يتعرض الدكتور يحيى محمد الشعيبي وزير التعليم العالي والبحث العلمي وغيره من الرجال الشرفاء الى حملة مغرضة ولا أخلاقية من مختلف الأطراف وكثر الهرج والمرج خلال الآونة الأخيرة حول هذا الرجل الذي لا يعادي أحد ولا يخاصم أحد سوى أنه يعمل بصمت ويريد أن يساهم منذ بداية أول تعيين له في الحكومة عام 1998م في بناء دولة مدنية حقيقية، دولة مؤسسات ، فهو لا يريد الظهور الإعلامي كما يحبذه البعض ويعشقه، ومن منا لا يعرف الاستاذ الدكتور يحيى محمد الشعيبي الذي تعين لأول مرة وزيراً للتربية والتعليم في بداية العام 1998م، وقد لاقى تعيينه وزيراً للتربية ارتياحاً في أوساط المجتمع، ثم جاء الى الوزارة الدكتور المهندس عبد الملك المعلمي كنائباً للوزير ، والرجلان شكلا ثنائياً رائعاً، وقد كان العمل بينهما يسير بانسجام تام ودون وجود أية مشكلات تُذكر، وقد تشاركا الهموم والقضايا التي تهم التعليم برمته، وعملا معاً كفريق واحد لمواجهة التحديات التي كانت حينها تقف عائقاً أمام تقدم وتطور التعليم، ومن تلك التحديات الفساد الكبير الذي كان مستشرياً في كل التربية والتعليم ، وتمكن الوزير الشعيبي ونائبه المعلمي من البدء في محاربة هذا الفساد من خلال وضع الخطوات العملية التي تسهم في بناء ما خلفه من سلبيات عكست نفسها على التعليم في الوزارة ومكاتبها في المحافظات ، وعلى العملية التعليمية نفسها، وكان من أول تلك الخطوات التي تُعد حقائق لا يمكن أن ينكرها أحد ما يلي: 1- إعادة هيكلة الوزارة ودمج القطاعات التي كانت حينها ستة قطاعات واختزالها في اربعة قطاعات عملية فقط ، وكذا دمج الادارات أو إلغاء بعضها والتي لا فائدة من وجودها. 2- تم تصنيف المحافظات ولأول مرة في تاريخ التربية والتعليم بحيث يتم تعيين مدير مكتب تربية بدرجة وكيل وزارة للمحافظات الكبيرة التي يوجد فيها كثافة سكانية ومدير عام مكتب للمحافظات الصغيرة. 3- لأول مرة يتم إقرار قانون المعلم الذي ظل حبيس أدراج الوزراء الذي سبقوه في تولي الوزارة، ولأنه كان يتمتع بعلاقات جيدة مع زملاءه في مجلس الوزراء ويحظى باحترامهم وخصوصاً وزير المالية حينها الاستاذ علوي السلامي، فقد تكللت جهوده بالنجاح وتم اقرار القانون وتنفيذه على مراحل 20% في 98م، و40% في 99م، و40% في 2000م، وهكذا حتى تم تنفيذه 100%. 4- لأول مرة يتم منح مكاتب التربية في المحافظات صلاحيات واسعة في المهام والاختصاصات، وهو الإجراء الذي لم يقوم به أحداً من قبل، وقد تمكنت مكاتب التربية بموجب هذه الصلاحيات من ممارسة مهامها في اجراء التعيينات لمدراء ووكلاء المدارس ومنح الترقيات للمدرسين والموجهين ..الخ. 5- اعادة هيكلة برنامج التغذية والحد من الفساد الذي كان مستشرياً فيه. 6- اعادة ترتيب اوضاع اكثر من 600 موظف في ديوان الوزارة كانوا تحت التوزيع يتسلمون رواتب دون وليس لديهم وظائف، وتم توزيعهم في وظائف وفق خبراتهم ومؤهلاتهم. 7- اعادة النظر في المناهج الدراسية وتطويرها بما يتواكب مع التغييرات ومستويات الطلاب، وتوحيد المناهج للصفوف من 1-6 للمدارس والمعاهد العلمية. 8- إعادة تأهيل مؤسسة الاثاث المدرسية والتي كانت شبه منهارة، حيث تم إقراضها مبالغ مالية من مؤسسة الكتاب المدرسي لتتمكن من إعادة ترتيب اوضاعها ، حتى بدأت المؤسسة من معاودة نشاطها والبدء في الانتاج للأثاث المدرسية حتى أصبحت تنافس السوق المحلية في مختلف الأثاث. وغيرها من الانجازات التي حسبت ولا تزال تحسب للوزير الشعيبي سواء غادر الوزارة أو غادر الوطن ، فلن يستطع أحداً انكارها ، والوثائق والدلائل تؤكد ذلك. وبعد انتقال الوزير الشعيبي الى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في مايو 2001م بدأ فوراً في تأسيس وزارة من العدم، ولأن فترة عمله فيها كانت قصيرة امتدت لسنتين فقط، إلا انه بدأ بإنجاز ما يلي: 1- إنشاء هيكل تنظيمي للوزارة من قطاعين هما: قطاع التعليم العالي ، وقطاع البحث العلمي، وعدد من الادارات العام النمطية، والإدارات العادية كون الوزارة لا تزال ناشئة. 2- استقطاب واختيار الكفاءات من الموظفين من وزارة التربية والتعليم للعمل في الوزارة، وتعيين البعض منهم مدراء للإدارات التي أنشئت، وكذا توظيف عدد 11 من المتخصصين في مجال الحاسوب، وقد بلغ عدد الموظفين حينها 70 موظفاً تقريباً. 3- تشكيل لجنة فنية لإعداد مشاريع القوانين والأنظمة التي تنظم شئون التعليم العالي 4- السعي لتشكيل المجلس الأعلى للجامعات وفقاً لقانون الجامعات اليمنية. 5- تشكيل المجالس المساعدة للجامعات برئاسته وهي اربعة مجالس: مجلس شئون الطلاب – مجلس الدراسات العليا – المجلس الكاديمي – مجلس المكتبات، وقد كان هناك جدول اسبوعي لعقد اجتماعات يومية مع تلك المجالس لمناقشة كل ما يتعلق بقضايا الجامعات كلاً في مجاله، ورفع قراراتها الى المجلس العلى للجامعات لإقرارها ومنها: - لأول مرة يتم اعتماد نسب للقبول وطاقة استيعابية للجامعات وفقاً للمعايير الدولية. - إلغاء أية فوارق او امتيازات في نسب القبول والتي كانت تسمى ( 5 % ) وتمنح لأبناء أعضاء هيئة التدريس أو التربويين أو غيرهم، وتوحيد تلك النسب لكل ابناء الوطن دون تمييز. - اتخاذ قرار بمنع افتتاح أية جامعات خاصة إلا بعد إصدار قانون خاص ينظم إفتتاحها، وقد كان مشروع القانون جاهزاً وتم إعاقته من قبل بعض أعضاء مجلس النواب حينها، وتم تجميده من قبل الوزارة لعدم موافقتها على بعض النصوص المقترحة منهم لإضافتها في القانون والتي لا تتوافق مع المعايير العلمية .. الخ - إعادة هيكلة الجامعات اليمنية وتنظيم شؤونها بما يتواكب مع التطورات الحاصلة في التعليم العالي. - التركيز على قضايا الجامعات ومعالجة مشاكلها أولاً بأول. 6- تشكيل المجلس الأعلى للبحث العلمي. 7- إعداد الدراسات مع المانحين للربط الشبكي بين الوزارة والجامعات اليمنية، والبدء بجامعتي صنعاءوعدن كمرحلة تجريبية وخطوة اولى في تحقيق وانجاز المشروع مع بقية الجامعات. 8- إعداد مشروع السياسة العامة للبحث العلمي، وعقد مؤتمر للمراكز والمؤسسات البحثية للخروج بهذه الوثيقة. 9- توزيع المنح الدراسية لأول مرة على المحافظات بعد تلقي الوزارة عدد من الشكاوى من أبناء بعض المحافظات النائية التي حُرم ابنائها من الحصول على المنح نتية استحواذ أبناء المحافظات الأخرى عليها، وبحيث يتم منح كل المحافظات حصتها من المنح الدراسية موزعة وفق الكثافة الطلابية والخريجين منها. 10- تطبيق النظام والقانون في التعيينات لرؤساء ونواب رؤساء الجامعات اليمنية، حيث تم إعداد مشروع قرار جمهوري لعدد 23 نائب رئيس جامعة لمن تنطبق عليهم شروط التعيين في الوظائف المحددة لهم في الجامعات، ورفض أية تدخلات أو وساطات للتعيين خارج نطاق القانون. 11- إنشاء مركز للنظم والمعلومات داخل الوزارة وكان من ضمن اهدافه تأهيل موظفي الوزارة في مجال الحاسوب، وبالفعل بدأ المركز في إجراء دورات تدريبية للموظفين من خلال الموظفين الذين تم توظيفهم والمتخصصين في مجال الحاسوب. 12- إنشاء مكتبة للوزارة تحتوي كل المراجع في مختلف العلوم. 13- تنظيم العلاقة بين الملحقيين الثقافيين ومساعديهم بعد أن ظهرت مشكلات بينهم من خلال وضع مهام واختصاصات لكل منهم. وغيرها من الانجازات سواء في وزارة التربية أو وزارة التعليم العالي والتي ربما قد تخونني الذاكرة في استحضارها في هذا المقال. ولن اتكلم عن انجازاته في محافظة عدن أو في امانة العاصمة أو وزارة الخدمة المدنية فالواقع يحكي ما أنجزه وما قدمه لهذا الوطن خلال توليه قيادة تلك الجهات أو غيرها. وعند مجيء الوزير الشعيبي الى الوزارة مرة أخرى ضمن حكومة الوفاق الوطني ، جاء وقد طرأ متغيرات جديدة على الوزارة ، ومع ذلك بدأ منذ الوهلة الأولى من مزاولته العمل بعد أداءه اليمين الدستورية في الاعداد للكثير من القضايا التي يجب الوقوف أمامها بجدية وحزم .. وخلال بضعة أشهر أنجز بعض الأشياء التي تحسب له ، رغم المكايدات والمماحكات التي وقفت عائقاً في تحقيق تلك الانجاز وإخراجها الى النور. ومن تلك الخطوات التي كان يسعى الوزير الشعيبي لإنجازها من أجل القضاء على الفساد داخل الوزارة ما يلي: 1- إيقاف المعاملات الفردية في البعثات وحصرها ، واعداد كشوفات مرة واحدة في السنة لمن يستحق المنحة الدراسية وفقاً لقانون البعثات. 2- استكمال إنشاء مجلس الاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم العالي وتعيين رئيس المجلس للبدء بممارسة مهامه في تقييم الجامعات اليمنية الحكومية والأهلية. 3- تفعيل دور المجلس الأعلى للتعليم العالي لتبني قضايا الجامعات ومنتسبيها والتي قام الوزير بعد زياراته لها برفع مصفوفة بها الى المجلس لمناقشتها ومعالجتها واتخاذ القرارات التي من شأنها وضع حد للمشكلات القائمة فيها نتيجة التظاهرات والاعتصامات التي بلغت ذروتها خلال العام الماضي ولا تزال الى اليوم. 4- تحويل مستحقات الطلاب الدارسين في منح داخلية عبر البريد. 5- تشكيل لجان للقيام بالمهام التالية: - اعادة النظر في قانون الجامعات اليمنية ، وقانون التعليم العالي. - اعداد السياسة العامة للبحث العلمي التي كان قد بدأ بها في 2001م. - اعداد مشروع قانون بإنشاء صندوق دعم البحث العلمي ، وتم بالفعل إعداد المشروع ومناقشته مع رجال الاعمال وبعض المهتمين وهو جاهز للرفع لمجلس الوزراء وجمد لأسباب مجهولة. - إعادة النظر في هيكلة الوزارة وتطويره وتعزيز أدائها. - اعادة النظر في قانون البعثات وقانون الجامعات الاهلية. 6- الاعلان لأول مرة عن التنافس لشغل وظائف الملحقيين الثقافيين، ولا يزال العمل فيها جارياً رغم ما تواجهه الوزارة من ضغوطات وإحراجات لتعيين بعض الأشخاص رغم الإعلان عن تلك الوظائف على الملا والتنافس وفقاً لمبدأ الكفاءة والخبرة الإدارية والشفافية ومبدأ تكافؤ الفرص، والغريب أن هذا الإجراء لم يعجب بعض الناس. 7- إعداد مقترح بتشكيل مجالس أمناء الجامعات الحكومية وفقاً لقانون التعليم العالي رقم 13 لسنة 2010م، ورفعها الى رئيس مجلس الوزراء لإصدارها وحتى الأن لم تصدر ، ومهمة هذه المجالس ترتيب اوضاع الجامعات وإعادة هيكلتها. 8- اعادة هيكلة البعثات والمنح الدراسية وفقاً للقانون. وكان حري بمن يقوم بهذه الحملة الخبيثة للنيل من مكانة ووطنية الدكتور يحيى الشعيبي أن يبدأ بإصلاح نفسه ويعرف أين هو من هذا الوطن ، لا أن يرمي بسهامه الخبيثة على الأخرين ليغطي على ما قام به أو يقوم من فساد أياً كان نوعه بحق هذا الوطن الذي يتباكى عليه. ولأن الدكتور يحيى الشعيبي قدم استقالته من حكومة الوفاق التي لم نر منها أية وفاق ، فقد جاءت هذه الاستقالة نابعة من حرصه على أن يكون هناك حكومة فعلية تقوم بمهام يلمسها المواطن ، وتساهم في اجتثاث الوطن وانتشاله من الأوضاع التي تحدق به في كل اتجاه، فلا أمن ينعم به المواطن، ولا اقتصاد متعافي يحقق له عيش كريم ، ولا خدمات جيدة يحصل عليها هذا المواطن ، وجاءت استقالة الشعيبي رغبةً منه في عدم المشاركة في حكومة لا تسمن ولا تغني من جوع ، ويكون هو مشاركاً في تردي الأوضاع ، وقامت الدنيا ولم تقعد على هذه الاستقالة فقد قرعت الطبول وهتفت وزغردت المغنيات ، ورقصت الراقصات فرحاً بهذه الاستقالة ، مع أن الاستقالة ظاهرة صحية ، وخطوة جريئة جاءت في زمن عشنا فيه ولم نسمع أحداً قدم استقالته لعدم قناعته بالأداء الذي يقوم به نتيجة وجود سلبيات تعيق عمله أو ظرف ما أو لأي سبب كان. ولأن الوزير الشعيبي فعلها ، فكانت الطامة الكبرى ، وبدلاً من الثناء على هذه الخطوة التي لم يفعلها أحداً من الذين نعتبرهم مجرد ظاهرة صوتية إعلامية لا أقل ولا أكثر ، ومتى تحققت المصلحة الشخصية ضرب بالوطن عرض الحائط . لقد تركنا الوطن بهمه وهمومه وكأننا قد وصلنا به الى مصاف الدول المتقدمة ولم يعد لدينا إلا مراقبة ومهاجمة الناس شريفهم وحقيرهم، غنيهم وفقيرهم ، حتى في الشهر الفضيل الذي يعتبر مدرسة لتهذيب النفوس ، لم نحترم هذا الشهر وما يقدمه لنا من عبر وعظات في كل جوانب الحياة، فنجد القذف والشتم، وقلة الأدب وغياب الأخلاق تكثر في هذا الشهر المبارك. فمتى نحترم بعضنا بعضا ، ونترك الخلافات والأحقاد جانباً ، ونلتفت لهذا الوطن لنقدم له العطاء الحقيقي ، ونبنيه بصدق القول والفعل، وليس بالقول دون الفعل فنكتب عند الله ممن قال فيهم " يا أيها الذين امنوا لما تقولون مالا تفعلون، كبر مقتاً عند الله أن تقولوا مالا تفعلون ". ومتى نستفيد من بعضنا البعض في النصح والإرشاد ، ونترك الغيبة والنميمة وقول الزور وتبادل الاتهامات ، ونتناصح فيما بيننا ونقول كلمة الحق في وجه كائن من كان ، ولا نكون ممن قال الله فيهم " يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم ". واختم مقالتي هذه بالقول إنها والله كلمة حق أردت بها الرد على ما يقال بحق الوزير الشعيبي ولا غير كلمة الحق أريد، وبراءة للذمة أمام الله والناس جميعاً ، والزمان شاهداً على كل ما يجري ، وعلى كل ما يقوم به كل فرد في هذا الوطن ، وربنا سبحانه وتعالى العالم بالخفايا والسراير الذي لا تغيب عنه شاردة ولا واردة.