محاولة اغتيال لشيخ حضرمي داعم للقضية الجنوبية والمجلس الانتقالي    الحزب الاشتراكي اليمني سيجر الجنوبيين للعداء مرة أخرى مع المحور العربي    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    احتجاجات للمطالبة بصرف الراتب في عدن    "تسمين الخنازير" و"ذبحها": فخ جديد لسرقة ملايين الدولارات من اليمنيين    الكشف عن آخر التطورات الصحية لفنان العرب "محمد عبده" بعد إعلان إصابته بالسرطان - فيديو    دورتموند يقصي سان جرمان ويتأهل لنهائي دوري أبطال أوروبا    ذمار: أهالي المدينة يعانون من طفح المجاري وتكدس القمامة وانتشار الأوبئة    ردة فعل مفاجئة من أهل فتاة بعدما علموا أنها خرجت مع عريسها بعد الملكة دون استئذانهم    اعلامي مقرب من الانتقالي :الرئيس العليمي جنب الجنوب الفتنة والاقتتال الداخلي    نيمار يساهم في اغاثة المتضررين من الفيضانات في البرازيل    دوري ابطال اوروبا: دورتموند يجدد فوزه امامPSG    قصة غريبة وعجيبة...باع محله الذي يساوي الملايين ب15 الف ريال لشراء سيارة للقيام بهذا الامر بقلب صنعاء    إهانة وإذلال قيادات الدولة ورجالات حزب المؤتمر بصنعاء تثير غضب الشرعية وهكذا علقت! (شاهد)    زنجبار أبين تُودّع أربعة مجرمين... درس قاسٍ لمن تسول له نفسه المساس بأمن المجتمع    اتفاق قبلي يخمد نيران الفتنة في الحد بيافع(وثيقة)    شبكة تزوير "مائة دولار" تُثير الذعر بين التجار والصرافين... الأجهزة الأمنية تُنقذ الموقف في المهرة    الأمم المتحدة: لا نستطيع إدخال المساعدات إلى غزة    صنعاء.. إصابة امين عام نقابة الصحفيين ومقربين منه برصاص مسلحين    وداعاً صديقي المناضل محسن بن فريد    البنك المركزي اليمني يكشف ممارسات حوثية تدميرية للقطاع المصرفي مميز    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34789 شهيدا و78204 جرحى    قيادات حوثية تتصدر قائمة التجار الوحيدين لاستيرات مبيدات ممنوعة    فرقاطة إيطالية تصد هجوماً للحوثيين وتسقط طائرة مسيرة في خليج عدن مميز    الاتحاد الأوروبي يخصص 125 مليون يورو لمواجهة الاحتياجات الإنسانية في اليمن مميز    أبو زرعه المحرّمي يلتقي قيادة وزارة الشؤون الإجتماعية والعمل    مركز الملك سلمان للإغاثة يدشن توزيع المساعدات الإيوائية للمتضررين من السيول في مديرية بيحان بمحافظة شبوة    ارتفاع اسعار النفط لليوم الثاني على التوالي    العين يوفر طائرتين لمشجعيه لدعمه امام يوكوهاما    ريال مدريد الإسباني يستضيف بايرن ميونيخ الألماني غدا في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    تنديد حكومي بجرائم المليشيا بحق أهالي "الدقاونة" بالحديدة وتقاعس بعثة الأمم المتحدة    الأمم المتحدة: أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة مميز    مجلس النواب ينظر في استبدال محافظ الحديدة بدلا عن وزير المالية في رئاسة مجلس إدارة صندوق دعم الحديدة    باصالح والحسني.. والتفوق الدولي!!    هل السلام ضرورة سعودية أم إسرائيلية؟    وصول باخرة وقود لكهرباء عدن مساء الغد الأربعاء    طلاب تعز.. والامتحان الصعب    كوريا الجنوبية المحطة الجديدة لسلسلة بطولات أرامكو للفرق المقدمة من صندوق الاستثمارات العامة    الهلال يهزم الأهلي ويقترب من التتويج بطلا للدوري السعودي    الرئيس الزُبيدي يبحث مع مسئول هندي التعاون العسكري والأمني    دار الأوبرا القطرية تستضيف حفلة ''نغم يمني في الدوحة'' (فيديو)    صفات أهل الله وخاصته.. تعرف عليها عسى أن تكون منهم    وتستمر الفضايح.. 4 قيادات حوثية تجني شهريا 19 مليون دولار من مؤسسة الاتصالات!    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    ضجة بعد نشر فيديو لفنانة عربية شهيرة مع جنرال بارز في الجيش .. شاهد    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    البدعة و الترفيه    حقيقة وفاة محافظ لحج التركي    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدين والايديولوجيا والفلسفة
نشر في حشد يوم 20 - 09 - 2014

هذا مقال مهم جدا وانصح بقراءته بتأن لانه يلخص القضايا الفكرية التي نعاني منها واسبابها قد نختلف معه او نتفق ولكنه مهم
-------------------------------------------------------------------------------------------------
الدين والايديولوجيا والفلسفة
بقلم/ فارس الاحصنة المتوحشة
يقوم الفكر الانساني على أساس من اللغة، القائمة بدورها على تسمية الأشياء المتنوعة والكثيرة في العالم المادي، في بناء منطقي يعكس العلاقات بين الأشياء ضمن بنيتي الزمان والمكان. ويهدف هذا البناء المنطقي للغة، إلى لم شتات العالم في مكوناته الكثيرة المتعددة، وذلك في مسعى معرفي (ابستمولوجي) لفهم العالم واستخراج المعنى منه عبر الفكر. ومسعى وجودي (انطولوجي) للسيطرة على هذا العالم وامتلاكه، ومن ثم التخلص من الاغتراب المضني الذي يعانيه الإنسان فيه، وهو الاغتراب الناتج عن الكثرة الظاهرية لمكونات العالم، التي تتحدى الإنسان وتقابل هويته بهويتها الخاصة، وتقاوم رغباته واحتياجه إلى استئناسها وامتلاكها واستهلاكها، احتياجاً اضطرارياً لأسباب محض وجودية، او احتياجا رغائبيا لاسباب ترفية.
1
الدين والايديولوجيا
ترجع جذور الدين والأيديولوجيا إلى ما يسمى في علم النفس (المفهوم الفكري) و(المفهوم السيكولوجي). حيث ينقسم المفهوم الفكري إلى إلى جزئي وعام ، وحيث ينقسم المفهوم السيكولوجي (الأيديولوجي والديني والفني) إلى واعٍ ولا واعٍ.
تظهر لنا الحصيلة التاريخية أن الإنسان أبدى نزوعاً وميلاً منذ وقت مبكر إلى بناء عالم فكري خاص به مفارق لواقع عالمه المادي ومواز له. وتلك حيلة قديمة لجأ إليها للتغلب على شعوره بالعجز على المستويين المعرفي (الابستمولوجي) العجز عن الفهم، والوجودي (الانطولوجي) العجز عن الامتلاك، وذلك عن طريق إعادة تعريف وتسمية مكونات عالمه، كلياً أو جزئيا،ً بما يتناسب مع رغباته وأمانيه.
البناء الخيالي الناتج عن هذا النزوع والميل، هو ما أصطلح الناس على تسميته أدباً وفناً لغوياً إذا كان جزئياً، وهو أيضا ما اصطلحوا على تسميته بالدين او الايديولوجيا إذا كان ذا بنية شاملة.
يقوم الناس بانشاء الاديان والايديولوجيات نتيجة حاجتهم اليها ذلك أن كلا من الدين والأيديولوجيا تكوين غائي يهدف إلى التغلب على عجز الإنسان على المستويين المعرفي والوجودي، المتمثلين بالعجز عن الفهم، والعجز عن الامتلاك كما اسلفنا.
وعند تحليل هذين المظهرين من مظاهر العجز الإنساني، نجد أن عجز الإنسان عن الفهم راجع إلى الحيرة والهوى ثم إلى التخلف العلمي والتقني، وقصور مناهج البحث. وهتا يقوم الانسان العاجز عن الفهم باعلان فشله عن طريق اختلاق قوة غيبية ما يسبغ عليها ما يتصوره من الصفات ومن ثم ينسب اليها كل ما عجز عن فهمه وتفسيره هو في الحقيقة حل عبقري ينقذ الانسان من التيه الذي يمكن ان يعانيه نتيجة عجزه عن تفسير مكونات العالم. وقد اكتشف الحكام والكهنة فائدة اخرى لما اخترعوه، وذلك في المجالين الاجتماعي والسياسي فسنوا القوانين وفرضوا العقوبات التي يريدونها باسمه.
أما العجز عن الامتلاك فهو شعور ناتج عن الطمع والجشع أولاً، ثم عن ندرة الأشياء التي يحتاج إليها الإنسان لإشباع حاجاته. ولهذا يرى الإنسان في الآخر – فرداً أو مجتمعاً – منافساً خطيراً على الموارد النادرة يجب إقصاؤه ولو بإلغائه ثم اكتشف ان استغلال هذا الاخر و استعباده يجلب له منفعة كبيرة . ولذلك فإن الأيديولوجيا والاديان البشرية تتسم بسمتين رئيسيتين على وجه الحصر:
تقدم في المجال المعرفي إجابات جاهزة، وهذه الإجابات عندما تتعلق بأمور علمية تؤدي إلى ظهور تهافتها وكذبها.
وفي المجال الوجودي تنزع إلى الرفع من شأن الذات مقابل وصم الآخر وتحقيره والتقليل من شأنه تمهيداً لإلغائه.
والأمثلة على الإجابات المغلوطة في المجال المعرفي نجده في تصميم الكنيسة الكاثوليكية على أن الأرض مركز الكون، حتى أنها أحرقت العالم برونو جوردانو حياً عندما قال بغير ذلك، وكادت تفعل الشيء ذاته بالعالم جاليليو جاليللي لو لم يتراجع عن أقواله أمام محكمة التفتيش الكنسية. كما نجده فيما تمت إضافته إلى التوراة والعهد القديم من الإنجيل من أن العالم تم خلقه منذ ستة آلاف سنة قول الديانات الثلاث المسيحية واليهودية والاسلام ان الارض منبسطه، وما أشبه ذلك. وقد وجدت من خلال دراستي للنصوص الايديولوجية على ضوء الاكتشافات العلمية الحديثة عشرات من الاخطاء والاوهام المعرفية حول مكونات العالم، فالارض منبسطة، وهناك سبع سماوات وسبع ارضين طباقا بعضها فوق بعض، هي لا وجود لها، والهيكل العظمي يتكون في الرحم ثم يكسى لحما مع ان العكس هو الصحيح، والجبال اوتاد تمنع حركة الارض مع انها نتاج حركة القشرة الارضية لا تزال تتشكل، وان الانسان يخلق من ماء دافق يخرج من الصلب اي العمود الفقري للرجل ومن الترائب اي موضع القلادة من عنق المرأة ، مع ان المني مصدره الخصيتين، وما الى هنالك من عشرات التراهات الساذجة التي تعج بها النصوص المقدسة، وهي بطبيعتها اخطاء لا يمكن ان يقع فيها اله يملك كل تلك القدرات التي تصفها الاديان. وقد سلم الكهنوت اليهودي والمسيحي باكتشافات العلم الحديث ونسبوا الاغاليط في نصوص اديانهم الى الناقلين، بينما بقي الدجالون المسلمون مصرين على ترويج الكذب وحمايته واخترعوا اعجازا علميا لكتابهم يقوم على لي عنق اللغة والمنطق معا.
أما في الناحية الوجودية، فهناك مقولة شعب الله المختار مقابل الأغيار في التلمود. ومقولة الأمم والشعوب المتحضرة مقابل الشعوب الهمجية والبربرية (توني بلير). ومقولة الجنس الآري المتفوق مقابل الأجناس المنحطة (هتلر). والشر مقابل الخير (جورج بوش)الذي بدا متأثرا بالفكر الصليبي؛ فبعد أن تحدث عن شن حملة صليبية ضد الإرهاب قيل فيما بعد أنها زلة لسان .إذا به يسلك سلوكا يشبه شعار داعية الحروب الصليبية الفرنسي (القديس) برنار الذي كان يقول " إن قاتل المسلم ليس قاتل إنسان بل هو قاتل شر"، ولو ان وجهة النظر هذه بدأت تكتسب بعض المصداقية نتيجة التصرفات اللا انسانية للمسلمين. وهناك في الجانب الإسلامي مقولة "خير أمة" مقابل أبناء القردة والخنازير (التطرف الإسلامي). فالتطرف فقط هو الذي يصدر أحكاماً شاملة غير قابلة للتعديل على أمم بأكملها ويصمها ويحقرها، فالتهمة أبدية لا تميز بين آثم وبريء وكذلك العقوبة. ولذلك نرى أن الأيديولوجيا بعيدة عن روح العدالة التي لا تحابي أحداً. وهذه من أهم المعايير في الحكم على أصالة النصوص الدينية أو صحتها فيما أرى.
وعليه فإنه يمكن للمرء أن يحكم بثقة ويقين، أن فكر التطرف الإسلامي الذي يصم الآخر ويحقره تمهيداً للحكم عليه بالإعدام والإلغاء، والذي يتذرع بالمقدس والقداسة لمنع الحوار والنقاش والمحاججة، حتى وصل الأمر ببعض فرقه إلى تكفير المسلمين، بل ومجتمعات إسلامية بأكملها، ومن ثم استحلوا بذلك دماء المسلمين، مثل هذا الفكر، لا يمكن أن ينسب إلى اله سماوي عظيم. فهو لا يخرج عن كونه أيديولوجيا بشرية تماماً كالمسيحية واليهودية وغيرها من الاديان والايديولوجيات كالفاشية والنازية والبعثية والناصرية والماركسية بفروعها والفوضوية والليبرالية...الخ. ولا يتبقى اليوم الاميثاق الامم المتحدة والعهد الدولي لحقوق الانسان، والمواثيق الصادرة عن الجمعية العامة للامم المتحدة، والتي تمثل الحكمة الجمعية لسكان الكوكب وتطلعاتهم الى العدالة والحرية والسلام والتقدم، مستثنين من ذلك ما يصدر عن مجلس الامن الذي كثيرا ما مثل رغبات القوى المتغطرسة للهيمنة على الشعوب واستغلالها. ولهذا فاننا ساجمع من هذه النقطة فصاعدا كلا من الدين والايديولوجيا تحت مسمى الايديولوجيا.
خصائص الأيديولوجيا:
وللأيديولوجيا مجموعة من الخصائص نوجزها فيما يلي:
مقدمات خاطئة ونتائج خاطئة
لما كانت طبيعية البناء المنطقي للغة وبالتالي للفكر، في شقيها التحليلي والتركيبي، قائمة في الأساس على قضايا منطقية ذات مقدمات، ثم نتائج مستخلصة من تلك المقدمات، فإنها تقبل مقدمات خيالية مصطنعة لا تستند إلى وقائع مادية، فتؤدي إلى نتائج مصطنعة بدورها. وهذه النتائج المصطنعة هي أحجار البناء التي تستمد منها الأيديولوجيا بنيتها.
الانجاز الفردي والتبشير
أن إبداع كل أيديولوجيا هو في الأصل إنجاز فردي بامتياز يضيف اليه آخرون فيما بعد، ذلك أن بنيتها لا يمكن أن تتكون في عقول متعددة منفصلة، لأنها لا تمتلك كلياً أو جزئياً ما يسندها في وقائع العالم المادي بحيث يصل إليها أناس متعددون في آن واحد دون أن يطلع أحدهم على عمل الآخر، بعكس ما هو الحال عليه في النظرية العلمية مثلاً.
أن كل أيديولوجيا لها طابع تبشيري وذلك فرع فرديتها، ولذلك كان التبشير طريقها إلى عقول الجماعة.
مخاطبة العواطف والغرائز والاهواء
أنها تستثير العواطف والغرائز والأهواء ولا صلة لها بالعلم المرتكز على الوقائع المادية.
ينتج عن هذه الخاصية أن الأيديولوجيا تنزع إلى الاستبداد لقطع دابر النقاش والمحاججة اللذان يهدمان أسسها، ولذلك فهي تسعى إلى التوحد بالسلطة، أو الانفراد بها، ومن ثم إضفاء القداسة على نصوصها تمهيداً لفرضها دون نقاش. ذلك لأن الإنسان اعتبر السلطة دائماً مصدراً من مصادر الحقيقة التي تتجاوز في معناها الصدق والكذب العاديين إلى المعرفة المطلقة بمعناها الفلسفي.
تساوي الايديولوجيات
لأن الأيديولوجيات كلها أفكار ذاتية وليست موضوعية، فإنها تقف أمام بعضها على قدم المساواة لافتقارها كلها إلى سند من العالم المادي الذي يستمد منه الإنسان فكره الموضوعي ببنيتيه المنطقية والتجريبية.
الايمان الاعمى والتطرف
إن كون الأيديولوجيا متساوية في عدم إمكانية الحكم بيقين على مصداقية أي منها، قد أدى إلى جعل الإيمان الأعمى والتطرف في هذا الإيمان أهم عامل لبقاء الأيديولوجيا وفرضها على الآخر.
الصراع
الأيديولوجيات التي لا تزال مشتبكة في صراع دائم منذ عرف الإنسان الأيديولوجيا،إنما يعمل كل منها كستار يغلف المطامع السياسية والاقتصادية لأتباعها. ومع هذه العدوانية المتأصلة كان لابد أن يتصف أتباع كل أيديولوجيا بالتطرف وخاصة في مراحل الضعف والقوة.
ففي حالة القوة يقدم التطرف المبرر الأخلاقي لقتل وإلغاء الآخر أو استعباده واستتباعه.
وفي حالة الضعف يصبح التطرف وسيلة ناجعة لحماية الذات والحقوق والهوية التي يستهدفها العدو.
ومن ينظر في أحداث المائة السنة الأخيرة يجد أمثلة كبيرة وكثيرة. فمفكرو فرنسا (الأحرار) قاموا بتبرير المذابح التي قتلت ملايين الجزائريين على يد الاستعمار الاستيطاني الفرنسي. كما برر مفكرو الغرب المسيحيون وغير المسيحيين إبادة الأجناس في استراليا وفي القارة الأمريكية. كما برر مفكرو بريطانيا الفظاعات التي ارتكبتها جيوشهم وإدارتهم في أرجاء الأرض، حتى عندما بلغت البشاعة بالبريطانيين إلى قطع الإصبع الإبهام من مئات الألوف من الفتيات الهنديات لمنعهن من غزل النسيج على أنوالهن المنزلية، حتى لا ينافسن بإنتاجهن إنتاج المصانع البريطانية التي تصدر النسيج إلى الهند، حسب ما جاء في كتاب الزعيم الهندي جواهرلال نهرو الموسوم (رسائل إلى ابنتي). وعندما قامت جيوشهم بالعدوان المسلح على الصين لفرض إلغاء القوانين التي أصدرها إمبراطور الصين بمنع تعاطي مخدر الأفيون الذي كانت تصدره بريطانيا وتحتكر تجارته في الصين. ثم يأتي ما نراه هذه الأيام من اعتبار الولايات المتحدة الأمريكية ودول الغرب عموماً العمليات الكفاحية إرهاباً مع أنهم يخوضون حرب تحرير وطنية ضد محتل شرس مسلح حتى الأسنان بالأسلحة الغربية، وفي الوقت ذاته اعتبار قتل الفلسطينيين بتلك الأسلحة الغربية الحديثة الفتاكة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي عملاً من أعمال الدفاع عن النفس.
لقد اتفق العرب والمسلمون معتدلوهم ومتطرفوهم على الكفاح المسلح ضد العدوان. والجميع على حق. لأن الغرب يظهر بممارساته أنه إرهابي ومتطرف، يمارس الكذب والغش والخداع مدعياً الاحتكام إلى القانون، ويمارس الجرائم ضد الإنسانية باسم حقوق الإنسان.
والغرب بسياساته هذه يخلق الإرهاب المضاد لإرهابه. وهو بتفوقه العسكري الكاسح، يجعل الحرب ضده خاسرة ما لم تخض بإحدى طريقتين على وجه الحصر أثبتت التجربة نجاعتهما. وهذان هما:
إما حرب العصابات في الأوطان المستهدفة باستخدام أسلحة ذات تقنيات منخفضة مع التعويض عن انخفاض التقنية باستعداد عالٍ للاستشهاد من أجل إيقاع الخسائر بالعدو.
أو باستخدام تقنيات عالية جداً مثل الأسلحة النووية والجرثومية والكيماوية في عقر دار الغرب نفسه وهو التوجه الذي تشي به وتشكل مقدماته أحداث الحادي عشر من سبتمبر 1991م.
وقد جعلت المنجزات العصرية في عالم الاتصالات من التبشير الأيديولوجي على النطاق العالمي عملاً ممكناً، وهو ما يهدد بالحروب العالمية التي يمكن أن تكون رد فعل على (عولمة العدوان). ولا يمكن تجنب هذا الخطر إلا بوجود توازن رعب حقيقي للقوى يمنع العدوان والاستكبار، وهو ما ظن العالم انه انتهى بنهاية الحرب الباردة، لكنه ظن خاطئ، لان الحرب الباردة تعود اليوم واطرافها متسلحون بايديولوجيا متماثلة، هي في صميمها نزاعة الى الهيمنة والاستغلال.


2
الفلسفة والعلم
اسئلة السعي الى المعرفة
الرغبة في الفهم تثير لدى الانسان اسئلة هي على وجه الحصر : ماذا؟ واين؟ ومتى ؟ وكيف ؟ ولماذا؟
السؤا ل الاول ماذا؟ يهدف الى حصر موضوع البحث وتحديده.
السؤال الثاني اين؟ يهدف الى حصر مكان موضوع البحث وتحديده.
السؤال الثالث متى؟ يهدف الى حصر زمان موضوع البحث وتحديده.
السؤال الرابع كيف؟ يهدف الى حصر الكيفية اوالكيفيات المتعلقة بموضوع البحث وتحديدها.
السؤال الخامس لماذا؟ يهدف الى تحديد سبب او اسباب نشوء او وجود موضوع البحث وتحديده.
الاسس العامة للفلسفة الحديثة
تحتوي الاسس العامة للفلسفة الحديثة على ثمانية عناوين اساسية مركزية في المجال المعرفي (الابستيمولوجيا) التي تهتم بماهية المعرفة وكيف نعرف، ثم في مجال الطبيعة (الميتافيزيقيا) والتي تهتم بطبيعة الاشياء. وهذه العناوين هي:
الشك، والمعرفة، والفهم، والصفات الاولية والثانوية، والدافع، وحرية الارادة، والعقل والجسد، والهوية الشخصية.
سبعة من هذه العناوين تم تناولها بكثافة في القرنين 17،18، من قبل افضل العقول الفلسفية ولهذا يقضل استعراضها تاريخيا من خلال جدل الفلاسفة حولها، وواح من هذه العناوين يرجع الى العصر الحديث المبكر.

نظرة تاريخية الى الفلسفة الاغريقية وتأثيرها
منذ وقت مبكر بدأت محاولات الفلاسفة الاغريق للوصول الى المعرفة باستخدام العقل بدلا من استقاء المعرفة من التقاليد والاساطير، وهي المحاولات التي منحتهم لقب الفلاسفة. وقد نشأت في بلادالاغريقمدارس فلسفية كثيرة، منذ ما قيل سقراط والاكاديمية المدرسة الافلاطونية الشهيرة التي استمرت في النشاط لمدة 800 سنة. وقد اسس ارسطو مدرسته اللوسيوم، وكانت هناك المدرسة الاتيكيه نسبة الى اتيكا، ضمن مدارس كثيرة متنوعة. وكانت هناك ايضا مدرسة الشك، ذات الاثر الضخم في الفلسفة الحديثة، والتي اسسها بيرو الذي توفي عام 275 ق.م وكان يعتبر أشهر المتشككين ، فيما عرف بمذهب الشك. وقد تبعه في مذهبه الفيلسوفان كريتاديس وثيمون. وقد تأثرت المدارس الفلسفية الرومانية ثم الحديثة بمذهب الشك الذي أسسه بيرو، ذلكان الشك دافع البحث ومنطلقه.
بيرو الذي ساح كثيرا في العالم وصحب الاسكندر المقدوني في حملته التي بلغت الهند أقام مذهبه على ملاحظة بسيطة مؤداها: ان الحدث الواحد أو الشيء الواحد يبدو لكل شخص بمظهر مختلف وهو ما يجعل معرفة وجهة النظر الصائبة أمرا متعذرا. وانه لما كنا غير قادرين على معرفة طبيعة الأشياء والأحداث فإن ذلك يقتضي منا التوقف والامتناع عن أي عمل يقوم على الجهل وانعدام المعرفة الحقيقية الموثوقة.
ولذلك فإن أفضل ما يفعله الإنسان هو العيش بهدوء وطمأنينة مبتعدا عن الضلالات التي تدعي معرفة الحقيقة وما تخلقه فينا من أوهام. وان على الإنسان أن يكبح رغباته حتى يتحرر من الشقاء الذي يسببه السعي إلى تحقيق الرغبات.
تدمير المدارس الفلسفية والتراث الفلسفي
لسوء حظ الفلسفة تحولت الامبراطورية الرومانية الى المسيحية، ثم راى اباطرة روما المسيحية ان اغلاق المدارس الفلسفية واجب ديني واخلاقي، فتم تدمير الكثير جدا من المخطوطات الفلسفية الاغريقية، كما تم تدمير مكتبة الاسكندرية الشهيرة، وتم احراق عدد كبير جدا من الكتب، وبحلول العام 529 الميلادي تم اغلاق المئات من المدارس الفلسفية بما فيها اكاديميا افلاطون.
لم يتبق شئ من المخطوطات الاصلية لمدرسة الشك، ولم تصلنا الا مصادر ثانوية في ثلاثة كتب هي: كتاب سكيتوس امبريكوس شرح البيرونيه ، ثم كتاب ستروس اكاديمكا، وكتاب شابكل ديوجنس لا يوستوس الذي استعرض الفلاسفة و ضمن كتابه بعض الصور القلمية عن حياتهم .
حظى ارسطو، بسبب اثباتاته النظرية عن وجود الله، فيما كان يسميه المحرك الاكبر، بمكانة خاصة في الكتابات الكنسية . وقد كانت الكتابات المبكره لافلاطون معتمدة لدى الكنيسة، وظهرت بصماته على مؤلفات كنسية مثل القيامة و الابدية .
هذا المزج بين المسيحية والارسطية اصبح مسيطرا على المدارس الرهبانية القروسطية خاصة من خلال كبار المفكرين المسيحيين مثل توماس الاكويني، وقد لعبت التصورات الفلكية دورا هاما في الفكر المسيحي القروسطي . فعالم ارسطو كان مكونا من العناصر الاربعه وهي الارض والماء والهواء والنار، واعتمادا على فلسفه ارسطو ظهرت المدرسه الاسكولائية المسيحية . نظرة ارسطو للعالم تقوم على ان الارض هي المركز محاطة بالماء ثم الهواء ثم النار ثم المريخ فالزهره ...الخ ؟ وفي نظرته للكون يوجد فرق كبير بين كل ماهو موجود اسفل مدار القمر والذي يعتريه التغير والزوال وكل ما نشاهده ونعانيه على الارض، وبين ما يوجد في القمر وما فوقه حيث كل ما هنالك يوصف بالكمال والجمال والثبات .
ثورة الشك:
بين العامين 1400 و1500 وعقود قليله بعدها ،حدثت امور غيرت كل شئ. حيث ظهرت بعض المخطوطات الاغريقية التي سلمت من التدمير، وذلك في العالم البيزنطي للامبراطورية الرومانية الشرقية في القسطنطينية، وبعض تلك المخطوطات كان العرب قد استجلبوها باثمان باهظة خاصة ضمن مشروع دار الحكمة التي انشاها الخليفة العباسي المامون، وتمت ترجمتها هناك الى العربية. ثم قام العثمانيون بغزو بيزنطة واحتلال القسطنطينية الامر الذي ادى خلال تلك الاحداث الى نزوح كبير لدارسي الفلسفه الى اوروبا ونقلوا معهم اليها ما تبقى من المخطوطات الاغريقية التي كانت محفوظة في بيزنطة. وقدسبق ذلك تعرف اوروبا على الترجمات العربية للفلسفة الاغريقية في الاندلس، والتي سقطت فيها آخر ممالك العرب في غرناطة بيد المسيحيين بالتزامن مع سقوط القسطنطينية بيد العثمانيين.
وقد كان لاعادة اكتشاف هذه المخطوطات اثر عميق ومتفجر في اوروبا . وما ان حل العام 1415 الا وتم اكتشاف الطباعة لتجري ترجمة هذه المخطوطات الى اللاتينية التي كانت لغة العلم في اوروبا، ومن ثم طباعتها، فانتشرت بشكل واسع بين مثقفي اوروبا بسرعة كبيرة نسبيا، وعلى سبيل المثال، اكتشف كتاب لوكريشس طبيعة الكون عام 1417 وطبع في العام 1486 . وترجم كتاب اسكيتوس امبريكوس شرح البيرونية الى اللاتينية ونشر في العام 1562 .
وفي العام 1462 قام كريستوفر كولومبوس بالابحار لاكتشاف طريق جديدة الى الهند ولكنه اكتشف العالم الجديد. واحدث اكتشاف امريكا ثوره اقتصادية بتدفق الفضه الى اوروبا، واحدث ذلك تغيرات عظيمة في الاوضاع الاجتماعية والفكرية. فلقرون اعتقد الاوروبيون ان كل الحقيقه موجوده بين الانجيل وارسطو، وفجاه يظهر عالم جديد لم يكن معروفا للانجيل ولا لارسطو، وكان اكبر مثال على ذالك خريطه العالم الشهيره مات موندي والتي ترجع الى العام 1290 ، وكان قد رسمت بناء على كتاب اروزيس تلميذ القديس سانت جستن . وكانت الخريطه تعرض العالم باكمله وفي المركز منه تقع القدس او بيت المقدس، تماما كالعالم الذي يريد المسلمون اعاده بنائه اليوم وفي مركزه مكة او الكعبة . ولكن الماساة كانت انه لم يكن في خريطة مات موندي اي شئ عن العالم الجديد، وهكذا دواليك في كل فروع المعرفة الطبيعية التي تناولها ارسطو وتبنتها الكنيسة، فظهر كذبها وخطؤها وانهارت دفعة واحدة.
وهنا انتصر مذهب الشك البيروني وبدأت عملية بناء المعرفة في كل مجال من جديد، حيث تسير الفلسفة يدا بيد مع العلم التجريبي وخطوة مع خطوة لبناء معرفة موثوقة الى اقصى حد ممكن . ولكن المسلمين ظلوا بعيدين عن اعادة النظر الجذرية هذه، اذ بقي نقد النصوص والروايات المقدسة محرما حتى يوم الناس هذا تحت طائلة الموت، لتصاب امة كاملة بانفصام الشخصية. واعيق تطورها العلمي والمعرفي والحضاري لذات السبب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.