بقلم / علي الهتار: رغم أني سأكون متطرفاً بعض الشيئ في وجهة نظري هذه ، لكننا فعلاً نعيش في أوج عصرنا الجاهلي الجديد ، فبعضنا يقطع الطريق وبعضنا ينصب الكمائن وبعضنا يمارس الإرهاب ويلوذ بالجبال والبعض الأخر يفجر أنابيب الغاز والنفط ويعتدي على أبراج الكهرباء ويحتمي بالقبائل والعشائر وهانحن نحمل بفخر ثقافة العصابات والعصبيات والمؤامرات ونمارسها ونتعامل مع بعضنا بهذه الجاهلية ونسمي تنظيماتنا وكياناتنا السياسية تسميات تتوافق مع ثقافة العصابة وعقلية القبيلة مثل ( التحالف - التكتل - التجمع - المؤتمر-...... ) كما أننا لا ننكر حجم الغل والحقد والكراهية التي نكنها لبعضنا كأفراد وقبائل وأحزاب وطوائف وشمال وجنوب ، هانحن نتبادل التهم ونلفق الإتهامات ونصدر الصحف ونفتح المواقع لنتنافس في المدح والهجاء والفخر ، إضافة إلى حروب إعلامية شعواء نشنها على بعضنا عبر القنوات تزيدنا فرقة وتعصب وتنافر وشتات وها نحن حتى الأمس القريب نخوض معتركات ومعاركاً وحروباً ضد بعضنا والأن مازلنا نسفك دمائنا بين الفينة والأخرى ومازال بين قبائلنا وأحزابنا وجماعاتنا غارات وثارات وكل يتربص بالأخر وإن كان ثمة هدنة بيننا فأيدينا على الزناد فجميعنا نعد العدة ونتسابق في التسلح ونحن في أتم الإستعداد لخوض داحس والغبراء وحرب البسوس من جديد وها نحن كذلك رغم تفرقنا شيعاً وأحزاباً ومذاهباً وطوائفاً ويميناً ويساراً ، لم نكتفي بهذا بل مازلنا نريد تقسيم الأرض بيننا إلى أقاليم وفيدراليات ودويلات تجسد فرقتنا وتبعيتنا وتقطع ماتبقى من روابطنا قديماً كان ولاء بعضنا للفرس وحلفائهم المناذرة والبعض الأخر للروم وحلفائهم الغساسنة وهانحن اليوم نعيد الكَرة ونتنافس في إبداء التبعية والإرتهان لهم من جديد فبعضنا ولاؤه للفرس ( إيران ) ومن حالفها وبعضنا الأخر للروم ( امريكا ) ومن حالفها وأصبح قرارنا مرهون بهذه التبعية القديمة الجديدة أسلمنا قديماً فخرجنا من جاهليتنا ، وهانحن الآن مسلمون ولكننا في جاهلية أشبه ماتكون بتلك الجاهلية ، قديماً كان إسلامنا عالمياً فتحنا به الأمصار وتبعتنا به الشعوب والأمم واليوم اختزلنا الإسلام في جماعات وأحزاب وطوائف وايديولوجيات ففتح الغزاة أمصارنا وصرنا تابعين بعدما كنا متبوعين وعلى الرغم من كل هذا فإن العجب العجاب هو جهلنا بما نحن فيه من جاهلية أو تجاهلنا لها ، فأغلبنا يجهلها أو يتجاهلها أو يُجهّل من يقول بها ، لذلك سنبقى فيها نكابر عليها ونحيا عليها ونموت عليها ولن نعرف خروجاً منها إلا إذا أعترفنا بها وجعلنا الإسلام واقعنا وليس الواقع أسلامنا .