وفاة محتجز في سجون الحوثيين بعد سبع سنوات من اعتقاله مميز    من أسقط طائرة الرئيس الإيراني "إبراهيم رئيسي" وتسبب في مصرعه "؟    إيران تعلن رسميا وفاة الرئيس ومرافقيه في حادث تحطم المروحية    قيادات سياسية وحزبية وسفراء تُعزي رئيس الكتلة البرلمانية للإصلاح في وفاة والده    اشتراكي الضالع ينعي الرفيق المناضل رشاد ابو اصبع    مع اقتراب الموعد.. البنك المركزي يحسم موقفه النهائي من قرار نقل البنوك إلى عدن.. ويوجه رسالة لإدارات البنوك    إطلاق نار وأصوات اشتباكات.. الكشف عن سبب إطلاق ''مضاد للطيران'' في عدن    مأساة في حجة.. وفاة طفلين شقيقين غرقًا في خزان مياه    الجوانب الانسانية المتفاقمة تتطلّب قرارات استثنائية    لماذا صراخ دكان آل عفاش من التقارب الجنوبي العربي التهامي    بن مبارك بعد مئة يوم... فشل أم إفشال!!    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    عبد الله البردوني.. الضرير الذي أبصر بعيونه اليمن    أقرب صورة للرئيس الإيراني ''إبراهيم رئيسي'' بعد مقتله .. وثقتها الكاميرات أثناء انتشال جثمانه    الريال يخسر نجمه في نهائي الأبطال    هجوم حوثي مباغت ومقتل عدد من ''قوات درع الوطن'' عقب وصول تعزيزات ضخمة جنوبي اليمن    تغير مفاجئ في أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    انفراد.. "يمنات" ينشر النتائج التي توصلت إليها لجنة برلمانية في تحقيقها بشأن المبيدات    مدرب مفاجئ يعود إلى طاولة برشلونة    بعثة اليمن تصل السعودية استعدادا لمواجهة البحرين    عودة خدمة الإنترنت والاتصالات في مناطق بوادي حضرموت بعد انقطاع دام ساعات    مدارس حضرموت تُقفل أبوابها: إضراب المعلمين يُحوّل العام الدراسي إلى سراب والتربية تفرض الاختبارات    كنوز اليمن تحت رحمة اللصوص: الحوثيون ينهبون مقبرة أثرية في ذمار    أول رئيس إيراني يخضع لعقوبات أمريكا . فمن هو إبراهيم رئيسي ؟    قادم من سلطنة عمان.. تطور خطير وصيد نوعي في قبضة الشرعية وإعلان رسمي بشأنه    هادي هيج: الرئاسة أبلغت المبعوث الأممي أن زيارة قحطان قبل أي تفاوض    الدوري الفرنسي : PSG يتخطى ميتز    الليغا .. سقوط البطل المتوج ريال مدريد في فخ التعادل وفوز برشلونة بثلاثية    غموض يحيط بمصير الرئيس الايراني ومسؤولين اخرين بعد فقدان مروحية كانوا يستقلونها    قبيل مواجهة البحرين.. المنتخب الوطني يقيم معسكر خارجي في الدمام السعودية    إلى متى نتحمل فساد وجرائم اشقائنا اليمنيين في عدن    إنتر ميامي يتغلب على دي سي يونايتد ويحتفظ بالصدارة    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 35,456 شهيداً و 79,476 مصابا    الجامعة العربية: أمن الطاقة يعد قضية جوهرية لتأثيرها المباشر على النمو الاقتصادي    مصدر برلماني: تقرير المبيدات لم يرتق إلى مستوى النقاشات التي دارت في مجلس النواب    وزير المياه والبيئة يبحث مع المدير القطري ل (اليونبس) جهود التنسيق والتعاون المشترك مميز    عدن.. وزير الصحة يفتتح ورشة عمل تحديد احتياجات المرافق الصحية    رئيس هيئة النقل البري يتفقد العمل في فرع الهيئة بمحافظة تعز مميز    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي الهجري في وفاة والده    تقرير: نزوح قرابة 7 آلاف شخص منذ مطلع العام الجاري    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اتحاد أدباء الجنوب إطار إبداعي تنويري بأقاليم ثقافية حرّة تتوافق على صيغة اتحادية جديدة
نشر في هنا حضرموت يوم 21 - 05 - 2012

وقع عدد من أدباء وكتاب الجنوب بياناً أعلنوا فيه الدعوة إلى اجتماع عام لأدباء الجنوب وكتابه لتشكيل لجنة تحضيرية لتأسيس اتحاد جنوبي على قواعد ومبادئ جديدة تستلهم ما لدى الرواد الأوائل من أبعاد وقيم ثقافية وتنويرية، تعيد الأدباء والكتّاب إلى واجهة المشهد الثقافي والوطني الذي غيبوا عنه في ظل ما تبقى من الاتحاد الذي يضم أدباء الشمال والجنوب تحت مسمى (اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين).
وكان عدد من أعضاء الأمانة العامة والمجلس التنفيذي لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ورؤساء فروع الاتحاد الجنوبيين قد قاطعوا أو لم يحضروا اجتماع المجلس التنفيذي الأخير المنعقد في صنعاء تعبيراً عن عدم الانسجام مع ما آل إليه وضع الاتحاد ونكوصه عن دوره الريادي إزاء تحديات اللحظة الراهنة ولاسيما الموقف من استعادة الدولة الجنوبية المغدور بها في حرب 1994، ما يعني انهيار المشروع المدني التحديثي التنويري الديمقراطي الذي كان الاتحاد يحمل مشعله.
وجاء في البيان الذي تلقاه "عدن الغد" التالي :" بعد لمحة تاريخية وجيزة عن النشأة والمسارات والانكسارات:(وبالنظر إلى مآلات الأوضاع منذ حرب 1994م واجتياح الجنوب بقوات النظام الحاكم في صنعاء وحلفائه، وإجهاض مشروع الوحدة السلمية الديمقراطية، فإن الجنوب دفع ضريبة "الوحدة المعمدة بالدم" من رصيد مدنيته وثقافيته، وتم بدلاً عنها تكريس قيم نقيضة، أفقدت الجنوب تميزه، وأخذت تنهش في هويته، ليتراجع الجنوب ذو الريادات على مستوى المنطقة، ليغدو متسعاً تجارياً للتحالف التجاري العسكري القبلي، وامتداداً لذوي النفوذ ومن شايعهم، مستباحاً بشرعية الحرب والفتوى، وملاذاً تم تأمينه للعناصر والجماعات المسلّحة بمختلف المسميات خدمة لأجندات لم تعد مجهولة).
وأضاف البيان أنه ( بالنظر إلى تلاشي دور ووظيفة الاتحاد القائم الذي اتخذ من الوحدة تميمةً حيناً، وفزّاعة وطنية خاصة، حيناً آخر، لإخراس الأصوات المناوئة لشرعية الحرب والفتوى، وفي ظل الخيار الوطني للشعب في الجنوب الذي احتشدت قواه الفاعلة من أجل استعادة الدولة، إنقاذاً لما يمكن إنقاذه من قيم الجنوب المدنية، فإن أدباء وأديبات الجنوب وكاتباته وكتّابه لن يكونوا- في هذه اللحظة التاريخية البالغة الحساسية والتعقيد – بمنأى عن خيارات شعبهم، بل لم يكن جُلُّهم بمعزل عن مسار وحركة الرفض الشعبي للهيمنة والاستقواء، في ظل غياب اتحادهم عن الفاعلية الحقيقية في أهم لحظة حرجة تمر بها البلاد، لأسباب يدركون خلفياتها البنيوية والأيديولوجية جغرافياً وفكرياً).
وأكد البيان: ( إن الاتحاد – شأنه شأن الوحدة – ليس صنماً يجب أن نتعبده بالغدوّ والآصال، وليس مقدساً جغرافياً أو تاريخياً، بل هو كما كان الرواد المؤسسون يرونه، حاملاً لقيم المدنية والتحديث في مواجهة قيم النظام التقليدي النفوذي المهيمن، ولعل الخط أوالتوجه الذي يدعو إليه أدباء وأديبات الجنوب وكاتباته وكتّابه لا يتقاطع مع رؤى جيل المؤسسين الرواد الذين عملوا على تعميق الأسس الوطنية والثقافية والإبداعية بعيداً عن أية وصاية أو مزايدة؛ ولذلك فهم ليسوا في اتجاه معاكس لهم، إذ لو ينطق الموتى أو يستطيعون التلويح حتى بالأصابع لأشاروا برفض الوصاية والمزايدة في الشأن الوطني والثقافي؛ ولذلك فليس ثمة من منطلق لهم سوى تأصيل تلك القيم الإبداعية والثقافية والحضارية والإنسانية، وهذا هو الأفق الذي إليه المُتّجَه).
وأشار إلى دور الأستاذ عمر الجاوي الريادي في هذا الصدد بقوله: (ويكفي أن نشير هنا إلى أن الأستاذ المؤسس عمر الجاوي لم تكن الوحدة غايته النهائية, فقد كان قطب المعارضة الأكثر تمسكاً بدولة عصرية قائمة على القانون والنظام ودافع عن حقوق المواطنين وكرامتهم, وكان مهتما بالبناء المؤسسي، وبعد حرب 1994م على الجنوب قاد بنفسه حملة شرسة ضد النهب والسلب
وكان أول من كرّس مصطلح "الفيد" في كتاباته المناهضة لواقع ما بعد الحرب في مدن الجنوب ومناطقه، بل لقد شبّه دخول قوات الحرب إلى عدن بدخول
الغزاة، ثم قاد المظاهرات في حضرموت ضد التنفذ والاستعلاء والاستبداد, ولعله لو امتد به العمر إلى الآن لبادر إلى قيادة الحراك الجنوبي السلمي).
وخلص البيان إلى رسم خارطة للتشكيل الجديد تؤكد أن:
1- الاتحاد الجديد لأدباء وأديبات وكاتبات وكتاب الجنوب ليس مجرد نقابة أو صندوق رعاية اجتماعية،على ما للنقابية والرعاية الاجتماعية من أهمية، ولكنه تأصيل لمشروع ثقافي مدني جنوبي يفتح آفاق الرؤية بعيداً عن تجاذبات الجغرافيا أو ضغط الأيديولوجيات أياً كان جنسها.
2- بنية الاتحاد الجديد تقوم على عقد انتمائي جديد يشيع مناخات الحرية
والإبداع، ويشرع فضاءاتها الحقيقية على امتداد الجنوب من خلال تشكيل جغرافيته بأقاليم ثقافية يحدد معاييرها النظام الأساس والوثائق التي سيقرها المؤتمر العام، لتغدوَ بؤراً ثقافية محفوفة بتشكيلات صغرى في المدن الرئيسة لكل إقليم ثقافي، يكون لها فاعليتها الثقافية والفكرية
المُوازية.
3- الاتحاد الجديد إطار إبداعي تتحد أقاليمه الثقافية هيكلياً في صيغة (مجلس اتحادي فيدرالي)، وليس اتحاداً مركزياً بهيكلية المركز والفروع الشمولية التي لا تليق بإطار إبداعي رائد في مجال الحريات والتنوير الفكري والمدنية والتحديث.
نص البيان:
اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين من الريادة إلى التبعية: لم يكن تأسيس (اتحاد الأدباء والكتّاب اليمنيين) كياناً موحداً للأدباء والكتاب في جغرافية الدولتين السابقتين: جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية في سبعينيات القرن الماضي شكلاً من أشكال النرجسية الوحدوية العربية، أو شكلاً من أشكال التمدد الجغرافي ذي الأبعاد التاريخية، ولكنه كان تعبيراً عن مشروع تنويري تحديثي كان للأدباء والكتاب شرف رفعه دوراً ووظيفة، يتقدم بهما
الثقافي على السياسي، في ظل نظامين يقومان على واحدية الحزب الحاكم في كل من الجمهوريتين؛ لذلك كان تأسيس الاتحاد مظلةً لكل أديب وكاتب أومثقف من تجاوزات أي من النظامين على الحريات والحقوق تعبيراً أوموقفاً أواتجاهاً.
ولقد شكّل الاتحاد موقفاً متقدماً في السياق التاريخي بتبنيه قضية (الوحدة اليمنية) مشروعاً وطنياً وسياسياً ذا أبعاد ثقافية وتنويرية وتحديثية وديمقراطية، الأمر الذي أعلى الاتحاد جمهورية ثقافية فوق الجمهوريتين السياسيتين القائمتين حينئذ.لكن الاتحاد بوصفه حزباً ثقافياً لمن لا حزب له، لم يستطع بعد إعلان
الوحدة بين النظامين في 22 مايو 1990م، أن ينتقل إلى المربع الآخر في تجذير مشروعه الوحدوي الديمقراطي التنويري التحديثي، والثقافي بالدرجة الأولى، وإنما صار جزءاً من أدوات اللعبة السياسية بعد إعلان التعددية الحزبية، ولم يعد حاملاً مشروعاً حقيقياً، إذ اكتفى من الوحدة بجغرافية النظام الواحد، التي مركزت الثقافي مركزتها للسياسي، بل لعله رأى في توحيد النظامين انتصاراً للقضية التي ظل يبشر بها وجعلها في الصدارة من مهامه، وبذلك أصبحت الوحدة خطاً أحمر، سوّغ للقوى التقليدية التي هيمنت على جغرافية الوحدة أن تقمع باسم " الوحدة " كل صوت رافض لعسف النظام وأتباعه، ولم يعد الاتحاد حزب المثقفين وبوصلة المسار، بل غدا في مرحلة ما بعد حرب صيف 1994 ملحقاً بشكل أو بآخر، بالباب الخلفي للحزب الحاكم الذي انفرد بكل شيء وجيّر الجغرافيا والتاريخ والوطن والدين والوحدة والاتحاد لتوكيد أيديولوجية الهيمنة والنفوذ التي كان الرواد المؤسسون ضداً عليها منذ تأسيس الاتحاد.
وبعد أن افتقد الاتحاد إلى مشروع ثقافي ينتقل به من مرحلة النضال الوطني من أجل "الوحدة" أصبح منظمة خاملة من منظمات المجتمع المدني التي تكاثرت كالفطر البري، واسترخى أدباء وكتاب في أحضان أحزابهم و دخلوا غيبوبة الوحدة التي لم يفق البعض منها إلى اليوم، إلا من استعصم منهم بجبلٍ يقال له الإنسان، وظل وفياً لرسالة الأدب والثقافة، ولم تصبه لوثة التدجين التي لم يستطع الاتحاد أن يكون بمنأى عنها، بل لقد استطاع نظام ما بعد حرب 1994م، أن يحتوي الاتحاد ويخلخله ديموغرافياً بالمعنى الأدبي، ويُخفض صوته إلى أدنى مستوى، حتى أمسى شكلاً تاريخياً متحفياً، ليس أدنى إلى تمثيله من صورة المحارب القديم المدجج بالنياشين، الذي يتسوّل الرعاية الاجتماعية.
أدباء الجنوب واستعادة الدولة:
نشأ الاتحاد موحداً، ومثّل موقفاً ريادياً على المستوى الثقافي من حيث حملُهُ مبادئ المدنية وقيمها؛ ولذلك فقد كان يتجاوز، في التصور، محدودية
الحيّز المكاني الجغرافي المسمى باليمن، وبهذا كان اختلافه وتميزه دوراً ووظيفة وليس إطاراً نقابياً، ذلك أن الأدب ليس مهنةً في مؤسسة حكومية أو غير حكومية، وليس الاتحاد سوى تشكيل ثقافي مدني ذي رسالة تنويرية بأبعاد وطنية وإنسانية.
وبالنظر إلى مآلات الأوضاع منذ حرب 1994م واجتياح الجنوب بقوات النظام الحاكم في صنعاء وحلفائه، وإجهاض مشروع الوحدة السلمية
الديمقراطية، فإن الجنوب دفع ضريبة "الوحدة المعمدة بالدم" من رصيد مدنيته وثقافيته، وتم بدلاً عنها تكريس قيم نقيضة، أفقدت الجنوب تميزه،
وأخذت تنهش في هويته، ليتراجع الجنوب ذو الريادات على مستوى المنطقة، ليغدو متسعاً تجارياً للتحالف التجاري العسكري القبلي، وامتداداً لذوي النفوذ ومن شايعهم، مستباحاً بشرعية الحرب والفتوى، وملاذاً تم تأمينه للعناصر والجماعات المسلّحة بمختلف المسميات خدمة لأجندات لم تعد مجهولة.
وبالنظر إلى تلاشي دور ووظيفة الاتحاد القائم الذي اتخذ من الوحدة تميمةً حيناً، وفزّاعة وطنية خاصة، حيناً آخر، لإخراس الأصوات المناوئة
لشرعية الحرب والفتوى، وفي ظل الخيار الوطني للشعب في الجنوب الذي احتشدت قواه الفاعلة من أجل استعادة الدولة، إنقاذاً لما يمكن إنقاذه من قيم الجنوب المدنية، فإن أدباء وأديبات الجنوب وكاتباته وكتّابه لن يكونوا- في هذه اللحظة التاريخية البالغة الحساسية والتعقيد – بمنأى عن خيارات شعبهم، بل لم يكن جُلُّهم بمعزل عن مسار وحركة الرفض الشعبي للهيمنة والاستقواء، في ظل غياب اتحادهم عن الفاعلية الحقيقية في أهم لحظة حرجة تمر بها البلاد، لأسباب يدركون خلفياتها البنيوية والأيديولوجية جغرافياً وفكرياً.
إن الاتحاد – شأنه شأن الوحدة – ليس صنماً يجب أن نتعبده بالغدوّ والآصال، وليس مقدساً جغرافياً أو تاريخياً، بل هو كما كان الرواد المؤسسون يرونه، حاملاً لقيم المدنية والتحديث في مواجهة قيم النظام التقليدي النفوذي المهيمن، ولعل الخط أوالتوجه الذي يدعو إليه أدباء وأديبات الجنوب وكاتباته وكتّابه لا يتقاطع مع رؤى جيل المؤسسين الرواد الذين عملوا على تعميق الأسس الوطنية والثقافية والإبداعية بعيداً عن أية وصاية أو مزايدة؛ ولذلك فهم ليسوا في اتجاه معاكس لهم، إذ لو ينطق الموتى أو يستطيعون التلويح حتى بالأصابع لأشاروا برفض الوصاية والمزايدة في الشأن الوطني والثقافي؛ ولذلك فليس ثمة من منطلق لهم سوى تأصيل تلك القيم الإبداعية والثقافية والحضارية والإنسانية، وهذا هو الأفق الذي إليه المُتّجَه، ويكفي أن نشير هنا إلى أن الأستاذ المؤسس عمر الجاوي لم تكن الوحدة غايته النهائية, فقد كان قطب المعارضة الأكثر تمسكاً بدولة عصرية قائمة على القانون والنظام ودافع عن حقوق المواطنين وكرامتهم, وكان مهتما بالبناء المؤسسي، وبعد حرب 1994م على الجنوب قاد بنفسه حملة شرسة ضد النهب والسلب وكان أول من كرّس مصطلح "الفيد" في كتاباته المناهضة لواقع ما بعد الحرب في مدن الجنوب ومناطقه، بل لقد شبّه دخول قوات الحرب إلى عدن بدخول الغزاة، ثم قاد المظاهرات في حضرموت ضد التنفذ والاستعلاء والاستبداد, ولعله لو امتد به العمر إلى الآن لبادر إلى قيادة الحراك الجنوبي السلمي.
التشكيل الجديد:
وعلى ما تقدم فإننا الموقعين والموقعات على هذا البيان بصدد الدعوة إلى اجتماع عام لأدباء الجنوب وكتابه كافة لتأسيس اتحاد جديد ينهض بفاعلية جديرة به وهو جدير بها في الدور الثقافي والتنويري والوطني جنباً إلى جنب مع منظمات المجتمع المدني الجنوبية في حمل قضية شعبنا العادلة بمواجهة العقلية التي جيّرت كل شيء لتسويغ الهيمنة على الجنوب أرضاً وإنساناً وهوية وتاريخاً ومدنية، وندعو الزملاء والزميلات كافة إلى الاصطفاف الوطني انتصاراً لقيم المدنية والمواطنة المتساوية والحرية والكرامة، إيماناً بأن الاتحاد الذي أسسه الرواد أنما كان دوراً ووظيفة في السياق المدني والثقافي والحضاري، ولم يُرَد له أن يكون إطاراً نقابياً مجرداً أو جمعية للرعاية الاجتماعية.
وتوكيداً للرسالة فإننا نؤكد الآتي:
1- الاتحاد الجديد لأدباء وأديبات وكاتبات وكتاب الجنوب ليس مجرد نقابة أو صندوق رعاية اجتماعية،على ما للنقابية والرعاية الاجتماعية من أهمية، ولكنه تأصيل لمشروع ثقافي مدني جنوبي يفتح آفاق الرؤية بعيداً عن تجاذبات الجغرافيا أو ضغط الأيديولوجيات أياً كان جنسها.
2- بنية الاتحاد الجديد تقوم على عقد انتمائي جديد يشيع مناخات الحرية
والإبداع، ويشرع فضاءاتها الحقيقية على امتداد الجنوب من خلال تشكيل
جغرافيته بأقاليم ثقافية يحدد معاييرها النظام الأساس والوثائق التي
سيقرها المؤتمر العام، لتغدوَ بؤراً ثقافية محفوفة بتشكيلات صغرى في
المدن الرئيسة لكل إقليم ثقافي، يكون لها فاعليتها الثقافية والفكرية
المُوازية.
3- الاتحاد الجديد إطار إبداعي تتحد أقاليمه الثقافية هيكلياً في صيغة
(مجلس اتحادي فيدرالي)، وليس اتحاداً مركزياً بهيكلية المركز والفروع
الشمولية التي لا تليق بإطار إبداعي رائد في مجال الحريات والتنوير
الفكري والمدنية والتحديث.
4- تشكيل الاتحاد على أساس الأقاليم لا الفروع من عوامل فاعلية التنافس
الإبداعي بين الأقاليم الثقافية الجنوبية، وهو تنافس تكاملي بالضرورة
وليس تنافرياً وفق رؤية ناظمة وناضجة لمشروع لا يغفل التنوع الثقافي.
5- الصيغة الاتحادية للأقاليم الثقافية تستهدف تأمين الاستقلال المالي
والإداري وتكريس ثقافة الديمقراطية بعيداً عن الوصاية المركزية
وضغوطاتها، لتأمين تنمية ثقافية على مستوى الجنوب تتيح فرصاً متساوية
للأقاليم الثقافية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.