لم أكن أفكر في لحظة ما أن أدون ملاحظتي عبر سلسلة مقالات قصيرة , لكن ثمة أمر أرغمني على ذلك , صنعاء لم تعد تلك المدينة الهادئة والعفيفة , لكنها تعرضت للغزو عبر موضات وصرخات متنوعة, وبدأت تحمل في أحشاء شوارعها وبنايتها "قلوب ملتهبة" تتنكر لقيم المجتمع وقيم الإسلام . الفضائيات والإنترنت غزت عقول فتياتنا كثيراً وبدأ العديد منهن في مواجهة صريحة مع أنفسهن والمجتمع . في زيارتي الأخيرة لصنعاء وأنا قادمة من لندن ,قمت بزيارة أكثر من معلم في العاصمة , منها الحدائق وبعض مراكز التسوق, إضافة إلى الشوارع العامة . أنا كمغتربة في دولة أوربية قد تكون لدي ثقافتي الخاصة في مجتمع غربي , رغم إني من أسرة محافظة نوع ما على قيمنا وتقاليدنا قدر ما نستطيع , لكني فوجئت أن هناك فتيات يحاولن أن يكسرن كل حواجز القيم , وأعراف المجتمع . … سمعتها تضحك بصوت مرتفع وتقول أين أنت أنا موجودة في الحديقة , كانت بجواري , رغم أنها كانت تلبس " البالطو والبرقع" لكن ثمة أنوثة حارقة تتطاير من ذلك الجسد , فتاة في أوائل العشرينات من العمر , لاحظت أمراً عجيبا في ملبسها لم يعد ما تلبسه حجاب كما هو المعتاد , لقد تحول جسد تلك الفتاة في تلك الحديقة إلى بؤرة تركيز لكل من وقعت عينه عليها . إن ما تلبسه كان يظهر مفاتن شابه متعطشة للحياة أكثر مما يخفي , ناهيك عن ذلك المكياج الذي أحال تلك العيون كما قال أحدهم وهو يمر معلقا لصديقة " أنظر يكفيك العيون " معها عيون قتاله " ضحكت في نفسي لذلك المشهد , رغم أنه أحزنني كثيراً. لقد شعرت بالحرج الكبير وأنا أجلس مع عدد من أسرتي في ذلك المكان من عيون الذئاب التي كانت تجول وتصول متجاوبة مع كل ملامح الإغراء النارية من تلك الفتاة سواء الملبس أو المكياج أو حتى ذلك النوع من العطر الفواح الذي ربما يستخدم في غرف خاصة وفي ليال حمراء كما يقال. لم يكن ذلك المشهد هو الوحيد الذي يمكن أن أبني علية بعض تشاؤمي ,لكن كنت ألاحظ أن هناك الكثير من القيم بدأت تفقدها الفتاة في المجتمع في العاصمة صنعاء. فتيات صغيرات في أوائل العمر , يفترض بهن أن يكن مشغولات بهموم الدراسة والعلم أو قضايا الطفولة , لكن تجد بعضاً منهن من تقدم نفسها أو لنقل تستعرض أنوثتها ٍقبل أوانها سواء عن طريق الملبس أو طريقة عرض بعض المفاتن الأنثوية كتسريحات الشعر مثلا. لقد شعرت أن ثمة طوفان عاطفي مغطى بالكبت والحرمان يغزو صنعاء بصمت , لكنه غزو ربما يدمر كل قيم الفضيلة في المجتمع , وربما ينعكس بتداعيات سلبية عليه. هناك مسئولية كبيرة على الأسرة في مراقبة ومتابعة بناتهن خاصة في سن المراهقة , على تلك الأسر أن لا يجعلوا من الشوارع والمنتزهات لتنفيس الكتم والحرمان العاطفي. هناك من تخرج من بيتها للتحول إلى شيطان يغوي في طريقة ألف عابد وسالك وغير آبه لغويات بنات الشيطان. هناك من ينقل ثقافات الفضائيات والمسلسلات إلى ثقافة واقعية تمشي على ألأرض , خاصة من أسر ربما تكون تفتقد إلى الكثير من الوعي والتعليم , ليس التطور أن نقلد قيم غيرنا أو نمارس كل ما نشاهده خاصة في قضايا الإغراء . أبائي تنبهوا جيدا .. فثمة بركان عاطفي قادم يجب أن يتم إخماده قبل أن ينفجر بصور حارقة لكل قيمنا .