حينما تثق بأمانة القائمين على أي دار من دور رعاية الأيتام فلا تتردد عن الادخار لآخرتك بدعم هذه الدار أينما كنت وكيفما كان وضعك المادي. تستطيع أن تجد اليتيم في كل مكان، لكن مؤسسة الرحمة للتنمية الإنسانية خير مكان لاستثمار أموالك عند الله، فللأمانة لقد أثبت القائمون على مؤسسة الرحمة لليتيمات أنهم لا يعملون لشهرة ولا لمكاسب شخصية، وإنما يحرصون كل الحرص أن يكون عملهم خالصا لوجه الله –سبحانه وتعالى- لذلك كانت حياة اليتيمات في هذه المؤسسة حياة أسرية سوية متوازنة نادرا ما نرى مثلها في بقية دور الأيتام في اليمن، وهذا دليل على أن ادخارات الداعمين للمؤسسة تصرف في موضعها الحقيقي، وأن الله مع القائمين على هذه الدار ماداموا حريصين على إكرام اليتيمات، فشكرا لهم ولكل من يمد يد العون لليتيمات.. لقد اهتم الإسلام بشأن اليتيم اهتماماً بالغاً من حيث تربيته ورعايته ومعاملته وضمان سبل العيش الكريمة له ، حتى ينشأ عضواً نافعاً في المجتمع المسلم قال تعالى : ( فَأمَّا اليَتِيم فَلاَ تَقهَر ) [ الضحى : آية 9 ] وقال تعالى ( أَرَأيتَ الّذِي يُكَذّبُ بالدّينِ * فَذَلِكَ الّذِي يَدُعُ اليتيمَ ) [ الماعون : آية 1-2 ] ، وهاتان الآيتان تؤكدان على العناية باليتيم والشفقة عليه ، كي لا يشعر بالنقص عن غيره من أفراد المجتمع ، فيتحطم ويصبح عضواً هادماً في المجتمع المسلم ، وقد حق على من قرأ هاتين الآيتين، وسمع قول الرسول –صلى الله عليه وسلم : (( أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين ...)) أن يعمل به ليكون رفيق النبي في الجنة، ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك... من منا لا يحب الربح في أعماله؟! لا شك أن أيا منا لا يمارس عملا إلا ويرجو من ورائه الربح، وقد يكون هذا الربح ماديا أو معنويا... والسعي للربح الحلال سلوك مشروع، وكل منا يقضي جل حياته في تطوير عمله ليكسب أكثر وأكثر، لكن كثيرا منا يكرس معظم كسبه لأسرته، وقد يكد الإنسان ويتعب ويكسب ولا يعود عليه من كسبه غير الطعام الذي يتناوله في هذه الحياة القصيرة، وكلما تقدم به العمر تقلصت حاجته للطعام بفعل تقدم العمر، وأمراض الشيخوخة، والشيء الوحيد الذي لا يتقلص هو حجم مسئولياته الأسرية، واستنفاد ما يكسبه من المال... فإلى متى سيظل المسلم أسير مسئولياته الأسرية فقط؟ أين نفسه منه؟ لماذا لا يفكر في العمل من أجل ضمان مستقبله في الدار الآخرة منذ بدء حياته العملية في هذه الدنيا؟!! هذه دعوة للادخار من أجل الحياة الخالدة؛ فكثير منا يصرف كل مدخراته دون أن ينتبه أن من حقه أن يدخر جزءا منها لحياته الخالدة، ولا يوجد بنك في هذه الدنيا تضمن فيه رصيدك ضمانةً أكيدة إلى قيام الساعة مثل رعاية اليتيم، ويكفيك ضمانة لحفظ ادخارك أن تعرف أن الله –سبحانه –" قد أورد كلمة اليتيم ومشتقاتها في ثلاث وعشرين آية من آيات القرآن العظيم ، كلها تدور حول:دفع المضار عن اليتيم، وجلب المصالح له في ماله، وفي نفسه، وفي الحالة الزواجية، والحث على الإحسان إليه،ومراعاة الجانب النفسي لديه" ([2]) فلو أن كل فرد مسلم في المجتمع خصص جزءا بسيطا من دخله الشهري أو اليومي أو الأسبوعي، ولو كان 1% أو حتى أقل من ذلك لصالح الأيتام، فإن هذا الرصيد سيتضاعف له عند الله، وسينعكس هذا الرصيد خيرا ويسرا عليه في الدنيا في صحته وماله وأهله، وهذه حقيقة يدل عليها وعد الرسول –صلى الله عليه وسلم بالأجر العظيم لمن تكفل برعاية الأيتام ، فقد قال –صلى الله عليه وسلم : ( من عال ثلاثة من الأيتام كان كمن قام ليله وصام نهاره وغدا وراح شاهراً سيفه في سبيل الله ، وكنت أنا وهو في الجنة أخوين كهاتين أختان وألصق إصبعيه السبابة والوسطى ) (رواه ابن ماجه )، كما جعل الإحسان إلى الأيتام علاجاً لقسوة القلب، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه- أن رجلاً شكا إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه فقال : ( امسح رأس اليتيم ، وأطعم المسكين ) (رواه أحمد )، ورتب على ذلك الأجر العظيم ، حيث يكسب المرء الحسنات العظام بكل شعرة يمسح فيها على رأس ذلك اليتيم ، فعن أبي أمامة أن رسول الله ل –صلى الله عليه وسلم قال : ( من مسح رأس يتيم لم يمسحه إلا لله كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنات، ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده كنت أنا وهو في الجنة كهاتين وفرق بين إصبعيه السبابة والوسطى ) (رواه أحمد) . قد لا تستطيع أن تظفر برعاية يتيم في بيتك لكثرة مشاغلك أو لعدم قدرتك على تنفيذ توجيهات النبي - صلى الله عليه وسلم - لمرض أو لفقر أو لعجز أو حتى لعدم معرفتك بمكان اليتيم، ولكنك تستطيع أن تفعل ذلك وأنت في أي مكان وكيفما كان وضعك المادي عن طريق تخصيص جزء من دخلك لليتيم بصورة دائمة. مبلغ صغير دائم يخصصه المسلم لدعم اليتيمات في مؤسسة الرحمة للتنمية الإنسانية سوف يصبح كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة، ويضاعف الله الربح لمن يدخر أكثر عنده.. كفالة اليتيم تعود على صاحبها بالخير الجزيل والفضل العظيم في الحياة الدنيا فضلاً عن الآخرة قال تعالى : ( هَل جَزَاءُ الإِحسَانِ إِلاَّ الإِحسَانَ ) [الرحمن : 60 ] ، أي هل جزاء من أحسن في عبادة الخالق ، ونفع عبيده ، إلا أن يحسن خالقه إليه بالثواب الجزيل ، والفوز الكبير والعيش السليم في الدنيا والآخرة !!! نعم ؛ من واجب المسلم أن يعمل ويصرف على من يعول ، لكن من حقه أن يخصص جزءا من كده وعرقه لبناء الحياة الخالدة عند الله!! فكل ما يكسبه المسلم إلى زوال إلا ما ادخره عند الله للحياة الآخرة. الإنسان الطبيعي يشعر بالسعادة إذا ما شعر بأنه أدى واجباته نحو أسرته، وكلما وجد السعادة والرضا في عيون من يعولهم ضاعف الجهد ليكسب أكثر ويرضيهم أكثر، وفي خضم انشغاله بأسرته، قد ينسى نفسه حتى يأتيه الموت على حين غرة، فيلاقي ربه بلا رصيد لبناء الحياة الخالدة، ولذلك على كل مسلم أن يبادر من اليوم للاستثمار في بنك الله، وهذا البنك بوابته تبدأ من مؤسسة الرحمة لرعاية اليتيمات، هذه المؤسسة التي حققت لليتيمات ما لم تحققه بعض الأسر لأبنائها الحقيقيين، وظهر أداؤها جليا في ما قدمته من أنشطة خلال مهرجان المؤسسة الأخير على مسرح قاعة المركز الثقافي بصنعاء...