مدخل: حالة البلد: يعتبر اليمن من أكثر بلدان العالم فقرا. ويواجه معدلا عاليا في نمو السكان في ظل تنمية اقتصادية بطيئة. ويعد تناقص الثروة النفطية وشحة الموارد المائية والمستويات المتدنية في خدمات الصحة العامة والتعليم، والانتشار الواسع للفقر في المناطق الريفية خصوصا أبرز العوائق التي تحول دون إحداث تنمية اقتصادية. كما أن سوء الإدارة وعدم الاستقرار الأمني تعد ضمن التحديات الرئيسة التي تواجه مستقبل التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. بينما تصل معدلات الالتحاق بالتعليم إلى 65% فقط، وتبلغ معدلات الأمية 51% (2002) على المستوى الوطني، حيث أن نسبة69.1% من الإناث البالغات عشر سنوات فأكثر بالإضافة إلى 27.3% من الذكور أميون. مما يجعل اليمن متأخرا بشكل كبير عن باقي الدول العربية التي يبلغ متوسط الأمية فيها 35.9%. كما أن اليمن يعاني من توزيع غير متوازن للسكان المنتشرين في 21 محافظة و41,800 قرية تقريبا. يعيش 24% منهم في مناطق حضرية و74% يعيشون في تجمعات تقل عن 5,000 شخص. مما يقوض كثيرا القدرة على توصيل الخدمات الأساسية كالتعليم والمدارس والخدمات الصحية. الإطار العام للتركيبة الاقتصادية والاجتماعية: عكست تقارير الجمهورية اليمنية معدل نمو سنوي للاقتصاد يتراوح بين 3-4% من عام 2000 حتى عام 2007م ونسبة تلامس 6% للأعوام التالية. وتتمثل الموارد الاقتصادية في الثروة النفطية بشكل أساسي (التي تنضب بسرعة)، غير أن اليمن يحاول تنويع إيراداته. وقد دشن اليمن برنامج إصلاح اقتصادي في العام 2006 يهدف إلى تعزيز القطاعات الاقتصادية غير النفطية وجذب استثمارات أجنبية. ونتيجة لبرنامج الإصلاح، قدم مانحون دوليون ما يقارب خمسة مليارات دولار لمشاريع تنموية. وإضافة إلى ذلك، حقق اليمن شيئا من التقدم في الإصلاحات في السنوات الأخيرة التي يتوقع أن تجذب استثمارات أجنبية. وقد أدى اندلاع الثورة في اليمن والتدخل الدولي لمنع انزلاق البلاد إلى أتون حرب أهلية، الى اهتمام الدول المانحة بتوفير شبكة أمان للاقتصاد اليمني، وعقدت سلسلة من اللقاءات الدولية لتخصيص الموارد لمساعدة الاقتصاد اليمني ومن ثم لإخراج البلاد من عنق الزجاجة إلى بر الأمان من خلال مساعدات ومنح وقروض سخية، وان كانت اقل من مستوى الحاجة. بذلت جهود كبيرة في العقد الأخير في مجال تحسين الوصول للتعليم للجميع، بما أبدته الحكومة من التزام قوي في هذا الإطار بمساندة مجموعة من المانحين الدوليين. ومع ذلك، يمكن أن يتم تطوير وتحسين هذه الجهود فمثل هذه المبادرات تأخذ وقتا لتتحول تلك الجوانب إلى نتائج تنمية مستدامة. وهذا ما ينطبق تحديدا على التعليم الثانوي وخصوصا في مجالات التعليم الفني والتدريب المهني، حيث يبدو أن الطابع المنهجي النظامي والمؤسسي لا يزال غائبا. ومع تزايد النمو السكاني بشكل متسارع وما تواجهه اليمن من قرب لنضوب احتياطيات النفط في العقد القادم، يصبح من الملح أن يتم تحسين أجواء الاستثمار وتطوير وتحقيق نمو في القطاعات غير النفطية وخلق الوظائف للأعداد المتزايدة من الشباب الذين ينضمون لمجموع القوى العاملة. وتشير أحدث التقارير إلى أن القطاعات ذات الفرص الكامنة للدفع بالتنمية المستقبلية لليمن تشمل الاصطياد السمكي والصناعات والتشييد والخدمات والسياحة والنقل والاتصالات والأعمال الحرفية. اليمن دولة نامية، وقد أدت الصعوبات التي تواجهها إلى استخلاص وزارة التدريب الفني والتعليم المهني أن هناك حاجة كبرى لإيجاد فرص عمل للغالبية من اليمنيين، لتمكينهم من المشاركة في المنافع التي يجلبها النمو الاقتصادي الداخلي والإقليمي والمساهمة في ذلك النمو. ولتحقيق ذلك ينبغي أن يتلقوا تعليماً وتدريباً يؤهلهم للعمل في السوق. أحد مصادر العمالة الماهرة هو نظام التعليم الفني والتدريب المهني. وعلى أي حال فإن وزارة التدريب الفني والتعليم المهني تدرك أن نظامها التعليمي غير قادر على الاستجابة بشكل مناسب لاحتياجات سوق العمل. فالقضية الرئيسية هي ما هي الإصلاحات والتدخلات لتحسين كفاءة النظام والخيارات لتحقيق ذلك. فمن جهة يواجه اليمن المستقبل ووقائعه المتغيرة، ومن جهة أخرى ينبغي على البلاد التعامل مع تقاليدها الراسخة وبنيتها. ان وزارة التعليم الفني والتدريب المهني هي المسؤول الحصري عن التعليم الفني والتدريب المهني بمختلف انواعه سواء في القطاع الحكومي او في القطاع الاهلي الذي تمنحه التصريح بالعمل وتراقب اداءه وتصادق على الشهادات التي يمنحها. وعلى الرغم من المسؤولية الكبيرة المناطة بالوزارة فان ما يخصص لها من إجمالي موازنة التعليم لا يزيد عن 7% مقابل 17% للتعليم العالي ومقابل 73% لوزارة التربية والتعليم. - واقع متغير – العولمة، والمنافسة، واقتصاد المعرفة التحول المرغوب فيه لليمن إلى اقتصاد قائم على المعرفة يتطلب جيلاً جديداً متعلماً وماهراً. إن القدرة على المنافسة ستتحدد بواسطة قدرة الشعب على الخلق والمشاركة، واستخدام المعرفة بفاعلية . اقتصاد المعرفة يتطلب من اليمن تنمية مهارات العمال وعمال المعرفة وتقنيات المعرفة المرنة والتحليلية التي يمكن لها أن تكون بمثابة القوة القائدة في عملية ابداعية . ولتحقيق ذلك تحتاج اليمن إلى نظام تعليم مرن : تعليم أساسي يوفر الأساس لعملية التعلم، وتعليم ثانوي ومابعد ثانوي يطور القدرات الأساسية والمهارات التقنية الأساسية؛ وأبعد من ذلك يعني تحقيق عملية تعلم يدوم العمر كله. إن النظام التعليمي ينبغي أن ينسجم مع البيئة العالمية الجديدة عن طريق تشجيع الإبداع وتشجيع جودة التعليم والتدريب على كل المستويات. الدول التي حققت زيادات كبيرة في الإنجازات التعليمية إضافة إلى نمو اقتصادي مستدام، كانت قد رفعت من مستوى التعليم باطراد، إن حشدا كبيراً من العمال المهرة يعد ضرورياً جداً لاجتذاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في بيئة الاقتصاد المعولم. تنمية مهارات العمال تؤدي إلى زيادة كفاءة ومرونة سوق العمل، و تقلل الشحة في المهارات والتي تشكل ما يشبه عنق الزجاجة، ويمكن استيعاب العمال المهرة بسهولة أكبر في الاقتصاد، وتتحسن ظروف عملهم .إن الاستثمار في تعليم ثانوي وما بعد ثانوي جيدين أمر في غاية الحيوية وكذلك الحال في التعليم التقني والتدريب المهني إذا كان يراد لاقتصاد اليمن أن ينمو وأن يظل تنافسياً في الأسواق العالمية. - حقائق راسخة – الضغوط الديموغرافية والمصاعب المالية إن قدرة اليمن على التعامل مع هذه الحقائق المتغيرة تواجه بصعوبات كما يحدث في أماكن قليلة أخرى. فبينما انخفضت معدلات النمو السكانية بشكل طفيف خلال السنوات الماضية، فإن العمالة يتوقع أن تزداد بما يقرب من 2% سنوياً أي بحوالي مائتي ألف عامل جديد خلال كل سنة من السنوات القليلة القادمة . ولا يزال جزء كبير جداً من الاقتصاد ومن السكان متجذرين في بنى وأنشطة تقليدية . وبينما ينبغي المحافظة بطبيعة الحال على عوامل ذات أهمية كبيرة مثل الثقافة المحلية والتقاليد السياسية والاجتماعية للبلاد فإنه لابد أن يكون للتعليم دور محدد في المحافظة عليها. ولكن عوامل أخرى ينبغي أن تتغير إذا كان لهذا الشعب أن يتحرر من الفقر. فأكثر من نصف القوة العاملة لا تزال مرتبطة بأنشطة ريفية وعلى الرغم من أنه كان هناك انتقال لا بأس به بعيداً عن الزراعة فإن هذا الحال يجعل معظم قوة العمل أو حوالي 90% منها تعمل في القطاع الغير الرسمي وبإنتاجية منخفضة في معظمها . وفيما يتعلق بالنسبة الكبرى من هذه المجموعة فإن القدرة على تلقي التعليم الثانوي والتعليم الفني والتدريب المهني أمور في غاية الحيوية حيث أن هذه المستويات التعليمية ستكون آخر المراحل في تعليمهم النظامي. فإذا أمكن جعل جودة مخرجات هذا التعليم الثانوي والفني والتقني وما بعد الثانوي مرتفعة فإن ذلك سيحسن من فرص توظيفهم وكذلك من مستوى مداخيلهم طيلة أعمارهم. الرؤيا الإصلاحية لنظام التعليم الفني والتدريب المهني. إن وزارة التدريب المهني لديها رؤية واضحة فيما يتعلق بنظام التعليم الفني والتدريب المهني. ولحسن الحظ فإن الوزارة تلعب دوراً رئيسيا في تطوير السياسات، ووضع المعايير وفي الإشراف والتقويم، في الوقت الذي تحاول فيه أن تخلق قدراً أعظم من المنافسة والانضباط من قبل مقدمي التدريب المهني والتعليم التقني في القطاع الخاص. ولكي تنجح الإصلاحات، فإن التدخل اللصيق من قبل القطاع الخاص على كل المستويات أمر حيوي و تعمل وزارة التعليم الفني والتدريب المهني بشكل وثيق مع القطاع الخاص لتحدث حركة إلى الأمام في تحويل هذه الرؤيا إلى حقيقة واقعة . (المادة من الإستراتيجية الرباعية للتعليم الفني والتدريب المهني 2013 – 2016)