من حق أي مظلوم أن يندد بظالمه ، ومن حقه أن يقوّم الناس معه لينصروه من ظالمه ، فإن الله تعالى يقول : ( لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ..) النساء/148. وقال جل وعلا : ( ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل () إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق ) الشوري/42-43. ومن ثم فمن حق الناس في المحافظات الجنوبية أن ينددوا بالظلم الواقع عليهم بعد الوحدة ، الذي قام به المتنفذون في الشمال ؛ من اتّباع سياسة الإقصاء والتهميش وسوء الإدارة ، وتحويل الجنوب إلى غنيمة بيد المتنفذين في الشمال .. وهذا لا يعني أن النظام في الجنوب قبل الوحدة كان قائماً بالعدل ، لا . بل هو أظلم . والذي اختلف هو نوع الظلم وشكله وحجمه . والظلم ظلم ، حرّمه رب العالمين – مالك الدنيا ويوم الدين – على نفسه وجعله بين العباد محرماً . ومع ذلك فيجب أن لا يعالج هذا الإنحراف بإنحراف آخر فإن الخطأ لا يعالج بالخطأ . فلا يجوز تجاوز الثوابت الشرعية كإثارة النعرات المناطقية والإقليمية التي من شأنها نشر ثقافة الكراهية بين المسلمين وإشعال الفتنة التي قد تؤدي إلى القتال بين المسلمين – لا قدر الله – . ومعلوم أن القتال بين المسلمين لا يجوز على الدنيا أو حمية الجاهلية ، إنما القتال الذي أجازته الشريعة المحمدية -على صاحبها أفضل الصلاة والسلام- هو ما كان لإعلاء كلمة الله . فقد سئل المصطفي -صلى الله عليه وسلم- : الرجل يقاتل حمية ، والرجل يقاتل شجاعة ، والرجل يقاتل للمغنم ، أي ذلك في سبيل الله ؟ قال –صلى الله عليه وسلم- " من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ". فعلى الدعاة والمصلحين -الموقعين عن رب العالمين- في جنوب اليمن أن يحذروا من هذا المنزلق وأن يراجعوا أسلوب الخطاب الجماهيري ويضبطوه بضوابط الشرع . وأدعو الدعاة والمصلحين في الشمال إلى النظر بحيادية لمعاناة الجنوبيين وتحقيق المسألة شرعاً قبل إطلاق الأحكام المستعجلة التي لا تعالج المشكلة بموضوعية ، بل تؤدي إلى نتائج عكسية . وليس عيباً أن نختلف في وجهات النظر ، لكن من المهم أن نحسن إدارة خلافاتنا ونضبطها بضوابط الشرع الحنيف . قال الله تعالى : " وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا " الإسراء/53. وأحذرهم من التفرق والاختلاف فيفشلوا وتذهب ريحهم .. قال الله جل وعلا : " ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين " الانفال/46 وفق الله الجميع لمرضاته ، وسدد على طريق الخير الخطى ، وثبت على الحق الأقدام .. إنه ولي ذلك والقادر عليه ، والحمد لله رب العالمين .