نادى الناس مراراً وناضلوا من أجل تحقيق شيءٍ من المساواة والعدالة الاجتماعية في بلدٍ تذكي قوانينها وأنظمتها نار التمرد وتغذي الصراع الطبقي وتنمي الأحقاد والضغائن بين أولاد الحكومة اليمنية من الموظفين, واستبشر الناس خيراً بالهيكل الوظيفي الجديد لعله يعالج الوضع المختل غير المنطقي من التفاوت الكبير والبون الشاسع بين موظفي الدولة بحسب الإدارة التي يحل فيها الموظف أو المؤسسة التي يتعين فيها, ولكن كأنك يا بوزيد ما غزيت ولا ناضلت ولا تململت!! فالهيكل الجديد لم يحقق عدالة ولا توازناً في الرواتب بين أبناء الحكومة من الموظفين. لا زال الوضع الوظيفي والمالي يخضع لمزاجية الحكومة وقوة وزير الوزارة المعنية فيها فكل وزير يرتب لأصحابه ويدلي دلوه, فلا الهيكل نفع ولا الاستراتيجية حققت شيئاً من العدالة المنشودة, حيث تقسم الإدارات والمؤسسات إلى إنتاجية إيرادية مرضيٌ عنها وعن أصحابها, وأخرى خدمية مغضوب عليها!!, فالموظفون السعداء من أهل الإيراد يحضون بامتيازاتٍ وعلاواتٍ وإكرامياتٍ وإعانات علاج وبدلٍ مختلفة الأسماء يحرم منها موظفو الإدارات الخدمية التي تخدم المواطن ولا تجبي منه الملايين والمليارات كما هو حال المؤسسات الإيرادية. ولذلك فإنه ولا بد حسب قانون حمورابي التمييز بين موظف وآخر بحسب الإدارة والمؤسسة التي يتوظف فيها فهؤلاء يحصلون كثيراً وأولئك لا يستحقون نقيراً. لست أدري إلى متى سيبقى الاستخفاف والسخرية بمشاعر الموظفين والتمييز بينهم في ظل هذه المواطنة غير المتساوية فالواقع أن كل موظف يدفع للدولة من راتبه ضريبة شهرية تتجاوز الخمسة عشر في المائة ثم لا تقوم الدولة بصرف أي إعانات مالية له حتى لعلاجه في حال مرضه إلا إن كان من موظفي المؤسسات المرضي عنها ذوات الحظ السعيد. إذا كانت نظرة الدولة للموظفين بما تجبيه إداراتهم ومؤسساتهم من أموال فتعطيهم شيئاً منها علاواتٍ وإكراميات فيما يحُرم منها بقية الموظفين فلماذا لا تعمم هذه النظرة الحكومية لتعمم على المناطق, فالمحافظات الذي ترفد خزينة الدولة بالثروات والأموال ينبغي أن يميز أهلها بالرواتب المجزئة والعلاوات والمكافئات عن أصحاب تلك المناطق الفقيرة والتي تستنزف الخزينة وتفقرها؟!. اعلم جيداً أن بعض الذين سيقرؤون هذا الكلام من عُلية القوم وأصحاب المسؤولية سيرمون كاتبه بالعنصرية والمناطقية والنظر إلى المواطنين نظرة تمييزية!! مع أن ما يفعلونه بالموظفين وتمييزهم إلى أقسامٍ ودرجات بناءً على دخل مؤسساتهم وما تورده للخزينة هو عين الباطل. ما ذكرناه من إعطاء أهل المناطق الغنية ميزة خاصة عن غيرهم هو أمر منطقي ومقبول كونهم أصحاب الثروة الحقيقيين حيث تستخرج من أراضيهم فلهم الحق فيها أولاً ثم ما يترتب على استخراجها من تلويث البيئة تربةً وهواءً وفي الأخير أهل تلك المناطق يعانون الأمراض وتبعات ما تخلفه الشركات التي تستخرج الكنوز المدفونة ليذهب إلى الخزينة العامة ومع ذلك سيستنكر. فإذا كان ما ذكرناه غير مقبول ولا مستساغ عندهم فمن باب أولى أن يكون التمييز بين الموظفين على أساس ما تجبيه مؤسساتهم هو باطل لا يقبله ذو عقل فكثير من الموظفين يشكو بون شاسع بين ما يتقاضاه وهو حامل شهادة جامعية مقارنة بحامل شهادة ابتدائية ابتسم له الحظ بتعيينه في مؤسسسة من ذوات الحظ السعيد!!. شيٌ آخر في هذا البلد العجيب حيث تبقى الدولة تصم أذنها عن موظفيها ولا تعطيهم حقوقهم إلا بعد أن يضربوا ويعتصموا ويتظاهروا فحينذاك يتم الاستماع لهم وصرف حقوقهم وبالمقابل يلف الإهمال أعناق الصامتين حتى إشعار آخر. ندرك جيداً أن هناك أعمال لها طبيعة معينة أو تكتنفها بعض الخطورة فينبغي أن يحضى أهلها بمزيد اهتمام وهذا لا جدال فيه لكن أن تصرف علاوات وحوافز وإكراميات بحسب ما تورده الإدارة ويحرم الآخرون وكلهم موظفون عند حكومة واحدة هذا هو المعيب وأن يصرف لبعض الموظفين إعانات للعلاج ويمنع الباقون هذا أشد عيباَ من سابقه فالكل يعمل عند حكومة واحدة ويدفع ضرائب باهضة تخصم من الرواتب شهرياً ثم حينما نمرض يجد بعضنا إعانة من مؤسسته أو إدارته الحكومية فيما يذهب الباقون إلى أبواب المساجد يفرشون العمائم كي يتصدق عليهم المحسنون ولكأن لسان الحكومة الموقرة: افهموا الإكرامية والمكآفئات والإعانات لمن يستحقها فقط!!.