صرخة في وجه الطغيان: "آل قطران" ليسوا أرقاماً في سرداب النسيان!    كتاب جديد لعلوان الجيلاني يوثق سيرة أحد أعلام التصوف في اليمن    أبو الغيط يجدد الموقف العربي الملتزم بوحدة اليمن ودعم الحكومة الشرعية    البنك المركزي بصنعاء يحذر من شركة وكيانات وهمية تمارس أنشطة احتيالية    الكويت تؤكد أهمية تضافر الجهود الإقليمية والدولية لحفظ وحدة وسيادة اليمن    صنعاء.. تشييع جثامين خمسة ضباط برتب عليا قضوا في عمليات «إسناد غزة»    صنعاء توجه بتخصيص باصات للنساء وسط انتقادات ورفض ناشطين    وطن الحزن.. حين يصير الألم هوية    فقيد الوطن و الساحة الفنية الدكتور علوي عبدالله طاهر    حريق يلتهم مستودع طاقة شمسية في المكلا    مصر: نتنياهو يعرقل المرحلة الثانية من اتفاق غزة    إصابة مواطنين ومهاجر إفريقي بقصف متجدد للعدو السعودي على صعدة    حضرموت تكسر ظهر اقتصاد الإعاشة: يصرخ لصوص الوحدة حين يقترب الجنوب من نفطه    تحليل في بيانات الحزب الاشتراكي اليمني في الرياض وعدن    القائم بأعمال وزير الاقتصاد يزور عددا من المصانع العاملة والمتعثرة    البنك المركزي اليمني يحذّر من التعامل مع "كيو نت" والكيانات الوهمية الأخرى    توتر جديد بين مرتزقة العدوان: اشتباكات مستمرة في حضرموت    الرشيد تعز يعتلي صدارة المجموعة الرابعة بعد فوزه على السد مأرب في دوري الدرجة الثانية    صنعاء.. تشييع جثمان الشهيد يحيى صوفان في مديرية الطيال    لحج.. تخرج الدفعة الأولى من معلمي المعهد العالي للمعلمين بلبعوس.    هيئة التأمينات تعلن صرف نصف معاش للمتقاعدين المدنيين    مدرسة الإمام علي تحرز المركز الأول في مسابقة القرآن الكريم لطلاب الصف الأول الأساسي    صنعاء تحتفل بتوطين زراعة القوقعة لأول مرة في اليمن    المحرّمي يؤكد أهمية الشراكة مع القطاع الخاص لتعزيز الاقتصاد وضمان استقرار الأسواق    تعز أبية رغم الإرهاب    3923 خريجاً يؤدون امتحان مزاولة المهنة بصنعاء للعام 2025    صدور كتاب جديد يكشف تحولات اليمن الإقليمية بين التكامل والتبعية    بالفيديو .. وزارة الداخلية تعلن دعمها الكامل لتحركات المجلس الانتقالي وتطالب الرئيس الزبيدي بإعلان دولة الجنوب العربي    ميسي يتربّع على قمة رياضيي القرن ال21    استثمار سعودي - أوروبي لتطوير حلول طويلة الأمد لتخزين الطاقة    الأميّة المرورية.. خطر صامت يفتك بالطرق وأرواح الناس    باكستان تبرم صفقة أسلحة ب 4.6 مليار دولار مع قوات حفتر في ليبيا    أرسنال يهزم كريستال بالاس بعد 16 ركلة ترجيح ويتأهل إلى نصف نهائي كأس الرابطة    تركيا تدق ناقوس الخطر.. 15 مليون مدمن    ذا كريدل": اليمن ساحة "حرب باردة" بين الرياض وأبو ظبي    نيجيريا.. قتلى وجرحى بانفجار "عبوة ناسفة" استهدفت جامع    سلامة قلبك يا حاشد    المدير التنفيذي للجمعية اليمنية للإعلام الرياضي بشير سنان يكرم الزملاء المصوّرين الصحفيين الذين شاركوا في تغطية بطولات كبرى أُقيمت في دولة قطر عام 2025    الصحفي المتخصص بالإعلام الاقتصادي نجيب إسماعيل نجيب العدوفي ..    الجزائر تفتتح مشوارها بأمم إفريقيا بفوز ساحق على السودان"    تعود لاكثر من 300 عام : اكتشاف قبور اثرية وتحديد هويتها في ذمار    ضبط محطات غير قانونية لتكرير المشتقات النفطية في الخشعة بحضرموت    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل في مشروع سد حسان بمحافظة أبين    الحديدة تدشن فعاليات جمعة رجب بلقاء موسع يجمع العلماء والقيادات    هيئة الزكاة تدشن برامج صحية واجتماعية جديدة في صعدة    "أهازيج البراعم".. إصدار شعري جديد للأطفال يصدر في صنعاء    دور الهيئة النسائية في ترسيخ قيم "جمعة رجب" وحماية المجتمع من طمس الهوية    تحذير طبي برودة القدمين المستمرة تنذر بأمراض خطيرة    تضامن حضرموت يواجه مساء اليوم النهضة العماني في كأس الخليج للأندية    الفواكه المجففة تمنح الطاقة والدفء في الشتاء    تكريم الفائزات ببطولة الرماية المفتوحة في صنعاء    هيئة المواصفات والمقاييس تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    تحذيرات طبية من خطورة تجمعات مياه المجاري في عدد من الأحياء بمدينة إب    مرض الفشل الكلوي (33)    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحلة في عقل صحفي وأديب حضرمي "الحلقة الأولى"

لمعت بذهني فكرة إجراء سلسلة حوارات مع أدباء وكتاب وصحفيين وشعراء حضارمة لهم بصماتهم في الحركة الأدبية في ساحتنا الحضرمية ،كلما حانت لي الفرصة القيام بذلك دون التزام صارم بموعد أقيد نفسي به ، والمهم في هذا أن نناقش معهم الهم الثقافي والإعلامي بكل أبعاده وتخصصاته ، في تحريك للمياه الراكدة وكذا معرفة كنه ما يدور في أعماق كل واحد منهم ، وكيف يرى الواقع الأدبي والإعلامي من منظوره الشخصي ، وبظني إن مثل هذه الحوارات ستؤتي ثمارها بخلق وعي إعلامي و ثقافي يستفيد منه القراء ، بعد أن بات واضحاً بأن هناك أزمة في المشهد الثقافي العام ، من خلال انحسار الأعمال الأدبية بوفرتها في عقود سابقة ، وقلة الناتج ، وعزوف مجتمعي في التفاعل مع النخب المثقفة ، وضآلة النشاط النقدي وفاعليته .. مما أستوجب التفكير بضرورة تنشيط عقول أدبائنا وتحريرها من الجمود الذي أصبح سمة من سمات هذه الفترة العصيبة التي تمر بها حضرموت ، ولعل لذلك أسباباً موضوعية وذاتية ، يمكن أن تأتي بها ردودهم وفك عقدة ألسنتهم التي أصابها الوجوم .. وصرفتهم بعيداً نتيجة لما يلقاه المبدع من تهميش من رجل السياسة بل تجاهل تام لإبداعاته التي لم تلق الاهتمام البتة .
نبدأ الرحلة بمرافقة الكاتب والصحفي والأديب والشاعر : علي عمر الصيعري الذي يعد قامة صحفية مشهورة في الساحة الحضرمية والحوار معه شائق ولا شك ، فقد حزمت أمري لخوض غمار نقاش معه والإبحار في عقل هذا الأديب الحضرمي الذي كتب كثيراً من المقالات وقال كثيراً من الشعر ، وتقلد مناصب ومسئوليات ، نستعرضها في هذه السيرة الذاتية للحياة الشخصية والمهنية :
* من مواليد عام 1954م بمدينة المكلا م/ حضرموت .
* متزوج وأب لأربعة أبناء وبنت.
* درس الابتدائية والوسطى في المكلا وأكمل الثانوية في عدن.
* حاصل على شهادة البكلاريوس في العام 1975م.
* حاصل على دبلوم عال في الصحافة النقابية من ألمانيا علم 1983م.
* له اهتمامات مبكرة بالصحافة المدرسية منذ المرحلة الابتدائية ( مجلات حائطية(.
* عمل ب ( مجلة الجندي) التابعة للقوات المسلحة بعدن فور تخرجه عام 1975م سكرتيرا لتحريرها. من مؤسسي نقابة الصحفيين اليمنيين الديمقراطيين بعدن مايو 1976م .
* انتقل إلى صحيفة الشرارة الحضرمية عام 1977م وعمل مشرفا للتحرير ثم مديرا للتحرير إلى ديسمبر 1992.
* من مؤسسي جمعية الأدباء الشباب بحضرموت ثم رئيساً لها عام 1982م ومن خلالها قدم للمجتمع نخبة من الشعراء والأدباء المرموقين حاليا منهم د. سعيد الجريري, ود. عبد القادر باعيسى, و د. أحمد سعيد عبيدون, و د. عبده بن بدر وآخرون.
* انتخب رئيسا لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين بحضرموت 1993-1997م
* رأس مجلة ( آفاق) لسان حال أدباء وكتاب حضرموت خلال 1993-1997م
* كلف في صنعاء أبان حرب صيف 1994م بالإشراف على إصدار صحيفة المسيلة تحت رعاية الأستاذ عبد القادر باجمال, في 7 يوليو 1994م, ووضع أول ( ماكيت) للصحيفة (
* عمل مديرا عاما لوكالة أنباء سبأ في المكلا 1994-1995م.
* مديرا عاما لدار باكثير للطباعة والنشر 1995-1998م,
* رأس تحرير صحيفة ( المسيلة) 1998- 2003م.
* له إسهامات كثيرة في الصحافة الحزبية والرسمية والمستقلة ( الميثاق,الثورة, الأيام, الجمهورية , الجمهور, 26 سبتمبر, 14 أكتوبر،وشبام ..
* عضو نقابة الصحفيين اليمنيين
* عضو اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين
* عضو اتحاد الأدباء والكتاب العرب.
* حاز على عدد من الشهادات التقديرية
* كُرم في يونيو 2009 من قبل نقابة الصحفيين اليمنيين من ضمن 14 رائدا للصحافة في عموم الجمهورية ممثلا عن حضرموت.
* عُين مستشاراً لمحافظ محافظة حضرموت للشئون الإعلامية في أكتوبر 2012م
* له ديوان تحت الطبع بعنوان ( النهر العصي) وسبق وان نشر له ديوان مشترك مع بعض الشعراء حمل عنوان ( اشراقات).
* يعكف حاليا على تأليف كتاب حول المشهد الصحفي بحضرموت (1950- 1967م) .
بعد استعراضنا هذه السيرة الذاتية للأستاذ علي عمر الصيعري التي ضمت كل نشاطاته الإبداعية في كافة المجالات وكذلك المواقع والمراكز التي تبوأها باقتدار .. فأن الحديث معه ذو شجون وشائق لا تتسع له حلقات إذا أردنا أن نتناول إشكاليات الصحافة والأدب في ساحتنا الحضرمية .
استقبلني "أبو أمجد " في شقته ،التي استأجرها، بود وبسعة صدر على رغم ضيق الوقت وانشغاله ، وبمجرد أن دخلت صومعته الفكرية وجدت كوماً من الأوراق المكتوبة على طاولة مكتبه ، فرآني أبحلق في تلك المسودات دون الاقتراب منها ، فقال لي وهو يبتسم : أستاذ علي : هذه مسودات لكتابي القادم الذي أعكف على تأليفه عن ( المشهد الصحفي بحضرموت 1950 – 1967 م ) .. فمددت يدي لمصافحته تأييداً له على هذا الجهد الذي يبذله في هذا المنحى .. لأن حضرموت بحاجة لمثل هذه الجهود من قبل الخيرين من أبنائها الكرام . وبعد أن أجلت النظر في مكتبته العامرة بشتى صنوف الكتب التي تحتل حيزاً كبيراً من جدار صالونه المفروش
، قلت له : ليسمح لي أستاذي ومعلمي " أبوأمجد " في وضع أسئلتي عليه ، فأومأ برأسه موافقا : بدأت حواري معه بهذا السؤال :
* بما أنك صحفي وشاعر في آنٍ معاً ، فإن حوارنا معك سيتخذ مسارين الأول المسار الصحفي والثاني المسار الأدبي . لنبدأ بالأول ونسأل كيف كانت بدايتك الصحفية ؟
0 أرحب بالأستاذ القدير / علي سالمين عمر العوبثاني صديقي وزميلي ، وأتشرف بزيارته لشقتي المتواضعة. ورداً على سؤالك القيم ، أقول : تعود بدايتي الصحفية إلى أيام الدراسة في الابتدائية وتحديدا الصف الرابع عندما استشعرت ميلاً للمجلات الحائطية المدرسية إخراجاً وكتابة فيها . وفي الإعدادية " الوسطى أيام زمان " قمت مع زميلين لي هما الأستاذ / جميل عوض العوبثاني ، والأستاذ / سعيد بافلح ، بمحاولة إصدار صحيفة مخطوطة أطلقنا عليها (الحرية) من أربع صفحات "فلوسكاب" وأصدرنا منها ثلاثة أعداد ثم توقفت،وكنت حينها في سن الخامسة عشرة . وفي السنة الجامعية الأولى توسعت المدارك ونمت بعض الشيء الموهبة في الكتابة فأصدرت "نشرة" أدبية مسحوبة على آلة " الرونيو" سميتها " القلم " ، ومن ثم بدأت في نشر بعض مقالاتي في الصحف العدنية إلى جانب محاولاتي الشعرية .
* وكيف بدأت مشوارك العملي في الصحافة ؟
0 بحكم ظهور بداياتي الشعرية في سنوات الدراسة الجامعية ، وإلقائي بعض قصائدي في المناسبات الوطنية ، تعرفت على رئيس تحرير مجلة "الجندي "الصادرة عن القوات المسلحة في عدن الأستاذ أحمد سالم الحنكي رحمه الله الذي عرض علي العمل في مجلته كمساهمٍ أثناء الدراسة ،وعقب تخرجي من الجامعة ، تم لي ،بفضل الله تعالى ، الالتحاق بالمجلة وعملت معه سكرتيراً للتحرير في سبتمبر عام 75م . وكانت المجلة وهي شهرية تصف حروفها على آلة "اليونيتب " بحكم الواقع المطبعي آنذاك .وفي نفس الوقت نشرت عددا من مقالاتي في الصحف الرسمية آنذاك.
في منتصف العام 1977م انتقلت إلى المكلا ، بحكم انتقال الأهل ،لأعمل في صحيفة ( الشرارة) الحضرمية مشرفاً للتحرير ثم مديراً لتحريرها ،وبداية كان وضعها المطبعي صعباً حيث كانت تُنضد حروفها يدوياً أي حرف بحرف ومطبعتها الوحيدة تُسحب باليد ، ومع ذلك نصدر منها خمسة آلاف نسخة أسبوعية بانتظام نتاج سهر الليالي اليومي ، ثم تطور وضعها المطبعي إلى "اليونوتيب" وماكينة " الهيدلبرج " التي سعى لجلبها صديقي الأستاذ / سعيد مبارك سبتي . ومن ثم انتقلت لنظام الصف الضوئي وماكينة "الأوفست سورم " التي ادخلها صديقي الراحل الأستاذ / فؤاد محمد مسعود بامطرف رحمه الله ، إلا أنني قدمت استقالتي منها قبل ذلك في ديسمبر من العام 1992م مع استقالتي من الحزب الاشتراكي اليمني ، واشتغلت مراسلاً لبعض الصحف في صنعاء مثل " الثورة " و" الوحدة " وفي صحف عدن مساهماً أسبوعيا في صحيفة " الأيام" قي الصفحة الأخيرة ، وكذلك صحيفة "14 أكتوبر " الرسمية اليومية وصحيفة " عدن " الأسبوعية .
* ما هي الصحف التي رأست تحريرها ، بعد تقديم استقالتك ؟
0 أمضيت عاماً من دون وظيفة إلى أن انتخبت رئيساً لإتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين لفرع حضرموت في نوفمبر من العام 1993م ، وعندها إُنتخبت رئيساً لتحرير مجلة ( آفاق ) الصادرة عن اتحاد الأدباء من ذلك التاريخ إلى العام 1997م .كما رأست من قبل مجلة " إبداعات" الصادرة عن جمعية الأدباء الشباب التي رأستها في العام 1982م إلى عام 86م .
* وعن الصحف التي أشرفت على تأسيسها،ثم رأست تحريرها ؟
0 هي صحيفة ( المسيلة ) الأسبوعية التابعة للمؤتمر الشعبي العام ، وذلك أثناء حرب صيف 1994م في صنعاء وأصدرت العدد ( صفر) منها في 14يوليومن ذلك العام في العاصمة صنعاء، وأنيط رئاسة تحريرها للأستاذ احمد سعيد الصويل رحمه الله بحكم مسئوليته في المؤتمر آنذاك ، وكنت نائباً له ، وفي الوقت نفسه عُينت مديراً عاما لفرع وكالة الأنباء اليمنية ( سبأ ) ، وبعدها رأست مجلس إدارة مؤسسة باكثير للصحافة والنشر بالمكلا ، ، وبعد تقديم استقالتي من المؤسسة و من ( المسيلة ) بقيت معتكفا ببيتي عاماً ونصف العام إلى أن عُينت من جديد رئيساً لصحيفة( المسيلة ) خلال الأعوام 1998 2003م ، فمستشارا للدائرة الإعلامية للأمانة العامة للمؤتمر .
*هل هناك هموم وعوائق قابلتك في أثناء عملك الصحفي ؟
0 لعلك استنتجت ذلك من تكرار تقديمي لاستقالاتي الصحفية ، وأنت محق في ذلك ، ومردها أنني بما فطرني عليه الله عز وجل من إحساس بالمسؤولية واحترام سمعتي الصحفية والمهنية، لم اسمح لنفسي بالانجرار مع مواقف القيادات العليا التي تتبدى أحياناً في التقاعس وإهمال صحفها ومؤسساتها.فاستقالتي الأولى من (الشرارة) كان مرده تجاوزات إدارة مؤسستها للعمل الصحفي واستغلال المؤسسة والصحيفة لكسب غير مشروع . أما استقالتي من رئاسة مؤسسة باكثير للطباعة والصحافة فيعود إلى إهمال وزارة الإعلام للمؤسسة وعدم اعتماد موازنة سنوية للمؤسسة ، وكل صرفياتها من الإنتاج ، وعدم ربط معاشات عمالها وموظفيها بهيئة المعاشات بعد إن كانت مؤسسة يدعي الاشتراكي ملكيته لها ، مع العلم أننا تمكنا من دفع فارق استحقاق العمال لهيئة المعاشات ، ورأيت في هذا التقاعس مضرة للعمال ومضيعة لعرقهم وجهدهم ومستقبل أطفالهم حين يحالون إلى التقاعد ، فما كان مني بعد جهود مضنية مع الوزارة ، إلا أن أضحي بمنصبي هذا رغم رفض الوزارة استقالتي هذه فاعتكفت في بيتي ولم يمض شهران إلا وضعف الإنتاج ونضب الدخل ، ومع ذلك دفعت من حر مالي راتب شهر للعمال والموظفين إلى أن أحست الوزارة بفداحة خطئها ، والحمد لله تم الربط مع هيئة المعاشات ، في الوقت الذي عينت رئيساً لتحرير ( المسيلة )
* ما هي أطرف المواقف التي مرت بك في مشوارك الصحفي ؟
0 لا يخلوا عمل أي صحفي أمضى في بلاط صاحبة الجلالة ثلاثة عقود ونيف ، من مقالب طريفة وبعضها مدهشة . فعلى ما أذكر خلال مسؤوليتي في ( الشرارة) أن المناوب ليلة الإصدار لم ينتبه لكلمة (الحزب ) الاشتراكي وكانت الأحرف كما أسلفت تنضد باليد فنضد العامل تلك الكلمة من دون ( االحاء) وكانت ضمن " المانشيت" العريض وبالأحمر ، ودفعت الصفحتان الأولى والأخيرة للمطبعة وبدأت الطباعة ، وعندما عدت بعد صلاة الفجر راعني ما صفت به كلمة ( الحزب) ، فألغيت ما تم طبعه ومقداره ثلاثة آلاف نسخة لفظاعة الكلمة الني سقط منها حرف ( االحاء ) . وثانية وبعد منتصف ليلة إصدار في ( الشرارة ) نسي الطباع ربط " صامولة " المكينة فما إن دارت حتى تبعثرت كل حروف الصفحتين الأولى والأخيرة ، وكان الوضع السياسي آنذاك متوتراً ولا بد من صدور الصحيفة صباح الأربعاء ، فما كان مني إلا أن طرقت أبواب منازل كل عمال الصف اليدوي في الثانية ليلاً فأعدوا صف الصفحتين من جديد وهم يشتمون الطباع ، ولم ننته من الطبع ألا بعد العاشرة صباحاً . أما الغلطات المطبعية فيما بعد فحدث ولا حرج ،فقد نشرت لي " الأيام " في صفحتها الأخيرة عام 93م مقالاً عكس المضمون بكثرة اخطآ ته المطبعية مما أثار دهشة واستغراب القراء، وانتقد هذا الفعل الدكتور الراحل " محمد عبد القادر بافقيه رحمه الله بأسلوبه الساخر والشيق . وغير ذلك من الطرائف
* من خلال تجربتك الصحفية ، نسأل ما هي أهم مقومات العمل الصحفي في نظرك ؟
0 بوجيز العبارة أقول أنها أربعة مقومات أولها الموهبة ، وثانيها الحس الصحفي ،وثالثها الصدق والموضوعية ،أما رابعتها فسعة الإطلاع والثقافة
وسأشير هنا إلى أهمية الصدق والموضوعية وأثرها على استقرار البلد من عدمه . فهناك العديد من مشاهير الصحافة ينددون ب (جرائم الصحافة ) التي تحرف الحقائق وتثير الفتن والبغضاء بين ابناء الوطن الواحد كما أنها تحرض على نظامه ودولته أن هذه الجرائم لا تمت بأية صلة للأخلاقيات المهنية للصحافة ، و لاسيما المراسلين الصحافيين لتلك الصحف والتي دعا إليها مشاهير الصحافة العالمية أمثال (ريتشارد كيبل) (و (كارمن ساندرز) و(جون اونيل) وعلى رأس هؤلاء الصحافي الشهير (جورج اورويل) الذي دعا إلى (العناصر ألفضلي) في الأسلوب الصحفي، ولاسيما للمراسلين الصحافيين ولخصها الدكتور صبحي شعبان في مؤلفه «أخلاقيات الصحافة» وهي كما يلي ::
المباشرة، الوضوح، الشعور بالمسئولية، القدرة على إلقاء الضوء على أهم القضايا، الاهتمام بالتفاصيل، اختصار اللغة، الموقف السياسي والأخلاقي، شرح وجهات النظر المتعارضة، وغيرها من العناصر التي لو التزم ب%50 منها المراسلون والقائمون على الصحف المستقلة والأهلية تحديداً لصلحت البلاد واستقام المشهد السياسي .
* كيف ترى عمل وسائل الإعلام العربية ، هل هي أفضل من الإعلام الغربي ؟
0 للأمانة أقول أن وسائل الإعلام العربية أفضل بعض الشيء من وسائل الإعلام الغربية وإن اقترب بعضها من تلك الوسائل ، إلا أن الإعلام الغربي خبيث ومعظمه ليس أخلاقيا ، وبخاصة رؤساء التحرير عندهم وتعود طرائق تفكير رؤساء هذه الصحف إلى تأثرهم بالمدرسة الأمريكية، وأحياناً البريطانية، التي بدورها لا تزال، في معظمها متأثرة بمدرسة «هنري لوس» القديمة، والذي كان يعرف بأحد أقوى الرجال الذين عرفتهم الصحافة في العالم،وهو الذي أسس وامتلك صحفاً ومجلات مثل «تايم» و«لايف» و«فروتشن» والذي قال عنه صديقه الكاتب الأمريكي المشهور «تيودور هوايت» :«إن حرية الصحافة عنده: أن مراسله حر في إرسال ما يريد، وهو حر في نشر ما يريد وكما يريد» بمعنى من حق هذا «الجهبذ» أن يتلقى أحسن «الخامات» ومن حقه بعد ذلك أن يطبخها كما يشاء، وفي الأخير يحملها ضحاياه من المراسلين وأخلص إلى القول إن رؤساء تحرير الصحف التي عنيناها آنفاً ، على الرغم من إدراكهم إن أساليبهم اللاإخلاقية في إسناد الحالمين للخارجين عن النظام والقانون إرضاء لمن يقاولون بصحفهم معهم فيحرفون ويطبخون ما يوافيهم من (المراسلين والمساهمين من أخبار وتقارير، تضر بالوطن وأمن وسكينة المجتمع ، كما تضر بهؤلاء المراسلين، إلا إن ما يهمهم هو الكسب السريع والإثراء والشهرة الزائفة، ولو على حساب الوطن وأخلاقيات المهنة، وهذه أتعس طرائق تفكيرهم السقيم، عندما يصبح البعض من المراسلين ضحايا لهذه العقليات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.