رغم ان الأرامل تتقاضى 100 دولار شهرياً بالعراق بينما يتسلم اللاجئون في سوريا 200 دولار من الأممالمتحدة .. فقد ارغم اللاجئون العراقيون على مغادرة سوريا هرباً من جحيم العنف هناك، إلا أنهم وجدوا أنفسهم لدى بلوغهم العراق أمام تحدٍّ من نوع آخر يتمثل بالعيش في بلاد تفتقر إلى خدمات أساسية وتعاني من البطالة وغلاء السكن. وتقول فاتن محمد حسين، وهي أرملة في ال46 من العمر: "في سوريا الحياة أسهل بكثير عما هو الحال عليه في العراق، فهناك يمكن العيش في منزل ب200 دولار في الشهر، والعثور على عمل بسهولة، في حين أن العمل هنا صعب، والسكن غالٍ جداً"، وتتساءل: "ماذا أستطيع أن أعمل حتى أوفر لقمة العيش لولدي؟". وتوضح حسين أنها كانت تعمل في إحدى المؤسسات الحكومية وتعيش في الموصل شمال بغداد، قبل أن تتلقى تهديدات دفعتها إلى اللجوء الى منزل شقيقتها في بغداد لفترة قصيرة قبل فرارها إلى سوريا عام 2006. ووصلت حسين إلى العراق يوم السبت الماضي على متن حافلة قادمة من سوريا، وهي تقطن حالياً في بيت شقيقتها في شرق بغداد، وهو بيت صغير جداً يكاد لا يتسع حتى لأولاد شقيقتها الخمسة. الوضع الاقتصادي في سوريا أرحم للعراقيين وإلى جانب العنف الذي يختبره العراقيون يومياً منذ 2003، يعاني العراق من نقص كبير في الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والمياه النظيفة، فيما يعتبر العراق أحد أكثر دول العالم فساداً. وتبلغ نسبة البطالة في العراق 12% بحسب أرقام رسمية، و30% وفقاً لأرقام غير رسمية، وسط ارتفاع مستمر في أسعار المواد الغذائية خصوصاً، وغلاء في إيجارات السكن في بلاد تعاني أصلاً من أزمة سكن خانقة. وقد أعلن رئيس هيئة الاستثمار العراقية سامي الأعرجي، الأحد، أن بغداد بحاجة إلى 750 ألف وحدة سكنية جديدة لمواجهة أزمة السكن الحالية، فيما تقول وزارة الإسكان أن العراق بحاجة إلى أكثر من مليوني وحدة سكنية. وتدفع دائرة الرعاية الاجتماعية في العراق للأرامل 120 ألف دينار (نحو 100 دولار) شهرياً، في حين أن إيجار أي سكن لا يقل عن 400 دولار. وفي مقابل ذلك، يتسلّم معظم اللاجئين العراقيين في سوريا رواتب من الأممالمتحدة تبلغ 200 دولار في الشهر الواحد يدفعها معظم اللاجئين ثمناً للإيجار، ويتلقون أيضاً حصصاً غذائية، ويتمتعون بالكهرباء والمياه النظيفة. ورغم تصاعد العنف في سوريا، يرفض لاجئون عراقيون العودة إلى بلادهم في ظل هذه الظروف. وتؤكد فاتن حسين أن "هناك لاجئين يفضلون الموت على العودة دون مأوى وعمل". وعود بالصفح عن العائدين وتشهد الحدود بين سورياوالعراق حركة عودة كثيفة للاجئين العراقيين الذين يبلغ عددهم ما بين 100 ألف و200 ألف شخص، بحسب المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ. وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي دعا الأممالمتحدة يوم الجمعة الماضي إلى "التدخل العاجل" لحماية العراقيين الموجودين في سوريا ومساعدتهم في العودة إلى بلادهم بأسرع وقت. وقبل ذلك، دعت الحكومة العراقية مواطنيها المقيمين في سوريا الى العودة سريعاً للعراق، حيث أكد المالكي أنه سيتم "الصفح" عن العراقيين العائدين "الذين اتخذوا مواقف سلبية ولم يتورّطوا بسفك دماء الأبرياء". غلاء أجرة حافلات العودة إلى العراق وتقول حسين إن "العراقيين الذين بقوا في سوريا انقطعت بهم السبل، وهناك من ليس لديه القدرة على دفع أجرة الحافلات التي أصبحت غالية جداً بعد أن بدأت عملية استغلال للوضع المتردي". وتضيف أنه قبل أن تفرّ من سوريا "كنا نسمع انفجارات واشتباكات لكن أصواتها بقيت بعيدة، الى أن تفاجأنا صباح الثلاثاء بمعارك في جميع أحياء دمشق، والجيش النظامي أصبح عدائياً لدرجة أنه أطلق النار على امرأة خرجت لجلب الحليب لابنها". وتتابع "اليوم أنا هنا، وكل ما أريده هو أن أعمل، حتى لو كان هذا العمل يعرضني للموت لكنني أريد أن أعيش من دون أن أضطر الى أن أمد يدي لأحد". العربية نت