زرت إحدى المكتبات ذائعة الصيت ،،لما تحمله من مخزون علمي عظيم ،وثرات تاريخي كبير ، فوجدتها خاوية على عروشها من القراء والرواد ،سوى العاملين فيها ، وقلة قليلة ممن عرفوا أهمية الكتاب ومكانته في الحياة . إن الكتاب_ أخي القارئ _ من المصادر الصادقة البحتة التي تضيف ثقافة وتوجيه، ومعرفة وتعلم ، فهو غذاء للعقل ، وتنوير للفكر. إنّ الشخص كثير القراءة يشعر بأنّه إنسانا له شخصيته ، فهو يستطيع التمييز في أمور كثيرة من خلال استمراريته في القراءة . وقد كان الأوائل _ رحمهم الله _ قد اعتنوا بالكتاب عناية لا تضاهيها أي عناية في وقتنا الحاضر مع شحّة الإمكانات ، وعدم توفر الوسائل المساعدة والمبسطّة لتناول الكتاب وقراءته، فكانوا يعكفون على قراءة الكتب عشرات المرات من غير ملل ولا ضجر،ةو قد امتدح كثير منهم الكتاب بكلماته الجميلة ، وأشعاره الرنانة ، فهذا الجاحظ أوجز بعبارته الجميلة الكتاب ، فقال: ((والكتاب هو الجليس الذي لا يطريك، والصديق الذي لا يغريك، والرفيق الذي لا يملك، والمستميح الذي لا يستريثك، والجار الذي لا يستبطيك ،والصاحب الذي لا يريد استخراج ما عندك بالملق ، ولا يعاملك بالمكر، ولا يخدعك بالنفاق ،ولا يحتال عليك بالكذب، والكتاب هو الذي إن نظرت فيه أطال إمتاعك ، وشحذ طباعك ، وبسط لسانك ، وجود بنانك، وفخم ألفاظك، وبحبح نفسك، وعمر صدرك، ومنحك تعظيم العوام ، وصداقة الملوك ، وعرفت به في شهر مالا تعرفه من أفواه الرجال في دهر مع السلامة من مجالسة البغضاء ومقارنة الأغبياء...)) وهذا آخر أنشأ في الكتاب أبياتا ،،قائلا فيها: نعم المؤانس والجليس كتاب *** تخلو به إن خانك الأصحاب لا مفشياً سراً ولا متكدراً *** وتفاد منه حكمة وصواب والأمثلة في وصف الكتاب جمّة . إن الواقع اليوم يتطلّب أن نربي أبنائنا منذ الصغر على القراءة والمطالعة ، وكما قيل :{ من شبّ على شيء شاب عليه}، حينها ينشأ الطفل نشأة الإنسان الناجح في حياته، المفيد لنفسه ، المفكر في تصرفاته ، النافع لوطنه . علينا جميعا أن نعيد النظر في مصاحبتنا للكتاب والمداومة على القراءة ، وسنرى نتائج وثمار ذلك في وقت قريب