معروف ان العرب بشكل عام وبدون استثناء واقصد الزعماء العرب تربوا على صناعة الدسائس فيما بينهم حتى انهم وضعوا شرخ عميق في الثقة بينهم وفي مفهوم السياسة التي جعلتهم يختلفوا في كل شيئ حتى ارسوا قاعد تقول على انهم ( اتفقوا على ان لايتفقوا ) وفي كل اجتماعاتهم التي كانت تعقد على مر حياتهم السياسية الفاشلة . وبدايتها كانت عندما قامت الحركات التحررية ضد انظمة المماليك والذي كان بطلها الزعيم الراحل جمال عبدالناصر الذي قام بدعم بما يسمى بالضباط الأحرار ضد حكامهم المماليك ، وهذه كانت بداية الحياة أو الموت بين النقيضين ( المماليك والجمهوريين ) . فأنتصر من انتصر وفشل من فشل في تلك الفترة التحررية ، حتى تبعت القضية الفلسطينية التي صارت الملعب والكلام الفضفاض فيما بين الزعماء العرب والذي لازال يتغنوا بها ، وعندما ظهر في تلك الفترة القوميون العرب بكل توجهاتهم السياسية وانتماءاتهم الحزبية اليسارية واليمينية ، بعثيين وشوعيين وناصريين . تلك الفترة كانت في مرحة حساسة عندما كان هناك من الزعماء من يبيع القضية الفلسطينية ويعمل في الظاهر على انه معها وفي الخفا يقوم بالتآمر بأبلاغ الجانب الأسرائيلي بما كان يدور في الأجتماعات العربية السرية حتى يفشل كل القرارات التي كانت تتخذها الدول العربية ضد اسرائيل . ومن كان يعمل مع القضية الفلسطينية ولكنه كان ضدها بطريقة غير مباشرة من خلال التشدد القومي وعدم الأستجابة للقرارات الدولية التي كانت تعطي الأسرائيلين جزء من الأراضي الفلسطينية مقابل وجود دولة فلسطينية موقعها ثلثين الأراضي الفلسطينية حتى ضاعت القضية بما حمل حملها كما نلاحظه اليوم . الدسائس والمبايعات بين الزعماء العرب لم يتوقف على مر العقود الماضية من محاولة الأغتيالات لبعضهم وتحريض الدول العدوة ضد دول بعضهم بعض حتى ولو كانت دولة اسرائيل لايهم قدرما انهم يبيعوا بعضهم . اليوم على قولة المثل ( ماتموت الأمم الا متكافئة ) وجاءت الفرصة حتى يؤخذ بالثأر من زعماء الجمهوريات وبدايتها من صدام حسين ، كان دعم رهيب من قبل الدول التي تريد قصع رقبة صدام حسين ولا تغركم موافقة الرئيس المصري في حرب الخليج بالمشاركة في الحملة الأمريكية الممولة من قبل دول المماليك وكل ذلك انما مقابل دولارات مدفوعة مقدماً . وكأنه جعل نفسه من الأثوار الثلاثة الذين باعوا بعضهم للأسد واصبح العم حسني يندب حضه بموقولة ( لقد اُكلت عندما أكل الثور الأبيض ) وبالفعل اُكل مبارك الذي هو بمثابة الثور الأسود الذي باع زملائه الأثوار . ثم تبع الثور الثاني معمر القذافي الذي كان لا هو راضي ولا معارض لتلك الحملات على زعماء الجمهوريات من قبل دول المماليك الذين يتحركوا من خلف الدول العدوة للعرب امريكا واسرائيل والدول الغربية التي لا تهما غير مصالحها . واصبح الدور عند الثور الأخير الذي سوف يؤكل يقرب الوقت او يبعد لأن حكمة الربيع العربي يقول لابد ان يؤكلوا جميع الأثوار لأنهم باعوا بعضهم وليس في وجيههم خير لا للبلاد ولا للعباد كونهم انشغلوا في المبايعات والدسائس التي اصبحوا ضحايا ما جنوه بأيديهم . وافضل الفرص هي تلك الحركات التي سميت بالربيع العربي لعدة اسباب ، اولها ان تلك الحركات الشعبية يجب ان يظمن لها القانون الدولي حرية التعبير والمطالبة بتغيير الزعماء الدكتاتوريين وهذه الفكرة ليس الا تلفيق مسبق الدفع ، طبعاً لو تلاحظوا ان تلك الحركات ( الربيع العربي ) ممنوعة في الدول التي تحكمها المماليك ، وهذا مربط الفرس ، بينما المماليك تدعم التحرر في دول الجمهوريين . هذه الفرصة التي أتيحت للماليك ان يؤخذوا بثأرهم من الجمهوريين لن تعوض مهما دفعوا من دولارات وارزاق شعوبهم ، وهذا حق مشروع في نظرهم لمن يريد ان يؤخذ حقه بيده وخاصة عند العرب الذين ليس لديهم الأستعداد ان يؤخذوا حقوقهم بالقانون . الأثوار الثلاثة باعوا بعضهم فيستاهلوا ان يؤكلهم الأسد ، والمماليك لهم الحق ان ينتقموا لأنفسهم ممن اراد ان يحول المملكات الى جمهوريات بقوة السلاح ، ولكن لن يؤمنوا غدر الزمن الذي سيأتيهم من حيث لا يحتسبوا ، والجزاء من جنس العمل . والله من وراء القصد .