يبدو أن ظاهرة "مجتهد" السعودي التي انتشرت في فضاء التويتر وتخصصت بنشر أسرار ومعلومات دقيقة من داخل أروقة القصور الحاكمة السعوديّة لن تكون الأخيرة من نوعها، الاختراق هذه المرة جاء من داخل قصور وشركات الإمارات العربيّة المتحدة، ولكن هذه المرة تحت اسم "مخلص الإمارات". فقد انتشرت في الأيام الماضية على صفحة التواصل الاجتماعي "الفيسبوك"، شخصيّة افتراضيّة جديدة تحمل "مخلص الامارات" كاسم مستعار، ووعدت الجمهور بكشف مئات الأسرار والمعلومات المتعلقة بمراكز القوى داخل امبراطورية آل نهيان التي سطع نجمها بعد الاطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي في 3 يوليو 2013. "إنّي اخاف الله رب العالمين"، بهذه العبارة ابتدأ مخلص تسريباته على شبكات التواصل الاجتماعي، مبررا نشاطه بقوله: "أحاول تبرئة نفسي أمام الله ورسوله من ممارسات بعض من حولي من خلال الصراخ هنا لإيصال صوتي وكشف المستور من داخل القصور". وبالفعل وبعد ساعات قليلة من تدوينته الأولى، أمطر مخلص الإمارات جمهوره بمجموعة من المعلومات عن رجال الحكم والأعمال الإماراتيين وموظفيهم، ابتداء من وزير الدولة للشؤون الخارجية ووزير الدولة لشؤون المجلس الوطني أنور قرقاش ومروراً بالقيادي الفلسطيني المفصول من حركة فتح محمد دحلان، وانتهاءً بعضو الكنيست الإسرائيلي العربي أحمد الطيبي. وتحت عنوان من يحكم الإمارات اليوم؟ فجّر مخلص الإمارات مفاجأته كاشفاً أن الحاكم الفعلي للإمارات ليس حاكم ابو ظبي محمد بن زايد آل نهيان ولا حاكم دبي خليفة بن زايد آل نهيان، بل هو على حدّ ادعاء "مخلص الإمارات" أنور قرقاش، الملياردير الذي يشغل عدة حقائب وزارية في الاتحاد الإماراتي، مضيفا بأنَّ قرقاش ومن خلال "إمبراطورية الشويري" للدعاية والإعلان، يتحكم بعددٍ كبير من الفضائيات والصحف اليومية، مؤكدا على أن أبرز علاقات قرقاش هي مع رجل الأعمال المصريّ الكبير أحمد أبو هشيمة مالك صحيفة "اليوم السابع المصرية". وقال "مخلص الإمارات" بأن عقدا إعلانيا كان موقعا بين قرقاش وأحمد ابو هشيمة بقيمة 30 مليون جنيه، ارتفع بعد "الانقلاب العسكري" الذي قاده الفريق عبد الفتاح السيسي في 3 يوليو 2013، ليرتفع "بقدرة قادر" إلى 120 مليون جنيه، مؤكدا في الوقت نفسه على رشاوي أخرى يدفعها قرقاش باستمرار لألوية وضباط من قيادة الجيش المصري. كما أن مخلص أشار أيضا إلى الدور الذي يلعبه القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان، الذي ينتدبه قرقاش الذي يتولى التنسيق مع رجال أعمال آخرين مثل رجل الأعمال المصريّ نجيب سويرس، ولكن مخلص في الوقت نفسه قلل من أهمية نفوذ دحلان معتبرا اياه "خادما لشيوخ آل نهيان"، مشيرا بذلك إلى مقطع فيديو يحمل فيه دحلان أكياسا بلاستيكيّة لولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان. عرّاب العلاقات الإسرائيلية- الإماراتية من ناحية أخرى وصف "مخلص الإمارات" رجل السياسة والأعمال الإماراتي بأنه عرّاب العلاقة مع إسرائيل ورجل الولاياتالمتحدةالأمريكية في الإمارات، متهما اياه بأنه صاحب فكرة احتضان دولة الإمارات العربية المتحدة المكتب التجاريّ الوحيد لإسرائيل، بعد أن أغلقت قطر المكتب الإسرائيلي عقب الحرب الإسرائيلية على غزة في يناير 2009. وأضاف مخلص بأن عضو الكنيست الإسرائيلي أحمد الطيبي كان صلة الوصل مع مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب، وتحسّر مخلص على رؤية رجال الأعمال الإسرائيليين بشكلٍ أسبوعيّ في دبيّ و"كأنّه لا يوجد احتلال للقدس ولا للمسجد الاقصى"، واصفا قرقاش أيضا بأنه كان أحد قنوات الوصل مع جورج بوش الابن ابان احتلاله للعراق عام 2003. حساسيّة عاليّة من القرضاوي والقاسم وأخيرا وصف "مخلص الإمارات" الحساسية العالية التي يبديها قرقاش من "الشخصيات الدينيّة والإعلاميّة"، قائلا في تدوينته التي نشرها على حسابه على الفيس بوك بأن الوزير الإماراتي "لا يستحي على جلسات الخمر والمنكر" الإفصاح عن عدائه الشديد للشيخ يوسف القرضاوي الذي يعتبره "العنوان الرئيسي للإرهاب الديني"، كما أنه يتحسس من شهرة الإعلامي في قناة الجزيرة ومقدّم برنامج الاتجاه المعاكس فيصل القاسم الذي يرى قرقاش بأنه أحد أسباب المشاكل في كل من العراق وسوريا، و"قد أضاف اسمه على قائمة الصحفيين التي سلّمها للدحلان للتصرف معه بأي طريقة". وفي حين لا تتوفر حتى هذه اللحظة معلومات تؤكد المصادر التي ينطق منها "مخلص الإمارات"، فإن الشخصية الافتراضية الجديدة تَعدُ في الأيام القادمة بفتح ملفات جديدة من مصادر داخلية موثوقة، واعدا جمهوره بفتح ملف ضاحي خلفان قائد شرطة دبيّ المشهور بتصريحاته المثيرة للجدل.
