فرق كبير بين صنعاء اليوم وصنعاء الأمس، إذ لم تعد صنعاء التي حوت كل فن، وصرت ترى فيها كل جن، مسلحون في الشوارع من كل حدب وصوب. هذه المدينة لم يعد فيها مجال للتوسع العمراني والإداري، صارت تتسع بالخنادق والمعسكرات التي تحيط بها من كل جانب، وتنتشر فيها أكثر من المتنزهات والحدائق. وليس هذا فحسب، فهناك شبح العطش الذي يلوح في ظل اقتراب نضوب حوض صنعاء المائي. كل هذا وتحول صنعاء إلى سوق للقبائل المسلحة، وتحول مؤسسات الدولة ووزاراتها إلى أماكن للصراع بين المسلحين، ابتداء من وكالة سبأ للأنباء، مرورا بوزارة الإدارة المحلية، ثم الداخلية، فالدفاع... كل هذا جعل العاصمة أشبه بطبق مفتوح أمام المتكتلين والمتحزبين والقبائل. 40 مدرسة تحولت إلى ثكنات خلال العام الماضي، وكادت صنعاء تتحول إلى مكب نفايات لولا إسعافها بتعيين عبدالقادر هلال، الذي أعاد الأمل إلى الناس، ومع ذلك ما زلنا نرى الفوضى المرورية والازدحام، فضلا عن عدم التزام الأهالي بعدم إطلاق الأعيرة النارية، والتسبب بالإزعاج للناس، حتى إنك لم تعد تفرق بين الحرب والعرس، من شدة أصوات القوارح التي تسمعها. فأي مظهر للفرح ذلك الذي يأتي بإزعاج الناس وإقلاقهم، وخصوصا في مثل هذه الظروف التي يعيشها البلد. كل من سمع صوت رصاصة قارحة، يعتقد أن الحرب قرحت، في ظل حالة التوتر المتصاعدة بين الأطراف المتصارعة. صنعاء تحتاج إلى تعاون منا جميعا، لتعود صنعاء التي حوت كل فن. مطلوب تفعيل حقيقي لقانون تنظيم حمل السلاح، القبائل يحيطون بصنعاء من كل جهة، والتسلح في هذا البلد لم يعد حكرا على مدينة دون غيرها، فالسلاح صار صوته أعلى من كل الأصوات، والسلاح صار هو القانون المتوفر في ظل تراجع هيبة الدولة، وتنامي الفلتان لدرجة تحول المدن الرئيسية إلى ساحات وميادين لتصفية الحسابات كل بسلاحه. لا نملك ألا أن نتساءل كما فعل البردوني في قصيدته "صنعاني يبحث عن صنعاء": "هل هذه صنعا…؟ مضت صنعا سوى كسر بوالي من أين يا إسمنت أمشي؟ ضاعت الدنيا حيالي من أين أرجع… أو أمرّ..؟ هنا سأبحث عن مجالي" عطروا قلوبكم بالصلاة على النبي.