القبائل تُرسل رسالة قوية للحوثيين: مقتل قيادي بارز في عملية نوعية بالجوف    لحوثي يجبر أبناء الحديدة على القتال في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    "لا ميراث تحت حكم الحوثيين": قصة ناشطة تُجسد معاناة اليمنيين تحت سيطرة المليشيا.    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    وفاة ثلاثة أشخاص من أسرة واحدة في حادث مروري بمحافظة عمران (صور)    تقرير برلماني يكشف تنصل وزارة المالية بصنعاء عن توفير الاعتمادات المالية لطباعة الكتاب المدرسي    حملة رقابية على المطاعم بمدينة مأرب تضبط 156 مخالفة غذائية وصحية    التفاؤل رغم كآبة الواقع    رسميا.. الكشف عن قصة الطائرة التي شوهدت تحلق لساعات طويلة في سماء عدن والسبب الذي حير الجميع!    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الحرب إلى 35 ألفا و386 منذ 7 أكتوبر    وزارة الحج والعمرة السعودية تطلق حملة دولية لتوعية الحجاج    انهيار وشيك للبنوك التجارية في صنعاء.. وخبير اقتصادي يحذر: هذا ما سيحدث خلال الأيام القادمة    الحقيقة وراء مزاعم ترحيل الريال السعودي من عدن إلى جدة.    اسعار الفضة تصل الى أعلى مستوياتها منذ 2013    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    وفد اليمن يبحث مع الوكالة اليابانية تعزيز الشراكة التنموية والاقتصادية مميز    مطالبات حوثية لقبيلة سنحان بإعلان النكف على قبائل الجوف    الإرياني: مليشيا الحوثي استخدمت المواقع الأثرية كمواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومعتقلات للسياسيين    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    بمشاركة 110 دول.. أبو ظبي تحتضن غداً النسخة 37 لبطولة العالم للجودو    طائرة مدنية تحلق في اجواء عدن وتثير رعب السكان    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    4 إنذارات حمراء في السعودية بسبب الطقس وإعلان للأرصاد والدفاع المدني    أمريكا تمدد حالة الطوارئ المتعلقة باليمن للعام الثاني عشر بسبب استمرار اضطراب الأوضاع الداخلية مميز    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    أثناء حفل زفاف.. حريق يلتهم منزل مواطن في إب وسط غياب أي دور للدفاع المدني    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    صعقة كهربائية تنهي حياة عامل وسط اليمن.. ووساطات تفضي للتنازل عن قضيته    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    فودين .. لدينا مباراة مهمة أمام وست هام يونايتد    باستوري يستعيد ذكرياته مع روما الايطالي    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    الدوري السعودي: النصر يفشل في الحاق الهزيمة الاولى بالهلال    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    تعز.. وقفة ومسيرة جماهيرية دعمًا للمقاومة وتضامنًا مع الشعب الفلسطيني    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    بيان هام من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات من صنعاء فماذا قالت فيه ؟    ميسي الأعلى أجرا في الدوري الأميركي الشمالي.. كم يبلغ راتبه في إنتر ميامي؟؟    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحلة في عقل صحفي و أديب حضرمي "الحلقة الخامسة"

في هذه الحلقة الخامسة الأخيرة من مقالنا الاستقصائي ، نكون قد أكملنا التجربة الصحفية للصحافي والأديب والشاعر الأستاذ / علي عمر الصيعري الذي تكرم مشكوراً بوضع خلاصتها أمام القراء ليستفيد منها الباحث والطالب في مجال الصحافة ، حيث أنه لم يبخل علينا بما جادت به قريحته ، وبما أمتعنا به في هذه الرحلة التي كانت أكثر من رائعة في عالم الصحافة ، وما حملته من ذكريات جميلة مع كوكبة من رجالاتها الأفذاذ .. وها كم الأسئلة ، وأجوبة الأستاذ القدير أبو أمجد عليها :
*هلا رسمتم لنا بإيجاز أهم ملامح الكتابة الصحفية في العصر الذهبي للصحافة الحضرمية ومهنيته الصحفية التي تميز بها ؟
0 كان بودي أن أرسم لك أهم ملامح ذلك العصر مبنياً على أمثلة ونماذج من مهنيته ، إلا أنني لا زلت في طور الحصول على مجموعات متقاربة لكتابات رواد ذلك العصر لأسوق منها أمثلة تنم عن قسمات وملامح المهنية الصحفية ، ولكن للأسف الشديد أن معظم الكتاب الراحلين وأبنائهم لم يعتنوا بتجميع نتاجاتهم الفكرية والإبداعية في مجال صحافة ذلك العصر . كما أنني لم أتحصل على فرصة للتصفح الدقيق في صحفه وهذا سبب تأخري في إكمال كتابي ( المشهد الصحفي بحضرموت 1959 1967م) إلى يومنا هذا ، باستثناء نتاج الأستاذ الراحل / سعيد عوض باوزير الذي قام نجله الأستاذ / نجيب بتجميعها وضمها في كتاب عنونه ب ( الثقافة وسيلتنا إلى الكفاح ) صدر عن " دار جامعة عدن "عام 1988م وأهداني نسخة منه . وعليه سأعتمد كأنموذج في رسم أهم ملامح المهنية الصحفية لذلك العصر .وأود أن أُذكِّر الصحفيين الشباب أنه إلى جانب هذا الجهد المشكور ، تواصلت مع الأستاذ / نجيب سعيد باوزير مستفسرا عما إذا كان لديه أعمالاً أخر لوالده الراحل ؟!! فجاء رده أنه جمَّع أو يجمع مقالاته السياسية في كتاب وعدني بإرسال نسخة منه إليَّ. كما أُذكِّرهم بمناشدة الأستاذ / صالح الفردي لابن أستاذنا الراحل/ احمد عوض لأن يجمع افتتاحيات " الطليعة" في كتاب و وإن هذه كانت أمنية والده الذي لم يسعفه الحظ أو الوقت في انجاز ذلك .وعليه أكتفي هنا باعتماد الكتاب ، آنف الذكر , دليلي في رسم أهم ملامح الكتابة الصحفية في العصر الذهبي للصحافة الحضرمية .
شمل هذا الكتاب القيم 78 مقالة مختارة بعناية وذوق الأستاذ / نجيب سعيد باوزير، نُشرت في صحيفة " الطليعة "خلال الفترة من 4 يونيو1959 إلى 22 أبريل 1965م ، وأفهم من هذا أن هناك بعض المقالات التي أغفلها / نجيب ، وله عذره كون الكتاب هدف إلى أبراز أجودها وأفضلها ، مع مراعاته لحجم الكتاب . وقد شرفه البروفيسور / صالح علي باصره بمقدمة ضافية سلط فيها الضوء على أهم الأسس ومعايير الصحفي المهني في كتابات الأستاذ / سعيد عوض . قال فيها :
1 اهتمامه بالمناسبات الدينية لمناقشة قضايا الحاضر والمستقبل، وتقديم العظة والعبرة من خلال الحديث عن هذه المناسبات.
2 معالجته لمشاكل التربية والتعليم والطالب والمعلم، والمنهج والمبنى المدرسي.
3 معالجة قضايا اجتماعية مثل الصحة والزراعة والعمل التعاوني وغيرها .
4 اهتمامه بالشئون القومية. وكان في هذا الجانب من المؤمنين بوحدة الأمة العربية ، ومن المعجبين بزعامة ورمز الأمة العربية ، في ذلك الزمن ، الرئيس / جمال عبد الناصر .
وبدوري أضيف إلى ما تطرق إليه مقدم الكتاب البروفيسور/ باصرة ، بقولي : من منظور المهنية الصحفية لدور الصحفي المثقف والمحلل السياسي ، لمست في كتابات أستاذنا الراحل / سعيد عوض ،أنها عكست ، في مجملها ، الموقف المبكر والمشرَّف للمثقف الحضرمي والمتمثل في مساهمته الدءوبة لإصلاح مجتمعه عن طريق التنوير والإرشاد . مثالاً على ذلك :
1) الدفاع عن الحركة النهضوية : وقد عكست تلك القيمة فكرة " الانتماء" عند الكاتب ، باعتبارها حركة نهضوية ولَّدها رد فعل على ثقافة الآخر منذ مطلع الثلاثينيات التي اتسمت ، بظواهر الجمود والركود الفكري . ظهرت هذه الميول النهضوية في أسرة " الأخوة آل باوزير" . وقد أشار إليها الكاتب الأستاذ / سعيد عوض يا وزير في مقالٍ له بصحيفة " الطليعة" عنونه ب " عندي أوامر " وكان المقال عبارة عن قصة واقعية لذكريات الشباب ، ورمز لبطلها ب" الفتى" ، قال فيه ( …. وكان أيضاً المنزل الوحيد في البلد أي منزل " الإخوة" آل باوزير الذي تلتقي فيه / محمد حسنين هيكل ورشيد رضاء ومحمد عبده والعقاد و المنفلوطي والمازني وزكي مبارك والرصافي وشوقي وغيرهم من أساطين الأدب والفكر العربي )[الكتاب ص 8 المصدر الطليعة العدد 2 4يونيو 1959م] . وأثمرت بذور التواصل الثقافي والفكري بينه وبين الكتاب العرب ،عن طريق قراءاته النهمة لهم ، مقومات الحركة النهضوية عنده وتأثره بها ، كما كان الحال عند جيل منتصف الأربعينيات . ولخصها في ذلك المقال بالقول : ( إن في نفسي ثورة تضطرم على هذا الجمود والركود الفكري والثقافي الذي تعيش فيه البلد ) المصدر السابق . وبدأ بتجسيد تطلعاته النهضوية منذ مقاله الرابع في " الطليعة " في " باب" [ كلام عقال] بعنوان ( بلاش خوف وجبن وفزع ) فكتب في مستهله قائلاً : ( الدنيا كلها استيقظت ونحن نيام لا نريد أن نستيقظ والويل لمن يوقظنا … هكذا وجدنا أنفسنا وهكذا عاش أجدادنا ونحن على آثارهم مقتدون ) [ المصدر السابق ص 17 ، الطليعة العدد 12 20 أغسطس 1959 ].
2) الدفاع عن القومية العربية : تجدر بنا الإشارة هنا إلى أن إعادة النظر في المسلمات الثقافية، والتي ظهرت مع ظهور " حركة النهضوية " في " مصر " والتي تأثر بها الأستاذ / سعيد عوض، فهي لا تعني إدخال العلمانية على الفكر الديني ، كما لا تعني إعادة النظر في المسلمات المطلقة المتعلقة به . لأته نشأ في بيئة دينية عريقة لا غبار عليها ، بل عنَّ عنده الدفاع عن القومية العربية بوصفها أحدى مخرجات " حركة النهضوية" . كما عنَّ عنده تبرئتها من ادعاءات المعارضين لها ، الذين يشيعون وقتذاك أن مبدأ القومية العربية يتعارض مع مبادئ ديننا الإسلامي الحنيف . فكتب يقول : ( مخطئون من يحاربون القومية العربية بالإسلام. إن القومية العربية أساس لوحدة عربية . وأن الوحدة العربية مقدمة لابد منها لنهضة إسلامية ) ودافع عن رأيه وموقفه بعقلانية وموضوعية، فقال: ( ….. ومزيج من وحدة العرب ودعوة الإسلام كفيل بأن يحفظ توازن القوى بين الكتلتين المتصارعتين، ويعيد العالم إلى صوابه، ويبث فيه الهدوء والاطمئنان والاستقرار والسلام ) [ الكتاب ص21 الطليعة العدد 15 سبتمبر 1959م ].
* نتفق معك أستاذ / علي، في ما أوردته سالفاً. وبما أنك تعمل في مشروع جديد إلى جانب مشروعك الحالي ، " المشهد الصحفي " ، كما خيل لي، فإنك تفكر في تأليف شيء عن الأستاذ الراحل / سعيد عوض باوزير ، فما قولك في أسلوبه الصحفي ، مع العلم أن الأسلوب هو أهم مقومات الصحفي الناجح ؟
0 ( ينظر إلىَّ وهو يبتسم )، ثم يقول: لعلك تقرأ أفكاري. صدقت أنا أفكر حالياً في مشروع كهذا . وأجيبك هنا عن أسلوبية الأستاذ / سعيد عوض، وفق منظوري الدراسي المتواضع لمقالاته.
أولاً : أنه يتميز بأسلوب صحفي سلس في مرادفاته . غير متكلف أو متقعر في مفرداته . غني في صوره التعبيرية . جاذب للقارئ بجماليات معانيه ودلالاته اللغوية للصورة التعبيرية .موظف للأمثال الشعبية والفصيحة لجذب اهتمام القارئ ، وتلطيف أجواء المواضيع الحساسة والأفكار الجريئة . متفرد بخصوصية صحفية بحيث لا يصعب عليك أن تميز مقالاته من بين عشرات المقالات ، لخصوصيتها واعتماده المبدأ الصحفي المهني المطابق للمثل القائل ( لكل حدث حديث ، ولكل مقامٍ مقال ) . فنراه ينوِّع، أثناء تناولته، في أسلوب كتاباته. سأعطيك مثالاً على ما قلته . في مقاله ( بلاش خوف وجبن وفزع ) الذي أشرت إليه آنفاً والموجه للعامة ، يلجأ كما علَّق على ذلك نجله / نجيب سعيد واضع الكتاب بالقول : (.. إلى الألفاظ الشعبية المتداولة ، مثل / متمحدق ، متعرض ، متركز ، ، زغيوي . وكذا الأمثال الشعبية مثل : إذا صلح له غرامه ما غبط أهل العقول ) [ الكتاب ص 18 ] .
ثانياً : استخدامه للاستهلال الجاذب للقارئ في مطلع بعض مقالاته . وهو أسلوب مميز في الصحافة إلى يومنا هذا، وعادة ما أستخدمه بنفسي مثله. كأن يبدأ مقاله بطرفة ،أو حكاية قصيرة جداً، أو مثل يشرحه بإيجاز شديد ، أو مقتطف لكاتب شهير ، أو قول مأثور . خذ مثالاً على ذلك في مقاله ( الحركات الهادفة..) حيث يبدأ به بالقول : (كانوا ثلاثة اقتحموا غرفة الاستقبال في منزلي بدون استئذان ودون سابق إنذار، ووجدتني أقول لهم في لهفة وقلق : أهلاً وسهلاً . إيه الحكاية ، فيه حاجة ؟ ) ثم يدخل صلب الموضوع [ الكتاب ص51 ] . أو في مقاله عن الأستاذ / التربوي والفنان /عمر حسنون ، وعنوانه ( موسيقى.. ورسم .. وشعر ) ، تجده يستهله بالقول : ( دخلت عليه وفي عينيه أثر للبكاء .. وهو يمسح ، بمنديل أبيض في يده ، بقايا قطرات من الدمع تساقطت على خده.. وأدرك الدهشة التي ارتسمت على وجهي فبادرني قائلاً: لا تخف لم يحدث شيء … ) ثم يلج صلب الموضوع . [ الكتاب ص 79 ]
*بصريح العبارة وأصدقها أقول : الحديث معك شائق أستاذ / علي ، كما هو غني بالمعلومات المفيدة للشباب الصحفي .هل لي أن أسألك ، أستاذي الفاضل : حول مفهومك للصحافة ، والخبر الصحفي ، من خلال تجربتك الطويلة في هذا المجال؟
0 الصحافة ، وفق ما استخلصه الأستاذ / محمد العقوني ، هي (حرفة تقوم على جمع الأخبار و تحليلها و تحقيق مصداقيتها و تقديمها للجمهور ، غالبا ما تكون هذه الأخبار ذات علاقة بما أستجد من الأحداث سواء على الساحة السياسية أو المحلية أو الثقافية أو الرياضية أو الاجتماعية و غيرها.). أي أنها تعتمد "الخبر" جوهر عملها الرئيس. وهنا يبرز السؤال القائل: ما هو الخبر ؟ وما هي مقوماته؟ وما هي تعريفات قدامى الصحفيين وأشهرهم له ؟ قبل الشروع في الإجابة، أود أن أذكر بما قاله عميد الصحافة العربية الأستاذ / محمد حسنين هي .( إن الصحفي، من وجهة نظري، ليس إلا مجموعة مصادر.وأنه بمثابة " المخبر ". أي المخبر الذي مهمته الرئيسة العثور على الخبر الصحيح) .فالخبر له تعريفات عدة ومتباينة في نظر مشاهير الصحافة القدامى مثل " ألفريد هار مزووتإن" الذي عرفه بالقول: ( الخبر هو الإثارة و الخروج عن المألوف فعندما يعض الكلب رجلا فليس هذا بخبر ، و لكن عندما يعض الرجل كلبا فهذا هو الخبر بعينه ). أما " ويلارد بلاير " فيعرف الخبر بالقول" إن الخبر الصحفي هو الجديد الذي يتلهف القراء إلى معرفته و الوقوف عليه بمجرد صدور الجريدة " وكذلك تعريف ماكدوجل" بالقول : (الخبر الصحفي هو تقرير عن حادث معين ترى الصحيفة في نشره وسيلة لتحقيق الربح المادي. ) . ويعرِّف " نيل ماكنايل " الخبر بأنه :(جمع الحقائق عن الأحداث الجارية التي تثير اهتمام القراء لكي تطبعها الصحيفة ) . ثم نأتي لتعريف " جيرالد جونسن للخبر بأنه : (وصف أو تقرير لحدث كما هو بالنسبة للجمهور كما هو مهم بالنسبة للمخبر الصحفي نفسه فقيمة الحدث بالنسبة للمخبر يتحدد بمدى قابلية هذا الحدث للنشر " وهناك العديد من التعريفات للخبر.
* سؤالنا الأخير، استأذنا القدير ، يقول: بماذا تنصح شباب الصحافة والإعلام ، والقائمين عليها في الوقت الراهن ؟
0 ( يطرق برأسه ملياً ويرفعه ) ثم يقول: كما أشرت سابقاً، في بداية هذا الحوار، أن على الصحفي الناجح التأكد من موهبته أولاً وتطويرها. وثانياً : عليه أن يوسع من مداركه ومعارفه وثقافته. وليس شرطاً أن يكون خريج جامعة أو أكاديمياً. فمعظم الصحفيين الناجحين في العالم العربي والدولي لم يكونوا أكاديميين، بل الشرط الأساسي هو الموهبة والقابلية، والالتزام بالمهنية. ثم لا ينس الواحد منهم أن المراس هو الأساس ، فلا يستعجل الظهور ، ولا يطمح للشهرة إلا بعد تمكنه من مهنيته . وهناك عامل الخصوصية واعني به أن يكون للصحفي أسلوبه الخاص في صياغة الخبر ، وكتابة المقال أو العمود . والأخير له شروطه ومهنيته . كما لا ينس أن يطور من أشكال النوع الصحفي ، وخاصة الجديد منها ، وهي " الصحافة الاستقصائية " ، وقد تناولتها بإيجاز في الحلقة الماضية . وانصح بالإقبال المنتظم على حل " الكلمات المتقاطعة " فهي نبع لا ينضب من المفردات والترادفات اللغوية. فكثيراً ما اكتشف أن الصحفيين العمالقة يهتمون بهذا النوع لأنه يمدهم بالمرادفات. وما الأسلوب سوى سلاسة المفردات ومرادفة الكلمات . هذا النوع من " الكلمات المتقاطعة " يعطي للصحفي ثروة معلوماتية في الوقت نفسه إلى جانب التسلية. لقد شاهدت بأم عيني في بلدين من بلدان أوروبا وأربعة من الشرق الأقصى اهتماماً بالغاً بها بحيث تلاحظ إقبال العديد من الناس عليها في الطائرات والقطارات والحافلات والمتنزهات والمنازل وقت فراغهم. أقول هذا عن تجربة لازمتني منذ دراستي في " الوسطى" إلى اليوم ؛وأنا مولع بحل " الكلمات المتقاطعة" في مجلات مثل " العربي " و "زهرة الخليج" وكذا الصحف المصرية واللبنانية ومؤخراً المحلية .كل هذا أثرى موسوعتي الأسلوبية .خذ مثلاً : مرادفات جملة (ما يعكر الصفو والأمن ) ، تجدها هنا في / التوتر / المشكلة / المعضلة / الأزمة / العنف / الاحتكاك / المناكفة / المكايدة / الانفلات / الفيد / النهب / السلب / السطو/ التجاوز/ القهر / التكميم / الكوارث / الحوادث / الغلاء / العشوائية / التسيب / البسط / الفساد / الغبن / الغمط / الابتزاز/ الرشوة/ المحسوبية / الواسطة / الطائفية / المناطقية / الجهوية / المصلحية / التكفير / التخوين / الارتزاق / الارتهان / الاغتيالات / وما إلى هنالك من كلمات تضفي على أسلوب الصحفي مغناطيسية الجذب والتشويق وتدفع به إلى المتابعة .
ولأصحاب القرار أي رؤساء التحرير ونوابهم والمخرجين الفنيين أزجي نصائحي على النحو التالي:
أولاً :اعتماد مستشار أو اثنين من الرواد وذوي الخبرات ، إضافة إلى مستشار قانوني كما هو معمول به في الصحف الورقية والالكترونية .
ثانياً : اعتماد الصحافة المؤسسية وعلى وجه الخصوص في الصحف الورقية الرسمية والأهلية الكبيرة . وتعني المؤسسية : اعتماد هذه الصحف والوسائل الإعلامية مثل القنوات والإذاعات ، على نفسها بنسبة لا تقل عن أل 40% من إجمالي ما تخصصه لها المؤسسات التي تصدر عنها ، وذلك في (الباب الثاني) أي النفقات التشغيلية وما تلاه ، وذلك عن طريق تفعيل جوانب الإيرادات ،ومن أهمها أ ) توسيع دوائر التوزيع ( ب ) توسيع دائرة الاشتراكات السنوية مع المرافق والمؤسسات والهيئات الحكومية والخاصة والأفراد ( ج ) السعي في الحصول على الإعلانات بقدر ما يمكن ، وتخصيص نسبة معينة لمن يجلبها أو يتقدم بها كحافز شخصي .
ثالثاً : من أجل تعزيز البندين ( أ + ب) عليهم أن يستقطبوا أشهر الكتاب في المنطقة والبلد ، والذين تحضي كتاباتهم بإقبال القراء عليها ، والاتفاق معهم على إفراد عمود يومي أو أسبوعي بحسب إصدارات هذه الصحيفة أو تلك . سأعطيك مثالاً قديماً : كان الكاتب والفيلسوف الشهير " برنارد شو" يكتب عموداً يومياً في كبريات الصحف البريطانية ، واعتقد أنها " صحيفة «ذه وورلد» The World. وذات يوم أرسل مادته مذيلة باسم مستعار اعتقد أنه " كورنو دي باسيتو Corno di Bassetto" وهو الاسم الذي اتخذه فيما بعد لتذييل عموده النقدي في صحيفة " ذه ستار" واشتهر به . المهم انخفض توزيع الصحيفة في ذلك اليوم ، فاتصل به رئيس التحرير مستفسراً ، ليفاجئ بدوره أن " شو" هو صاحب تلك المادة . وهنا نستشف مسألتين :
أولهما :أن القراء منجذبين مزاجياً للمشاهير ،
وثانيهما : حرص رئيس التحرير على مراقبة مستويات التوزيع يومياً .
وثالثهما : أن يضع رؤساء التحرير في اعتبارهم أن العمل الصحفي ليس مكتبياً ، وعليهم أن يدفعوا يمن يعمل لديهم من المحررين إلى الشارع لتقصي الأخبار والمعلومات والحصول على السبق الصحفي .
رابعاً : الصور وزاوية الالتقاط، لها أهمية في الوقت الراهن من ناحية إثراء الصحيفة وجذب القارئ، وعليهم إعطاء المصورين اهتماماً خاصاً ومراقبة تعبيرية الصورة ووضوحها عند الإخراج والطبع، وما إلى ذلك من مسائل ينبغي على رؤساء التحرير الاهتمام بها.
أخيرا : أقول لشبابنا الصحفي والإعلامي أن أدوات وإمكانيات المادة الصحفية والعمل الصحفي أصبحت متوافرة بحمد الله ويكفيني الإشارة إلى " الانترنت " و " الحاسوب" وهما مثال على تسهيل مهام الصحافة والإعلام ، بعكس ما كنا نعانيه في السابق من صعوبة التواصل والاتصال وصعوبة الإخراج الصحفي ، أيام ما كانت المادة تنضد بالحروف اليدوية حرفاً حرفا ، وتطبع على آلات سحب يدوية بطابعات قديمة .
أما عن الأسس والمبادئ والمقومات الصحفية على أسس علمية ومقومات خبرات، فأنني أنصح كل صحفي ناشئاً كان أو مجربا ، أو إداريا ،بانتقاء كتاب قيم ومفيد له ، عنوانه [ كيف تصبح صحفياً ناجحاً .؟] للأستاذ الصحفي المشهور / محمد عقوني ، عبر تحميله من "النت " ، وهاكم رابطه :
www.kutub.info/library/book/12150
متمنياً لشبابنا الصحفي والإعلامي ، وكذا القائمين على الصحف وغيرها ،كل النجاح والتطور ، وأشكرك أستاذ / علي سالمين العوبثاني على إتاحة هذه الفرصة لأقول كل ما عندي لأبنائي وبناتي من الصحفيين ، كما أشكر كل من تابع هذه المقابلة بحلقاتها الخمس .
سنلتقي معكم في الأسبوع القادم في حلقة من الحلقات الجديدة حيث سنبحر مع الأستاذ / علي عمر الصيعري " أبو أمجد " في المسار الثاني وهو الجانب الثقافي ، لنستعرض ردوده على أسئلتنا المتضمنة الكثير من القضايا الجوهرية الهامة .. انتظرونا أعزائي القراء الكرام .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.