- فرنسا 24) اهتمام المشاهدين، طبعا بحسب مساحة تغطية تلك القنوات لأحداث اليمن، وشعور المشاهد بأن القناة قريبة منه كما يقول أحد أبناء قبائل البيضاء (سعيد البيضاني)، مصنفا قناة الجزيرة بالأولى. في خيام طلاب الجامعات تجد لعبة الشطرنج والورق وغيرها من اللعاب المعروفة مجالا لقضاء صباحهم، في حين يقضي البعض وقته في نشاطات اللجان الخدمية والأمنية. في خيام متعددة تجد من يتابع الصحف، وقلة يمتلكون أجهزة الكمبيوتر المحمول يقضون صباحهم في الدردشة عبر الانترنت، ومتابعة المستجدات على الساحة. في خيام الناشطات تجد الحركة أكثر، وهي كما تصفها الناشطة والدكتورة (أمال حجر) غير مستقرة "بعضنا يأتي بالمساء وبعضنا في الصباح وبالعصر لكن بعد أحداث الجمعة الدامية قررنا البقاء هنا" . ينظم الناشطات في الميدان-بحسب حجر- فعاليات ويسيرون مسيرات لمناصرة أمهات الشهداء، كما يقومون بخدمات اللجان الأمنية المخصصة بالنساء، وعمل مأكولات وتوفير كعك للمرابطين في الميدان من الجنسين، كما يقمن بتنظيم دورات تدريبية بهدف التوعية السياسية والقانونية وتقريب التعايش بين الناس على اعتبار أن الساحة كما تصفها تمثل مختلف شرائح وفئات المجتمع اليمني. في المنتديات الثقافية، حيث أبناء القرى الوافدين على الساحة يتزاحمون عليها، تقوم بعمل دورات تدريبية حول التنمية البشرية وتطوير القدرات، وتسهم تلك المنتديات في توعية الشباب الراغبين في تطوير مهاراتهم وقدراتهم، باستخدام وسائل التدريب الحديثة كالبروجكتر. في بعض الخيام خصوصا تلك القريبة من محطة السنباني يقوم شباب بإعداد الفطور والغداء والعشاء لبعض المرابطين في الساحة، في حين يرسم الأطفال لوحاتهم المفضلة على امتداد المساحات الشاغرة في الساحة، لكن تظل تلك اللوحات التي تكون في الغالب برصف الحجارة مع بعضها تعبير عن غضبهم ومطالبهم التي قدموا من أجلها . تلك ابرز ملامح الحياة اليومية في ساحة التغير صباحا التي يخيم عليها تجمع الناس حول إذاعة الساحة للاستماع لأخر أخبار الاستقالات والأناشيد الوطنية وغيرها من البرنامج اليومي للإذاعة، لكن الوضع يختلف مع بدأ فترة الظهيرة حيث تضعف الحركة في الساحة، ويتورئ الناس خلف الخيام ثم للمقيل. في حين تعود الحركة رويدا إلى الساحة مع ميلان الشمس للغروب وتبدأ مسائها كيوم جديد، تختلف فيه البرامج وتتحول المنتديات الثقافية إلى مجلس مقيل سياسية يناقش فيها السياسيين البارزين على الساحة مستقبل البلاد بعد الثورة ، كما تغلب على برامج الإذاعة الترفيه من مسرحيات وأناشيد وشعر وغيره ليسود الهدوء مجددا بعد انقضاء نصف الليل الأول.