إن الولاياتالمتحدةالأمريكية دولة فيدرالية لاتحاد أكثر من خمسين ولاية, لكل ولاية نظامها القانوني الخاص بها ومجلسها التشريعي الذي يصدر كل القوانين التي تنظم شئون الولاية بما يناسب كل ولاية وبما يراه ممثلي أبناء الولاية في برلمانها الإقليمي أما ما يخص الأمن القومي الأمريكي والعلاقات الخارجية والدفاع والعملة فهذا من شان الكونغرس الأمريكي الاتحادي –مجلسي النواب والشيوخ- حيث تمثل الولاية في الأول بحسب عدد سكانها وفي الثاني يكون لها سيناتورين اثنين أسوة ببقية الولايات على قدم المساواة..هذا النظام الفيدرالي الأمريكي الأبرز بين النظم الفيدرالية في العالم لم يتوصل إليه إلا بعد مفاوضات طويلة المدى وتجاذبات كبيرة وتحديات واجهها الآباء المؤسسون لاتحاد الولاياتالأمريكية منذ 1774م حينما أعلنت بعض الولايات والمقاطعات الأمريكية وثيقة الاستقلال الأمريكية الشهيرة لينطلق بعدها مارثون المفاوضات بين ممثلي الولايات من اجل الاتحاد ودولة أمريكية أقوى من كل الولايات المتناحرة. وعرف سكان نيويورك على وجه التحديد نشر أكثر من أربعة وثمانين مقالا حول الموضوع عرفت فيما بعد بالأوراق الفيدرالية تبنى من خلالها كلا من السيناتور جيمس مادسون، وزميليه الكسندر هاملتون، وجان جي إقناع مواطنيهم في الولاية بالانضمام للاتحاد الأمريكي الجديد خلال عامي 1787و1788م وقد ضمن السيناتور مادسون وزميليه من خلال حملتهم الدعائية التنويرية للاتحاد تحقيق أغلبية من مواطني نيويورك تؤيد رؤيتهم لمستقبل نيويورك في الاتحاد الأمريكي وليس خارجه..وافلح في جذب كثير من معارضي فكرة الاتحاد لصالح فكرته في قيام دولة أمريكية واحدة وقوية ..وتعلم الأمريكان من نضال السيناتور مادسون ورفيقيه في إقناع مواطني نيويورك بفكرة الاتحاد ..انه بالإقناع والحجة ومخاطبة العقول يمكن للشعوب أن تتبصر مواضع أقدامها وتنطلق للمستقبل بوعي مدرك لمآل هذا الخيار أو ذاك ..مستعدة لبذل التضحيات من اجل تحقيق غاياتها مادام وقد اختارت هذا الطريق بوعي وقناعة تامة .لان هناك من الأشخاص من يعمل ضد مصالحه أيضا وقد تحجب عنه المصالح الضيقة والمتوهمة غايات أسمى ومصالح أعظم لو تشارك مع المجتمع الذي يعيش فيه في تقرير المستقبل على قاعدة العيش المشترك … كما تعلم الأمريكان و يجب أن نتعلم نحن بأن لا شيء يمكن أن يؤخذ على أنه مسلّم به. فكل شيء يجب أن يخضع للتجربة. فالواقعية هي طريق حياة. والحالة تفرض طبيعة القانون وليس العكس صحيحاً. فقوانين العالم المتغير يجب أن تكون مستمرة التغير. ويجب أن تتوافر تفسيرات جديدة دائماً.ونحن المسلمون نعرف إلى جانب فقه الشريعة وأحكامها ما يمكن أن نطلق عليه فقه الواقع وهذا يتوافق مع القاعدة الأصولية الذي تقول بتغيير الفتوى وفقا للزمان والمكان. ونأخذ من التجارب الإنسانية الرائدة في علم الإدارة والسياسة ما ينهض بنا ويحقق آمال وتطلعات شعوبنا في الحرية والكرامة والتقدم . عضو فريق بناء الدولة –مؤتمر الحوار الوطني الشامل