يروى أن رجلاً مرَّ بقبر الصحابي الشهيد حجر بن عدي دون أن يعرف من صاحب هذا القبر , وعند ولوجه المكان وجد شخصاً يبكي فاستغرب وسأله : علام تبكي ؟! فردَّ عليه : هذا قبر سيدنا حجر بن عدي رضي الله عنه . زاد استغراب السائل من الباكي وسأله : ما قصته ؟! فردَّ عليه : قتله سيدنا معاوية رضي الله عنه . إزداد الرجل استغراباً وسأل : ولم قَتَلَهُ ؟! فردَّ عليه الرجل البكَّاء : لأنه من شيعة سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه . فما كان من السائل إلا أن أُجهش بالبكاء , فاستغرب الرجل الأول (البكَّاء) من بكاء الرجل السائل وسأله : وأنت علام تبكي ؟ فردَّ عليه : وأنا أبكي عليك رضي الله عنك !! لقد استغرب السائل من إجابات البكَّاء حين كال الترضية ( رضي الله عنه ) على الأطراف الثلاثة : المقتول والقاتل والمقتول لأجله , فأدرك جهله وغباءه فبكى عليه . وفي وضع كالذي نعيش فيه ونعانيه نتأمل في : · رئيس البلاد فإذا هو بين الحيتان والعقارب يحصر نفسه في جهة ويتخلى عن جهات قد سيطر عليه الضعف والوهن ينتظر الخارج بينما هو عاجز عن اتخاذ قرارات قوية تؤكد زعامته وحرصه . · حكومة فاسدة بل هي أسوأ حكومة عرفها تاريخ اليمن ينخر الفساد جميع خلاياها تعلم بجحيم المعاناة والإنفلات والقتل وتمارس مهامها بلا حياء , يكتفي رئيسها بالبكاء . · وزارتي الداخلية والكهرباء تعلن عن أسماء الضحايا والجناة فقط ولم تقم بالقبض على واحد ممن تعلنهم , أو تؤمن الحد الأدنى من متطلبات الأمن المفترض . · وزارة الدفاع بحجمها المهول والمتضخم بشرياً عاجزة عن تأمين خطوط الكهرباء والنفط لكنها على أهبة الإستعداد للوقوف إلى جوار هذا الطرف ضد ذاك . · وزارة المالية وبخطىً حثيثة وسداً لفراغات فساد الحكومة تحاول جاهدة إضافة أعباء المواطن المنحوس بزيادة سعر المشتقات النفطية . · حزبي المؤتمر والإصلاح الحاكمين يشكوان من الفساد ويحمل كل طرف الآخر ويطالب بكشف المخربين والقتلة والمتآمرين ومحاسبتهم , ووصل الحد انتقاد وزراء ووزارات محسوبة عليهم لكنهم لا يصنعون شيئاً سوى الشكوى والأنين مكتفين بالتباكي . · الأجهزة الأمنية تشكو من تمدد القاعدة وتمويل أطراف لها دون أن تخبرنا من هم ؟ · حتى السفير الأمريكي الحاكم لليمن ومعه بن عمر يشكوان من الفساد وسوء الحكومة ويتباكيان . ما سبق نماذج من هول ما نعاني , ونعاني ممن ؟ إذا كان سابقوا الذكر يشكون ويبكون ويتباكون فما الذي نصنعه نحن غير البكاء , وعلى سيرة صاحب الحكاية في مفتتح هذا المقال لا يسعنا إلا أن نقف باكين إلى جوارهم ومرددين : ونحن نبكي ........ .