مما لا ريب فيه أننا نقف اليوم على أعتاب المراحل التعبوية الخطيرة لمراحل العبث العربي, التي وصلت طلائعها العسكرية والمخابراتية والإعلامية إلى البلدان العربية الآمنة, وانتهكت حرمة البلدان الإسلامية البعيدة, ففي حديث مسجل, ومنشور على الانترنت للدكتور عبد الله النفيسي, يسخر فيه من تصريحات وزير الخارجية الإماراتي (عبد الله بن زايد) بعد عودته من أفغانستان, حين سأله الصحفيون في المطار: (كيف كانت رحلة معاليك؟), فقال لهم متفاخرا متباهيا: (ذهبت إلى أفغانستان لأطمئن على قواتي, ومحاربة الإرهاب هناك), وفي محور آخر من محاور جبهات القتال الخليجية شاهد الناس كيف حلقت الطائرات القطرية في سماء الأوديسا مع قاصفات الناتو فوق ضواحي (مصراتا), و(إجدابيا), وكيف كانت تطارد الدبابات الليبية عند مقتربات (باب العزيزية), وكيف تجحفلت هناك ولم تنسحب حتى يومنا هذا, على الرغم من انسحاب قوات الناتو وانحسار فجر الأوديسا. وفي محور ثالث قال صلاح الصيادي, الأمين العام لحزب الشعب الديمقراطي في اليمن: (دأبت الخلايا السرية القطرية على ممارسة تدخلاتها السافرة في الشأن اليمني, ومازالت تغدق الأموال الطائلة لإذكاء نيران الفتنة والاقتتال بين أبناء الشعب اليمني, من دون مبالاة للقوانين والأعراف الدولية, ومن دون مراعاة للمبادئ والقيم), وتشير الوثائق الخطيرة التي سربها موقع (ويكيليكس) إلى دور النظام القطري في استخدام قناة الجزيرة لتصفية حساباته مع خصومه في البلدان العربية, ونجحت قطر أكثر من مرة في إشعال فتيل الفتنة في عدد كبير من العواصم العربية, ووحدت جهودها مع أمراء مجلس التعاون لركوب موجة الانتفاضات العربية, التي خرجت للمطالبة بالتغيير, في محاولة خبيثة لأمركتها, والتظاهر بالوقوف معها حتى لا تنتقل عدواها إلى عواصمهم, أو تتحول إلى ثورات حقيقية تطيح بهم, أو بمن سيرثونهم في الحكم. فكانت قناة (الجزيرة) هي الوعاء الذي احتوى السم الزعاف, والبوق الذي تخصص في فبركة الأخبار والبرامج الموجهة لتفكيك البلدان العربية وتمزيقها, من خلال استدراج السياسيين والمحللين العرب والسماح لهم بالتهجم على بلدانهم وحكوماتهم, شريطة عدم المساس بالدول الست المنتمية لمنظومة مجلس التعاون, وعدم المساس بالقواعد الامريكية والحشود الحربية الأجنبية المتجحفلة في العواصم الخليجية, على الرغم من أن قاعدة (العديد) لا تبعد عن موقع الجزيرة سوى بضعة أمتار, وكانت تلك القاعدة هي الوكر, الذي انطلقت منه دبابير الشر لتدمر المدن العراقية بطلعاتها الجوية الحاقدة, في حرب الخليج الثانية والثالثة. من ناحية أخرى انتقد السفير السوري في الكويت اللواء (بسام عبد المجيد) التدخلات الكويتية في الشأن السوري, وقال: (لا نريد أن تتحول الكويت إلى ساحة لتجييش الإعلام المعادي لسوريا), ويأتي تصريحه هذا متوافقا مع الحملة الإعلامية الخليجية الشعواء, التي تشنها (الجزيرة) وأختها (العربية) ضد البلدان العربية غير المنتمية لمجلس التعاون الخليجي, والتي وصلت في بعض محاورها إلى مستوى الضرب تحت الحزام وفوق الرأس, بحيث صار المواطن البسيط يدرك بفطرته, من دون أن ينبهه أحد, أن (الجزيرة) هي التي تقود الحرب ضد سوريا واليمن والسودان والعراق وغزة, وأن (العربية) هي التي تسعى في السر والعلن للنيل من سوريا, وهي التي تحث الناس على الشغب خارج حدود البلدان الخليجية المعصومة من الخلل والزلل, وتدعو الناس للفوضى والتهور خارج حدود التظاهر والاحتجاج والاعتصام. الملفت للنظر أن هذه الفضائيات الخليجية صارت عندها عشرات المكاتب وآلاف العدسات المبحلقة في الجو والبحر والبر, وكأنها نسخة فضائية لزرقاء اليمامة ذات البصر الأسطوري الخارق, لكن الزرقاء الجديدة ولدت هذه المرة بعين واحدة, كعين الأعور الدجال, فهي تنظر إلى الأوضاع من زاوية واحدة, وتصور الأحداث بعين واحدة, تلتقط المشاهد البعيدة, لكنها لا ترى ما يجري حولها في القواعد الحربية الامريكية القريبة منها في (السيلية), و(العديد). ختاما نقول: ألا يفترض بنا أن نتساءل عن سر الأهداف المريبة, التي ستجنيها الأقطار الخليجية العابثة من وراء حملاتها الإعلامية المسعورة, التي ظاهرها فيه الرحمة وباطنها فيه العذاب, خصوصا بعد أن انزلقت فضائياتها في حملات التضليل والتلفيق والتخريب؟؟,.. ألا يعني ذلك أن الإعلام القطري الموجه ضد البلدان العربية تحول بالفعل إلى معاول وبلدوزرات هدامة تسعى لتفكيك الوطن العربي, وتجزئته وتقسيمه إلى أقاليم صغيرة ودويلات ضعيفة؟؟, ثم ألا يعني هذا التصرف المتعمد أن تلك الفضائيات الخبيثة انضمت إلى المشروع الاستعماري, الذي صممه الدجال العجوز (برنارد لويس), والذي يهدف إلى تقطيع أوصال البلاد العربية, ونهب ثرواتها؟؟. أن من يشاهد (الجزيرة) ويتابع برامج (العربية), ويرصد تحاملهما على البلدان العربية وعلى كل ما هو مستقر في الشرق الأوسط, يحس انه يستمع لمنابر إعلامية شريرة, مسخرة بالكامل لتشتيت فكر المواطن العربي, وتضليله بالأخبار الكاذبة, وتحريضه على الفوضى والتمرد والانفلات الأمني, وصولا إلى زعزعة استقرار المدن العربية كلها, والعبث بأمنها... والله يستر من الجايات المستقبل العراقية 21/11/2011 وعنوان التقرير " عبث العرب العاثرة"