في الملعب السياسي الجنوبي تذهب المكونات السياسية مذاهب شتى في مواقفها وتصوراتها إتجاه القضية الجنوبية وما يعتمل في الساحة من حراك شعبي أملته ظروف أقل ماتوصف بوصول تصرفات المحتل الى حالة الإذلال المهين لهذا الشعب فكانت سباقة بإمتياز عن كل القوى السياسية في حمل القضية وتثبيتها على الواقع .. ولقد أخذت هذه الأحزاب مواقفها من القضية الجنوبية في رسم معالم سياساتها كتابع او مراوغ في التعاطي بحذر مع تشكلات المشهد السياسي في الجنوب بإعتبار أنها رصدت الحالة ولم تكن مهيأة سياسيا لهكذا تطور سياسي أملته عليها ظروف المرحلة بل وفرضته بقوة شعبيتهاوبالتالي حرجت جماهيرها وأنصارها وقياداتها في تبني خيارات أحلاهما مر … إن التبعية المركزية لكثير من هذه الأحزاب في مكونها العام للمركز وما يتسيده المشهد من علاقة قائمة على الانتقاص بين تابع ومتبوع مفضية لسوء إدارة المركز للأطراف هي ماشلت حركة كثير منها في إتخاذ مواقف صريحة وواضحة المعالم إتجاه هذا الفرز البيني الواضح للقضية الجنوبية وهنا تكمن عقدة المنشار في تململ وتذبذب الغالبية منها في مواقفها وإنسلاخ أعضائها بل وبعض رموز قياداتها الجنوبية منها الأمر الذي يذهب بها الى عوالم المجهول سياسيا اذا إستمرت في ديماغوجيتها سياسيا إتجاه التعامل في مواقفها سلبيا في لحظة الفرز التاريخية مع القضية الجنوبية على إعتبار أن الشارع يعيد صياغة وجدان القضية تحت وقع المقاومة وتشكلات وعي جديد بخطاب مغاير ينأى بنفسه عن مثل هذه الضبابية التي تتسيد رؤى هذه الأحزاب على الأقل في فروعها الجنوبية مما يتطلب منها سرعة القراءة الحصيفة للمشهد وترك السلبية وإضاعة الفرص في الدخول في شراكة العمل السياسي التي ربما بتباطؤها تتخلف عن الركب… لكننا نرى من بعض هذه الاحزاب من يفكر في الإستمرار على إعادة منتجة العلاقة بين المركز والاطراف من جديد دون أن يقيم المرحلة الماضية ولاينظر اليها بعين الفاحص المتأمل في نتائج إفرازاتها وهو ما يلحق الضرر لها كهياكل سياسية عتيقة ينبغي لها بتاريخها الطويل وباعها في السياسة أن تكون لها قراءة صحيحة ممايعتمل بعيدا عن جني أرباح وهمية على غرار (المزرعة السعيدة) التي يظن البعض منها تحقيق مكاسب الفرصة الأخيرة… وهو مايمكن قراءته في مواقفها اليوم ممايطلقون عليه ( الحوار الوطني ) التي يستطيع القاريء العادي تحديد توقعات نتائجه ومفضيالته ليس من وثائقه التي نشرت بكل محدداتها ولكن أيضا بتصريحات رموز النظام المركبة التي تهيمن على المشهد هناك … بالقراءةلكل ذلك ينبغي للذين قد غامروا بمواقفهم السياسية مرارا وتكرارا خلال فترات ومراحل متعددة مع النظام وخرجوا منها ومعه بخفي حنين وتوهموا بهذه الصفقات المريبة أن يستعيبوا الدروس ويدققوا في عنوانات المرحلة القادمة بكل تشكلاتها وان يعوا أن الفرز اليوم فرز وطني بإمتياز ووجوب تحديد الواقف بدقة ووضوح هي سمات المرحلة اللاحقةوأنه ينبغي لكل من يدعي أنه جنوبيا أن يتصرف سياسيا مع هذا النظام الغاشم بأنه إحتلال وهذا بإعترافه هو وكافة قيادات هذه الأحزاب التي نراها اليوم تريد حرف القضية الى دون ذلك مما يخرجها من دائرة الاصطفاف الوطني الجنوبي …فهل فقهت هذه الأحزاب فعلها الذي ترتكبه بحماقات قياداتها الحاملة معها جينات الزعامة كمرض عضال أعاقت به مسيرة حياة أحزابها الوطنية مما يتوجب من الأعضاء اليوم الى خلق حالة ثورة داخلية للتغيير تتواكب مع حالة التغيير التي تتطلبها المرحلة الراهنة وأن تهدم هذا التابو الصنمي المميت لأحزابها… إن المراهنة على ( الخوار الوطني ) وفق أجندة النظام وضوابضه التي وضعهاهو لنفسه هي بمثابة وأد جديد للقضية الجنوبية بعد فشل مسرحية ماسمي ب( الإنتخابات الرئاسية) وهي محاولة جديدة بائسة من النظام لإعادة منتجته وفرض إحتلاله من جديد تحت مظلة إقليمية ودولية..وكما رفض الشعب الجنوبي تلك المهزلة سيتصدى لهذه الأكذوبة الكبرى ويتجاوزها وقد قدم في سبيل ذلك تضحيات لا يستطيع بعدها المساومة بها… وعلى هؤلاء الذين يطبلون لهذا القادم من رحم النظام أن يختاروا بين قضية شعبهم أو التبعية للنظام المحتل وساعتها لهذا الشعب حكمه على مثل هذه التصرفات الرعناء اللاوطنية…فهل يفقه هؤلاء صنيع ماهم ذاهبون إليه .. آمل من القواعد أن تفرمل أفعالهم بشكل سريع ولاوقت اليوم للمناورات أو المكايدات السياسية فشعب الجنوب يذبح من الوريد الى الوريد وكل يد ممدودة للنظام ستكون مضرجة بالدماء وشريكة في هذا الجرم والتاريخ لايرحم.. فأكتبوا أيها القادة و الساسة تاريخكم بأنفسكم ولن يتركم أعمالكم .