يعتبر اللسان من الناحية العلمية عضو عضلي موجود داخل الفم يرتبط بالفك السفلي عبر سبعة عشر عضلة تؤمن له حركته وعمله،اما من الناحية الطبيعية فهو مقاس يعرف من خلاله الامراض الجسدية،ويساعد العلماء على اكتشاف الامراض النفسية وهو ايضا العضو المسئول عن حاسة التذوق. اذا فاللسان نعمة من الله تعالى اعطاك اياها لتكن فصيحا بالغاً ناطقا بالبيان. وبقدر فاللسان من فوائد بقدر ما تصدر عنه من مشاكل كثيرة فهو سبب رئيسي في كثير من المشاكل والفتن المستعصية في المجتمع،وخاصة في عصرنا الحاضر،عصر يسيطر فيه الاعلام المرئي والمسموع والمقروء ،ومما يزيد الوضع سوءً التفوهات الخطيرة التي يطلق لها العنان تحت مسمى حرية الرأي والتعبير،وما يقوم به البعض من نشر كلام فاحش وتشهير وتخوين لاناس يقومون بخدمة مجتمعهم فالقلم كما يقال"احد اللسانين" مما يزيد تفريقاً وتمزيقاً لوحدة الصف وايقاع الفتن والخلافات بين افراد المجتمع،وكاننا نعيش في غابة من الوحوش ينهش بعضها بعضا،كل يريد ان يوقع بالآخر،وخير شاهد على ذلك ما تشهده الدول من حروب اعلامية ومشاحنات كلامية تتحول في النهاية الى وعد ووعيد ،وتهديد وحروب دامية. ان اكثر الامراض التي تصيب العلاقات الاجتماعية من غيبة ونميمة وشتم وقذف وكذب مردها زلة لسان،فاللسان فيها النصيب الاكبر،فاذا سمح الانسان لسانه ان يلغو في هذه الاغراض وغيرها كان عرضة للنهاية التعيسة والافلاس في الدارين ،فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة ذات يوم فقال:"اتدرون ما المفلس؟فقالوا المفلس فينا من لا دراهم له ولا متاع،فقال صلى الله عليه وسلم المفلس من يات يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة،وياتي وقد شتم هذا وقذف هذا ....الحديث". صدق رسول الله. لكن هناك بعض الناس من يواجه مشكلة او موقف معين يتطلب منه الكلام،فمنهم من يواجهه بليونة ومنهم من يواجهه برعونة،ومنهم من يواجهه بصمت نابع من حكمة تقول: ما ان ندمت على سكوتي مرة ولقد ندمت على الكلام مرارا لكن هناك بعض الناس لا ينفع معهم الصمت ويعتبرون ذلك ناتج عن ضعف فيتمادى في غيّه فالافضل للانسان ان يتجاهله ما دام كلامه لا طائل من وراءه،فهؤلاء ينطبق عليهم قول الامام الشافعي: يخاطبني السفيه بكل قبح فاكره ان اكون له مجيباً يزيد سفاهة فازيد حلماً كعودٍ زاده الاحراق طيبا اخي القارئ الكريم إن اللسان آفتين عظيمتين..هما آفة السكوت عن الحق وآفة الكلام بالباطل،وكلاهما اعظم إثماً من الاخرى،فالساكت عن الحق شيطان اخرس عاصٍ لله،والناطق بالباطل شيطان ناطق عاصٍ لله بكذب او غيبة او افتراء او نميمة. كما يعتبر اللسان ترجمان للقلب حيث يقال المرء باصغرية قلبه ولسانه،لذا فاستقامة القلب مرتبط باستقامة اللسان ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم:" لا يستقيم ايمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى تستقيم لسانه" وقد روي ان لقمان الحكيم كان غلاما عند احد الملوك فطلب منه مولاه ان يذبح له شاه ويأت باطيب مضغتين فيها،فاتاه بالقلب واللسان،ثم امره مرة اخرى ان يذبح شاه وياتي باخبث مضغتين فيها فاتاه بالقلب واللسان ،فلما سال عن ذلك قال ليس في الجسد مضغتين اطيب منهما اذا طابا ولا اخبث اذا خبثا. اخيرا فليكن كلامك دُرر من فضة وسكوتك بريق من ذهب،بعيداً عن المهاترات والمجادلات التي لا داعي لها بعيدا عن الكلام الفاحش والبذي فالمسلم ليس باللعان ولا بالطعان ولا الفاحش البذي..واعلم ان المرء لا يقاس بكثرة كلامه وانما يقاس بحنكته وبلاغته في ابسط عباراته.. يقول احد الحكماء احذر لسانك ايها الانسان لا يلدغك انه ثعبان كم في المقابر من رهين لسانه كانت تهاب لقاءه الشجعان