أول تكليف تلقاه النبي محمد صلى الله عليه وسلم من ربه هو القراءة،وأول كلمة القيت عليه هي:اقرأ…«اقرأ باسم ربك الذي خلق ،خلق الإنسان من علق ،اقرأ وربك الأكرم.. الذي علم بالقلم علم الإنسان مالم يعلم» … صدق الله العظيم إنها نقطة البدء والانطلاق نحو كل عمل عظيم، وغرض جليل ،وكان الكتاب هو النور الذي يرشد إلى الحضارة ،ولهذا قالت العرب «مجد التاجر في كيسه،ومجد العالم في كراريسه» بل وأصبح الحكم على الإنسان بالكم والكيف مما يقرأ ، قال سقراط:«إذا أردت أن أحكم على إنسان فإني أسأله : كم كتاباً قرأت وماذا قرأت؟!» ومن هذا المنطلق أدرك الشعراء العرب أهمية ومكانة الكتاب ومازال ماقاله المتنبي يتردد صداه واضحاً وجلياً: أعز مكان في الدنى سرج سابح وخير جليس في الأنام كتاب نعم فإذا كان الخير في نواصي الخيل ، فإن العلم والمعرفة في صفحات وبطون الكتب ،ومثلما ينمو الجسد بالطعام والرياضة ،فإن الطفل ينمو بالمطالعة والتفكير. والكتاب صديق لايخون أبداً،قال الجاحظ: أوفى صديق إن خلوت كتابي ألهو به إن خانني أصحابي لامفشياً سراً إذا أودعته وأفوز منه بحكمة وصوابِ وقد وصف الجاحظ الكتاب قائلاً:«إني لا أعلم شجرة أطول عمراً ،ولا أطيب ثمراً ،ولا أقرب مجتنى من كتاب».. إن الكتاب هو الجليس الذي لاينافق ،ولايمل،ولايعاتب إذا جفوته،ولا يفشي سرك،والكتاب الجيد صديق حميم.. ولهذا اعترف صراحة أمير الشعراء أحمد شوقي أنه بدل بالكتاب الأصحاب…!!: أنا من بدل بالكتب الصحابا لم أجد لي وافياً إلا الكتابا صحبة لم أشك منها ريبة ووداد لم يكلفني عتابا صاحب إن عبته أو لم تعب لست بالواحد للصاحب عابا تجد الكتب على النقد كما تجد الإخوان صدقاً وكذابا صالح الإخوان يبغيك المنى ورشيد الكتب يبغيك الصوابا ان حب المطالعة هو استبدال ساعات السأم بساعات من المتعة،ومن الكتاب تنال الحكمة والصواب .قال المتنبي: خير المحادث والجليس كتاب تخلو به إن ملَّك الأصحاب لا مفشياً سراً إذا استودعته وتنال منه حكمة وصواب وعندما تجمع الكتب تجمع السعادة،وقد قيل : بيت بلا كتب جسد بلا روح…!!ففي الكتاب اللذة،قال البوصيري: ما تطعمت لذة العيش حتى صرت في وحدتي لكتبي جليسا والكتاب أيضاً حلو المذاق كما قال ابراهيم اليازجي: وأفضل ما اشتغلت به كتاب جليل نفعه حلو المذاق ولعل خير خلاصة فيما باح عنه الشعراء العرب في مكانة الكتاب ما قاله ابن حمدون: «وجدت الكتاب خير صاحب وقرين ،وأفضل رفيق وخدين لايخون ولا يمين ،ولا يماكر ولا يناكر ،ولايعصي ولا ينافر»