أكدت مصادر فلسطينية مطلعة أن أزمة آخذة في التطور بين السلطة الفلسطينية والقيادة الليبية بسبب عدم استقبال الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي للرئيس محمود عباس يوم 21 من فبراير/شباط الماضي، كما كان مخططا له. وذكرت المصادر الفلسطينية الموثوقة، التي طلبت عدم ذكر اسمها، أن عباس كان قد تلقى ثلاثة اتصالات هاتفية من القذافي أثناء جولته في اليابان وألمانيا وروسيا، على أن يزور ليبيا يوم 13 فبراير/شباط الماضي، لكنه اعتذر بسبب ارتباطاته بتلك الجولة، وتم الاتفاق على أن تكون الزيارة يوم 21 فبراير/شباط.
وأضافت أن الرئيس عباس غادر عمان يوم 20 فبراير/شباط الماضي للقاء الزعيم الليبي في اليوم التالي الساعة الواحدة ظهرا، لكن لم يتم ذلك، واضطر الرئيس عباس إلى المغادرة بعدها لارتباطه بمواعيد في فرنسا، على حد تعبير المصادر.
وقالت المصادر إن القيادة الفلسطينية تدرس مع السعودية ومصر والأردن الموقف من القمة العربية الشهر المقبل، مشيرة إلى أن هناك ثلاثة خيارات أمامها: الأول هو أن تقاطع السلطة الفلسطينية القمة العربية بالكامل، والثاني أن يذهب عباس إلى القمة دون أن يحضر دعوات القذافي الشخصية، وأن يكتفي بحضور الاجتماعات الرسمية باعتبار أنها عربية وليست ليبية، والخيار الثالث أن يرأس وزير الخارجية الوفد الفلسطيني إلى القمة. اللجوء للإعلام من جهته أعرب ناشط سياسي ليبي عن أسفه للجوء رئيس السلطة الفلسطينية إلى الإعلام لوضع شروط على حضوره قمة ليبيا العربية المرتقبة في نهاية مارس/آذار الجاري، واعتبر ذلك أسلوباً غير مقبول في العمل الدبلوماسي وغير معهود بالنسبة للعلاقات الليبية الفلسطينية.
واستبعد الناشط نعمان بن عثمان أن تكون التصريحات الصحفية التي نشرت اليوم الجمعة بعيدة عن الدوائر المقرّبة من عباس، وأشار إلى أن تسريبها عبر الإعلام "خطأ دبلوماسي ما كان يجب الوقوع فيه"، وفق تعبيره.
وأعرب عثمان عن اعتقاده بأن نشر خبر اشتراط عباس أن يتصل به الزعيم الليبي ويعتذر له لكي يحضر القمة، "طريقة غير صائبة"، معتبرا أن الذي نصح عباس بذلك "مستشار فاشل"، لأنها "ليست الطريقة التي تستقبل بها القيادة الليبية الطلبات، لأن القنوات الدبلوماسية مفتوحة، والخطوط بين طرابلس ورام الله لم تنقطع حتى يتم اللجوء إلى الإعلام".
وأضاف أن عباس عندما جاء إلى طرابلس في فبراير/شباط لم يتعرض للإهانة، ولم يمسسه سوء يستوجب من الليبيين الاعتذار منه أصلا. وأكد أن القيادة الليبية ليست لها أجندة خاصة في الشأن الفلسطيني، وأنها ترى في الخلاف المستحكم بين حركتي التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) كارثة عربية كبرى أضرّت بالمصالح الفلسطينية والعربية والإسلامية، وأنّ حلّها يندرج ضمن انشغالات ليبيا القومية.
وأعرب الناشط السياسي الليبي عن خشيته من أن تكون هذه المعلومات جزءا من مساعٍ لإفشال القمة العربية المقبلة التي تسعى ليبيا لجعلها قمة عربية حقيقية وليست مجرد مناسبة للسياحة الدبلوماسية يتمّ التقاط الصور فيها من دون أن تنتهي إلى شيء على الأرض، على حد تعبيره.
وكانت المصادر الفلسطينية قد ذكرت في تصريحاتها المنشورة اليوم أن عباس يتعرض لضغوط شديدة من داخل حركة "فتح" واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية لإعلان مقاطعته للقمة، وذلك رداً على ما وصفته بتصرفات الزعيم الليبي خلال زيارة عباس ليبيا الشهر الماضي وعدم استقباله له، على الرغم من أن الزيارة من أصلها جاءت بعد إلحاح ليبي.