رئيس التحرير : لم يخب ضني يوما بمثقف تملك العمق والرؤية والمسئولية الوطنية بعيدا عن الخوض في انتمائه السياسي والمنهجي ، فلم يكن يوما الخلاف المنهجي الخلاق سببا للتناحر بقدر ما كانت المطامع والأهواء سكين مغروسة في جسد الوطن تستنزف دمائه وروحه. لعل هذه الفراسة في التبيان تنعكس على الاستاذ محمد المقالح الكاتب والمحلل السياسي إضافة الى كونه احد القيادات البارزة في الحزب الاشتراكي اليمني ، فقد توحدت الكثير من المواقع الاخبارية اليمنية في الآونة الاخيرة بتناول احاديثه ومقالاته ، وذلك استثناء جمالي للرؤية التي لا ينحصر نشرها على اهلها ، بل تتداولها كل المواقف الوطنية ..لانها باختصار تفرض نفسها بكونها خالية من الحقد والضغينة والتحريض والتشويه والاقصاء والتهميش والتحوير والتلفيق ..الخ.. اختلف منهجيا كثيرا مع محمد المقالح ، اختلاف عمقته الأزمة اليمنية حينما خيل الينا ان اليمن بقادتها وشعبها انقسموا الى معسكرين بينما فجوة كبيرة في المنتصف لا تسمح للتقارب ، كما لا تسمح لأحد بالوقوف على الوسط.. هكذا خيل لنا ، قبل ان تبدأ ملامح الخلاف تتلاشى حدتها بين "بعض" المعسكر الاول عن "بعض" المعسكر الثاني ، فيما البعض الآخر من المعسكرين يشعل جذوة النار ويوقدها بالمزيد من التباينات، إمعان في الخطيئة التي تتعرى يوما بعد يوم امام العامة والخاصة. وعودة الى تفاصيل لقاء لم تسعفني اللحظة في متابعته كاملا ، على قناة اليمن غير الرسمية ( اليمن اليوم) ، تمنى المقالح والى جانبه الاستاذ عبد الجندي ان يكون مثل هذا الحوار على القنوات الرسمية كونه يجب ان يكون هكذا دورها .. في اشادة مبطنة بسياسة القناة الوليدة وانتقاد واضح لدور الاعلام الرسمي. قال المقالح ان من يضعف سلطة هادي ويحوله الى مختطف ويجعل بيته تحت زلازل المسيرات والاحتجاجات والفوضى هو من لا يريد الوحدة الوطنية ، كونه لا يريد للرئيس الرمزية الواقعية والمعنوية للقيام بدوره بالكامل في لم الشرخ الوطني .. واتفق معه الاستاذ عبده الجندي. وجدد المقالح رأيه في كون الاعتصامات حاليا لم تعد تخدم الثورة ولا تمثلها بقدر ما هي رافعة لأطراف تقتات من وراءها المواقف والمصالح ، مؤكدا ان الثورة الحقيقية يجب ان تنتقل من الساحات الى الأدمغة فتخلق الوعي ، مراهنا المقالح على الوعي ، وكذلك كان موقف الضيف الآخر. كما جدد موقفه بان تعدد الائتلافات داخل الساحات لتكوين اغلبية بكثرة المسميات هي عبث بالقضايا الرئيسية ، ولن يمر الحوار الوطني بكثره هذه الائتلافات مع اهمال الاطراف الرئيسية والمفصلية فيه. الجندي بدوره تحدث عن مقارنات بين منهجين او حزبين الاصلاح والحركة الحوثية ، مستشهدا بمواقف من الماضي القريب في تعاطي الطرفين مع الازمة اليمنية ، فالاصلاح دمر مؤسسات الدولة ونهب محتوياتها في تعز وصنعاء ، في احياء الحصبة وما جاور الفرقة ، معددا الوزارات والمؤسسات والمباني والمنشئات التي طالها العبث الاصلاحي ، بينما في صعدة حافظ الحوثيون على المؤسسات وحموها وجسدوا دور السلطة المحلية عبر انتخابات ورؤيتهم للحكم ، يقول الجندي نختلف مع الحوثيين ومقارنتنا هنا تتحدث بين خصمين ، المقالح ايد الجندي تماما ولكنه اشار الى بعد أخر ان صعدة ليست هادئة ، فهناك اموال تتدفق الى صعدة في تحريض حقيقي للحرب في صعده وحجه من اطراف داخلية وخارجية ، مضيفا المقالح اذا لم يتوقف الرئيس وحكومة الوفاق عند هذا الخطر فاننا لن نقدم على حوار وطني بل ماضون نحو حرب وطنية. نقاط الاختلاف بين الجندي والمقالح اللذان يمثلا المعسكرين تكاد لا تذكر في البرنامج ، ربما كان اعتراض المقالح على الجندي في حديث عن السلاح في اليمن وامتلاكه لدى كل القوى والاحزاب ، رافضا المقالح قاطعا ان يكون الحزب الاشتراكي اليمني مسلحا او يساند التسلح قائلا : انا اتحدى من يقول غير ذلك .. الحزب الاشتراكي لم يفكر في ان يحمل مسدسا وكان ضد عسكرة الثورة والمظاهر المسلحة " لقد اعترف الاستاذ عبده الجندي ان تعسفات في فترة ما حدثت تجاه اصحاب الرأي مستشهدا بالمتوكل والمقالح ، لكنه يقول ان حرية الرأي يجب ان لا تقمع طالما والمتحدث لا يمتلك دبابة او مدفع ، وكان الجندي اراد ان يقول : مشكلة اليمن ليست تباين الرؤى بقدر ما هي عبث وفوضى العابثون بدماء الشعب ومصالحه. المقالح اعترض على براءة المؤتمر من محسن بقوله ان محسن هو صنيعة المؤتمر وهو ذنب قدمه النظام للشعب ، منتقدا سياسة التقاسم بين المؤتمر والاصلاح ، واثرها على الحوار الوطني. وقال المقالح : الجيش اليمني جيش وطني يجب ان لا تخترقه الايدولوجيات المتطرفة او ايا كانت ، محذرا من خطر ادلجة الجيش على مستقبل الوطن. وعن المبادرة الخليجية استنكر الجميع الالتفاف عليها من قبل من وقعها .. مؤكدين ان ذلك عيب امام القوى التي لم توقع عليها.. ابرز ما اتفق فيه ضيوف اليمن اليوم واهمه هو حول تنظيم القاعدة .. وتحول ورقة الارهاب الذي يقاتل اليمنيين جيشا ومجتمعا ومع هذا هناك من يدعوهم للحوار !! .. طيب قولوا لاصحابكم ان يوقفوا القتال ويتغيرون - والخطاب موجه الى من يريد اشراك القاعدة في الحوار - ، القاعدة لا تقبل الحوار اصلا .. وهناك اناس سياسيون يقولون تحاور معهم !! .. اخيرا ما اقتبسته من هكذا حوار بين طرفين متناقضي المواقف في الازمة اليمنية ان اليمنيين بامكانهم الالتقاء عند كثير من النقاط ، بشرط ان لا يكون هناك متسع لقوى الظلام والتخريب والتخلف ، التي على واجهة المشهد الآن .. والمجتمع يعرفهم.