المحرّمي يؤكد أهمية الشراكة مع القطاع الخاص لتعزيز الاقتصاد وضمان استقرار الأسواق    صنعاء تحتفل بتوطين زراعة القوقعة لأول مرة في اليمن    3923 خريجاً يؤدون امتحان مزاولة المهنة بصنعاء للعام 2025    العليمي يشيد بجهود الأشقاء في المملكة من أجل خفض التصعيد في حضرموت والمهرة    حلف قبائل حضرموت يؤيد بيان السلطة المحلية وقرارات المجلس الانتقالي الجنوبي    صدور كتاب جديد يكشف تحولات اليمن الإقليمية بين التكامل والتبعية    بالفيديو .. وزارة الداخلية تعلن دعمها الكامل لتحركات المجلس الانتقالي وتطالب الرئيس الزبيدي بإعلان دولة الجنوب العربي    الإعلامية مايا العبسي تعلن اعتزال تقديم برنامج "طائر السعيدة"    الصحفي والمناضل السياسي الراحل عبدالرحمن سيف إسماعيل    ميسي يتربّع على قمة رياضيي القرن ال21    استثمار سعودي - أوروبي لتطوير حلول طويلة الأمد لتخزين الطاقة    الأميّة المرورية.. خطر صامت يفتك بالطرق وأرواح الناس    الرياض: تحركات مليشيا الانتقالي تصعيد غير مبرر وتمت دون التنسيق معنا    ويتكوف يكشف موعد بدء المرحلة الثانية وحماس تحذر من خروقات إسرائيل    باكستان تبرم صفقة أسلحة ب 4.6 مليار دولار مع قوات حفتر في ليبيا    أرسنال يهزم كريستال بالاس بعد 16 ركلة ترجيح ويتأهل إلى نصف نهائي كأس الرابطة    تركيا تدق ناقوس الخطر.. 15 مليون مدمن    شرعية "الروم سيرفس": بيع الوطن بنظام التعهيد    الجنوب العربي: دولة تتشكل من رحم الواقع    بيان بن دغر وأحزابه يلوّح بالتصعيد ضد الجنوب ويستحضر تاريخ السحل والقتل    ذا كريدل": اليمن ساحة "حرب باردة" بين الرياض وأبو ظبي    نيجيريا.. قتلى وجرحى بانفجار "عبوة ناسفة" استهدفت جامع    حضرموت.. قتلى وجرحى جراء اشتباكات بين قوات عسكرية ومسلحين    سلامة قلبك يا حاشد    المدير التنفيذي للجمعية اليمنية للإعلام الرياضي بشير سنان يكرم الزملاء المصوّرين الصحفيين الذين شاركوا في تغطية بطولات كبرى أُقيمت في دولة قطر عام 2025    الصحفي المتخصص بالإعلام الاقتصادي نجيب إسماعيل نجيب العدوفي ..    ذمار.. مقتل مواطن برصاص راجع إثر اشتباك عائلي مع نجله    الجزائر تفتتح مشوارها بأمم إفريقيا بفوز ساحق على السودان"    النائب العام يأمر بالتحقيق في اكتشاف محطات تكرير مخالفة بالخشعة    تعود لاكثر من 300 عام : اكتشاف قبور اثرية وتحديد هويتها في ذمار    مؤسسة الاتصالات تكرم أصحاب قصص النجاح من المعاقين ذوي الهمم    شباب عبس يتجاوز حسيني لحج في تجمع الحديدة وشباب البيضاء يتجاوز وحدة حضرموت في تجمع لودر    ضبط محطات غير قانونية لتكرير المشتقات النفطية في الخشعة بحضرموت    الرئيس الزُبيدي: نثمن دور الإمارات التنموي والإنساني    الدولار يتجه نحو أسوأ أداء سنوي له منذ أكثر من 20 عاما    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل في مشروع سد حسان بمحافظة أبين    لملس يتفقد سير أعمال تأهيل مكتب التعليم الفني بالعاصمة عدن    أبناء العمري وأسرة شهيد الواجب عبدالحكيم فاضل أحمد فريد العمري يشكرون رئيس انتقالي لحج على مواساته    الحديدة تدشن فعاليات جمعة رجب بلقاء موسع يجمع العلماء والقيادات    هيئة الزكاة تدشن برامج صحية واجتماعية جديدة في صعدة    "أهازيج البراعم".. إصدار شعري جديد للأطفال يصدر في صنعاء    دور الهيئة النسائية في ترسيخ قيم "جمعة رجب" وحماية المجتمع من طمس الهوية    تحذير طبي برودة القدمين المستمرة تنذر بأمراض خطيرة    تضامن حضرموت يواجه مساء اليوم النهضة العماني في كأس الخليج للأندية    اختتام دورة تدريبية لفرسان التنمية في مديريتي الملاجم وردمان في محافظة البيضاء    تونس تضرب أوغندا بثلاثية    إغلاق مطار سقطرى وإلغاء رحلة قادمة من أبوظبي    وفاة رئيس الأركان الليبي ومرافقيه في تحطم طائرة في أنقرة    البنك المركزي يوقف تراخيص فروع شركات صرافة بعدن ومأرب    الفواكه المجففة تمنح الطاقة والدفء في الشتاء    تكريم الفائزات ببطولة الرماية المفتوحة في صنعاء    هيئة المواصفات والمقاييس تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    تحذيرات طبية من خطورة تجمعات مياه المجاري في عدد من الأحياء بمدينة إب    مرض الفشل الكلوي (33)    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أدباء جنوبيون يدعون لتأسيس اتحاد جديد لأدباء وكتّاب الجنوب
نشر في عدن الغد يوم 20 - 05 - 2012

وقع عدد من أدباء وكتاب الجنوب بياناً أعلنوا فيه الدعوة إلى اجتماع عام لأدباء الجنوب وكتابه لتشكيل لجنة تحضيرية لتأسيس اتحاد جنوبي على قواعد ومبادئ جديدة تستلهم ما لدى الرواد الأوائل من أبعاد وقيم ثقافية وتنويرية، تعيد الأدباء والكتّاب إلى واجهة المشهد الثقافي والوطني الذي غيبوا عنه في ظل ما تبقى من الاتحاد الذي يضم أدباء الشمال والجنوب تحت مسمى (اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين).

وكان عدد من أعضاء الأمانة العامة والمجلس التنفيذي لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ورؤساء فروع الاتحاد الجنوبيين قد قاطعوا أو لم يحضروا اجتماع المجلس التنفيذي الأخير المنعقد في صنعاء تعبيراً عن عدم الانسجام مع ما آل إليه وضع الاتحاد ونكوصه عن دوره الريادي إزاء تحديات اللحظة الراهنة ولاسيما الموقف من استعادة الدولة الجنوبية المغدور بها في حرب 1994، ما يعني انهيار المشروع المدني التحديثي التنويري الديمقراطي الذي كان الاتحاد يحمل مشعله.

وجاء في البيان الذي تلقاه "عدن الغد" التالي :" بعد لمحة تاريخية وجيزة عن النشأة والمسارات والانكسارات:(وبالنظر إلى مآلات الأوضاع منذ حرب 1994م واجتياح الجنوب بقوات النظام الحاكم في صنعاء وحلفائه، وإجهاض مشروع الوحدة السلمية الديمقراطية، فإن الجنوب دفع ضريبة "الوحدة المعمدة بالدم" من رصيد مدنيته وثقافيته، وتم بدلاً عنها تكريس قيم نقيضة، أفقدت الجنوب تميزه، وأخذت تنهش في هويته، ليتراجع الجنوب ذو الريادات على مستوى المنطقة، ليغدو متسعاً تجارياً للتحالف التجاري العسكري القبلي، وامتداداً لذوي النفوذ ومن شايعهم، مستباحاً بشرعية الحرب والفتوى، وملاذاً تم تأمينه للعناصر والجماعات المسلّحة بمختلف المسميات خدمة لأجندات لم تعد مجهولة).
وأضاف البيان أنه ( بالنظر إلى تلاشي دور ووظيفة الاتحاد القائم الذي اتخذ من الوحدة تميمةً حيناً، وفزّاعة وطنية خاصة، حيناً آخر، لإخراس الأصوات المناوئة لشرعية الحرب والفتوى، وفي ظل الخيار الوطني للشعب في الجنوب الذي احتشدت قواه الفاعلة من أجل استعادة الدولة، إنقاذاً لما يمكن إنقاذه من قيم الجنوب المدنية، فإن أدباء وأديبات الجنوب وكاتباته وكتّابه لن يكونوا- في هذه اللحظة التاريخية البالغة الحساسية والتعقيد - بمنأى عن خيارات شعبهم، بل لم يكن جُلُّهم بمعزل عن مسار وحركة الرفض الشعبي للهيمنة والاستقواء، في ظل غياب اتحادهم عن الفاعلية الحقيقية في أهم لحظة حرجة تمر بها البلاد، لأسباب يدركون خلفياتها البنيوية والأيديولوجية جغرافياً وفكرياً).

وأكد البيان: ( إن الاتحاد – شأنه شأن الوحدة - ليس صنماً يجب أن نتعبده بالغدوّ والآصال، وليس مقدساً جغرافياً أو تاريخياً، بل هو كما كان الرواد المؤسسون يرونه، حاملاً لقيم المدنية والتحديث في مواجهة قيم النظام التقليدي النفوذي المهيمن، ولعل الخط أوالتوجه الذي يدعو إليه أدباء وأديبات الجنوب وكاتباته وكتّابه لا يتقاطع مع رؤى جيل المؤسسين الرواد الذين عملوا على تعميق الأسس الوطنية والثقافية والإبداعية بعيداً عن أية وصاية أو مزايدة؛ ولذلك فهم ليسوا في اتجاه معاكس لهم، إذ لو ينطق الموتى أو يستطيعون التلويح حتى بالأصابع لأشاروا برفض الوصاية والمزايدة في الشأن الوطني والثقافي؛ ولذلك فليس ثمة من منطلق لهم سوى تأصيل تلك القيم الإبداعية والثقافية والحضارية والإنسانية، وهذا هو الأفق الذي إليه المُتّجَه).

وأشار إلى دور الأستاذ عمر الجاوي الريادي في هذا الصدد بقوله: (ويكفي أن نشير هنا إلى أن الأستاذ المؤسس عمر الجاوي لم تكن الوحدة غايته النهائية, فقد كان قطب المعارضة الأكثر تمسكاً بدولة عصرية قائمة على القانون والنظام ودافع عن حقوق المواطنين وكرامتهم, وكان مهتما بالبناء المؤسسي، وبعد حرب 1994م على الجنوب قاد بنفسه حملة شرسة ضد النهب والسلب وكان أول من كرّس مصطلح "الفيد" في كتاباته المناهضة لواقع ما بعد الحرب في مدن الجنوب ومناطقه، بل لقد شبّه دخول قوات الحرب إلى عدن بدخول الغزاة، ثم قاد المظاهرات في حضرموت ضد التنفذ والاستعلاء والاستبداد, ولعله لو امتد به العمر إلى الآن لبادر إلى قيادة الحراك الجنوبي السلمي).

وخلص البيان إلى رسم خارطة للتشكيل الجديد تؤكد أن:
1- الاتحاد الجديد لأدباء وأديبات وكاتبات وكتاب الجنوب ليس مجرد نقابة أو صندوق رعاية اجتماعية،على ما للنقابية والرعاية الاجتماعية من أهمية، ولكنه تأصيل لمشروع ثقافي مدني جنوبي يفتح آفاق الرؤية بعيداً عن تجاذبات الجغرافيا أو ضغط الأيديولوجيات أياً كان جنسها.
2- بنية الاتحاد الجديد تقوم على عقد انتمائي جديد يشيع مناخات الحرية والإبداع، ويشرع فضاءاتها الحقيقية على امتداد الجنوب من خلال تشكيل جغرافيته بأقاليم ثقافية يحدد معاييرها النظام الأساس والوثائق التي سيقرها المؤتمر العام، لتغدوَ بؤراً ثقافية محفوفة بتشكيلات صغرى في المدن الرئيسة لكل إقليم ثقافي، يكون لها فاعليتها الثقافية والفكرية المُوازية.
3- الاتحاد الجديد إطار إبداعي تتحد أقاليمه الثقافية هيكلياً في صيغة (مجلس اتحادي فيدرالي)، وليس اتحاداً مركزياً بهيكلية المركز والفروع الشمولية التي لا تليق بإطار إبداعي رائد في مجال الحريات والتنوير الفكري والمدنية والتحديث.
نص البيان:
اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين من الريادة إلى التبعية:
لم يكن تأسيس (اتحاد الأدباء والكتّاب اليمنيين) كياناً موحداً للأدباء والكتاب في جغرافية الدولتين السابقتين: جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية في سبعينيات القرن الماضي شكلاً من أشكال النرجسية الوحدوية العربية، أو شكلاً من أشكال التمدد الجغرافي ذي الأبعاد التاريخية، ولكنه كان تعبيراً عن مشروع تنويري تحديثي كان للأدباء والكتاب شرف رفعه دوراً ووظيفة، يتقدم بهما الثقافي على السياسي، في ظل نظامين يقومان على واحدية الحزب الحاكم في كل من الجمهوريتين؛ لذلك كان تأسيس الاتحاد مظلةً لكل أديب وكاتب أومثقف من تجاوزات أي من النظامين على الحريات والحقوق تعبيراً أوموقفاً أواتجاهاً.
ولقد شكّل الاتحاد موقفاً متقدماً في السياق التاريخي بتبنيه قضية (الوحدة اليمنية) مشروعاً وطنياً وسياسياً ذا أبعاد ثقافية وتنويرية وتحديثية وديمقراطية، الأمر الذي أعلى الاتحاد جمهورية ثقافية فوق الجمهوريتين السياسيتين القائمتين حينئذ.
لكن الاتحاد بوصفه حزباً ثقافياً لمن لا حزب له، لم يستطع بعد إعلان الوحدة بين النظامين في 22 مايو 1990م، أن ينتقل إلى المربع الآخر في تجذير مشروعه الوحدوي الديمقراطي التنويري التحديثي، والثقافي بالدرجة الأولى، وإنما صار جزءاً من أدوات اللعبة السياسية بعد إعلان التعددية الحزبية، ولم يعد حاملاً مشروعاً حقيقياً، إذ اكتفى من الوحدة بجغرافية النظام الواحد، التي مركزت الثقافي مركزتها للسياسي، بل لعله رأى في توحيد النظامين انتصاراً للقضية التي ظل يبشر بها وجعلها في الصدارة من مهامه، وبذلك أصبحت الوحدة خطاً أحمر، سوّغ للقوى التقليدية التي هيمنت على جغرافية الوحدة أن تقمع باسم " الوحدة " كل صوت رافض لعسف النظام وأتباعه، ولم يعد الاتحاد حزب المثقفين وبوصلة المسار، بل غدا في مرحلة ما بعد حرب صيف 1994 ملحقاً بشكل أو بآخر، بالباب الخلفي للحزب الحاكم الذي انفرد بكل شيء وجيّر الجغرافيا والتاريخ والوطن والدين والوحدة والاتحاد لتوكيد أيديولوجية الهيمنة والنفوذ التي كان الرواد المؤسسون ضداً عليها منذ تأسيس الاتحاد.
وبعد أن افتقد الاتحاد إلى مشروع ثقافي ينتقل به من مرحلة النضال الوطني من أجل "الوحدة" أصبح منظمة خاملة من منظمات المجتمع المدني التي تكاثرت كالفطر البري، واسترخى أدباء وكتاب في أحضان أحزابهم و دخلوا غيبوبة الوحدة التي لم يفق البعض منها إلى اليوم، إلا من استعصم منهم بجبلٍ يقال له الإنسان، وظل وفياً لرسالة الأدب والثقافة، ولم تصبه لوثة التدجين التي لم يستطع الاتحاد أن يكون بمنأى عنها، بل لقد استطاع نظام ما بعد حرب 1994م، أن يحتوي الاتحاد ويخلخله ديموغرافياً بالمعنى الأدبي، ويُخفض صوته إلى أدنى مستوى، حتى أمسى شكلاً تاريخياً متحفياً، ليس أدنى إلى تمثيله من صورة المحارب القديم المدجج بالنياشين، الذي يتسوّل الرعاية الاجتماعية.
أدباء الجنوب واستعادة الدولة:
نشأ الاتحاد موحداً، ومثّل موقفاً ريادياً على المستوى الثقافي من حيث حملُهُ مبادئ المدنية وقيمها؛ ولذلك فقد كان يتجاوز، في التصور، محدودية الحيّز المكاني الجغرافي المسمى باليمن، وبهذا كان اختلافه وتميزه دوراً ووظيفة وليس إطاراً نقابياً، ذلك أن الأدب ليس مهنةً في مؤسسة حكومية أو غير حكومية، وليس الاتحاد سوى تشكيل ثقافي مدني ذي رسالة تنويرية بأبعاد وطنية وإنسانية.
وبالنظر إلى مآلات الأوضاع منذ حرب 1994م واجتياح الجنوب بقوات النظام الحاكم في صنعاء وحلفائه، وإجهاض مشروع الوحدة السلمية الديمقراطية، فإن الجنوب دفع ضريبة "الوحدة المعمدة بالدم" من رصيد مدنيته وثقافيته، وتم بدلاً عنها تكريس قيم نقيضة، أفقدت الجنوب تميزه، وأخذت تنهش في هويته، ليتراجع الجنوب ذو الريادات على مستوى المنطقة، ليغدو متسعاً تجارياً للتحالف التجاري العسكري القبلي، وامتداداً لذوي النفوذ ومن شايعهم، مستباحاً بشرعية الحرب والفتوى، وملاذاً تم تأمينه للعناصر والجماعات المسلّحة بمختلف المسميات خدمة لأجندات لم تعد مجهولة.
وبالنظر إلى تلاشي دور ووظيفة الاتحاد القائم الذي اتخذ من الوحدة تميمةً حيناً، وفزّاعة وطنية خاصة، حيناً آخر، لإخراس الأصوات المناوئة لشرعية الحرب والفتوى، وفي ظل الخيار الوطني للشعب في الجنوب الذي احتشدت قواه الفاعلة من أجل استعادة الدولة، إنقاذاً لما يمكن إنقاذه من قيم الجنوب المدنية، فإن أدباء وأديبات الجنوب وكاتباته وكتّابه لن يكونوا- في هذه اللحظة التاريخية البالغة الحساسية والتعقيد - بمنأى عن خيارات شعبهم، بل لم يكن جُلُّهم بمعزل عن مسار وحركة الرفض الشعبي للهيمنة والاستقواء، في ظل غياب اتحادهم عن الفاعلية الحقيقية في أهم لحظة حرجة تمر بها البلاد، لأسباب يدركون خلفياتها البنيوية والأيديولوجية جغرافياً وفكرياً.

إن الاتحاد – شأنه شأن الوحدة - ليس صنماً يجب أن نتعبده بالغدوّ والآصال، وليس مقدساً جغرافياً أو تاريخياً، بل هو كما كان الرواد المؤسسون يرونه، حاملاً لقيم المدنية والتحديث في مواجهة قيم النظام التقليدي النفوذي المهيمن، ولعل الخط أوالتوجه الذي يدعو إليه أدباء وأديبات الجنوب وكاتباته وكتّابه لا يتقاطع مع رؤى جيل المؤسسين الرواد الذين عملوا على تعميق الأسس الوطنية والثقافية والإبداعية بعيداً عن أية وصاية أو مزايدة؛ ولذلك فهم ليسوا في اتجاه معاكس لهم، إذ لو ينطق الموتى أو يستطيعون التلويح حتى بالأصابع لأشاروا برفض الوصاية والمزايدة في الشأن الوطني والثقافي؛ ولذلك فليس ثمة من منطلق لهم سوى تأصيل تلك القيم الإبداعية والثقافية والحضارية والإنسانية، وهذا هو الأفق الذي إليه المُتّجَه، ويكفي أن نشير هنا إلى أن الأستاذ المؤسس عمر الجاوي لم تكن الوحدة غايته النهائية, فقد كان قطب المعارضة الأكثر تمسكاً بدولة عصرية قائمة على القانون والنظام ودافع عن حقوق المواطنين وكرامتهم, وكان مهتما بالبناء المؤسسي، وبعد حرب 1994م على الجنوب قاد بنفسه حملة شرسة ضد النهب والسلب وكان أول من كرّس مصطلح "الفيد" في كتاباته المناهضة لواقع ما بعد الحرب في مدن الجنوب ومناطقه، بل لقد شبّه دخول قوات الحرب إلى عدن بدخول الغزاة، ثم قاد المظاهرات في حضرموت ضد التنفذ والاستعلاء والاستبداد, ولعله لو امتد به العمر إلى الآن لبادر إلى قيادة الحراك الجنوبي السلمي.
التشكيل الجديد:

وعلى ما تقدم فإننا الموقعين والموقعات على هذا البيان بصدد الدعوة إلى اجتماع عام لأدباء الجنوب وكتابه كافة لتأسيس اتحاد جديد ينهض بفاعلية جديرة به وهو جدير بها في الدور الثقافي والتنويري والوطني جنباً إلى جنب مع منظمات المجتمع المدني الجنوبية في حمل قضية شعبنا العادلة بمواجهة العقلية التي جيّرت كل شيء لتسويغ الهيمنة على الجنوب أرضاً وإنساناً وهوية وتاريخاً ومدنية، وندعو الزملاء والزميلات كافة إلى الاصطفاف الوطني انتصاراً لقيم المدنية والمواطنة المتساوية والحرية والكرامة، إيماناً بأن الاتحاد الذي أسسه الرواد أنما كان دوراً ووظيفة في السياق المدني والثقافي والحضاري، ولم يُرَد له أن يكون إطاراً نقابياً مجرداً أو جمعية للرعاية الاجتماعية.
وتوكيداً للرسالة فإننا نؤكد الآتي:
4- الاتحاد الجديد لأدباء وأديبات وكاتبات وكتاب الجنوب ليس مجرد نقابة أو صندوق رعاية اجتماعية،على ما للنقابية والرعاية الاجتماعية من أهمية، ولكنه تأصيل لمشروع ثقافي مدني جنوبي يفتح آفاق الرؤية بعيداً عن تجاذبات الجغرافيا أو ضغط الأيديولوجيات أياً كان جنسها.
5- بنية الاتحاد الجديد تقوم على عقد انتمائي جديد يشيع مناخات الحرية والإبداع، ويشرع فضاءاتها الحقيقية على امتداد الجنوب من خلال تشكيل جغرافيته بأقاليم ثقافية يحدد معاييرها النظام الأساس والوثائق التي سيقرها المؤتمر العام، لتغدوَ بؤراً ثقافية محفوفة بتشكيلات صغرى في المدن الرئيسة لكل إقليم ثقافي، يكون لها فاعليتها الثقافية والفكرية المُوازية.
6- الاتحاد الجديد إطار إبداعي تتحد أقاليمه الثقافية هيكلياً في صيغة (مجلس اتحادي فيدرالي)، وليس اتحاداً مركزياً بهيكلية المركز والفروع الشمولية التي لا تليق بإطار إبداعي رائد في مجال الحريات والتنوير الفكري والمدنية والتحديث.
7- تشكيل الاتحاد على أساس الأقاليم لا الفروع من عوامل فاعلية التنافس الإبداعي بين الأقاليم الثقافية الجنوبية، وهو تنافس تكاملي بالضرورة وليس تنافرياً وفق رؤية ناظمة وناضجة لمشروع لا يغفل التنوع الثقافي.
8- الصيغة الاتحادية للأقاليم الثقافية تستهدف تأمين الاستقلال المالي والإداري وتكريس ثقافة الديمقراطية بعيداً عن الوصاية المركزية وضغوطاتها، لتأمين تنمية ثقافية على مستوى الجنوب تتيح فرصاً متساوية للأقاليم الثقافية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.