لم يجد وزير الخارجية الأردني ناصر جوده ما يمنعه من الإشارة إلى أن موقف بلاده متفق مع روسيا عندما يتعلق الأمر بوقف العنف وتجنيب الشعب السوري المعاناة والتصدي للقتل والدمار والتشرد. رغم أن الأردن وقف عمليا في وقت سابق مع المعسكر الخليجي فيما يتعلق بالملف السوري وفتح حدوده للاجئين إلى أن الوزير جوده حشر بلاده في السيناريو الروسي وهو يستقبل نظيره سيرغي لافروف الذي حضر إلى عمان في إطار جولة سريعة تسبق حسب ما أعلن عن لقاءات له مع وزراء خارجية النادي الخليجي. عمان تبحث عن مقعد قريب لها في إطار السيناريو الروسي ليس لإنها مؤمنة به ولكن لإنه الوحيد المتحرك والدينامكي اليوم في المنطقة قبل حسم نتائج إنتخابات الرئاسة الأمريكية. لذلك شكلت زيارة لافروف الأولى لعمان محطة أساسية لكي تقرأ الدبلوماسية الأردنية قدر الإمكان النص الروسي بعدما تبين بأن صمود النظام السوري يضع بعض بلدان الجوار في دائرة الإحراج وأمام تحديات صعبة على حد تعبير المحلل الإستراتيجي الأردني الدكتور عامر سبايلة. خطة لافروف واضحة المعالم وهي وقف أذرع إمداد المقاتلين المعارضين في سوريا بالسلاح والمال والعمل مع المؤسسة العسكرية السورية مباشرة على تسوية تنتهي بإخراج بشار الأسد من المعادلة بطريقة سلمية وآمنة وضمن خطة تحول ربطها لافروف بحوار جنيف عندما قال بأن الإصرار على إسقاط بشار الأسد عسكريا يعني الإصرار على حمام الدم. إستمع الوزير جوده للرسالة جيدا فلافروف جاء ليقول بأن موسكو لا زالت ستوفر (حماية) للرئيس الأسد وقد لا تسمح بسقوطه وفقا للسيناريو الليبي ..لذلك إلتقط دبلوماسيون أردنيون عبارة (بقاء بشار ليس قدرا لكن إسقاطه عسكريا ليس خيارا) وهي تلميحات رددها لافروف في غرفة الإجتماع المغلق سواء مع ممثلي الدبلوماسية الأردنية او حتى في لقاءه مع المنشق السوري الأكبر رياض حجاب. بهذا المعنى رسالة لافروف واضحة في عمان فقد أبلغ حجاب حسب مصادر القدس العربي بأن روسيا لديها خطة وبرنامج عمل لما أسماه بإنتقال السلطة والتحول مدنيا في سوريا لكنها تبدأ بوقف العنف في الميدان حاليا والعمل مع المؤسسة العسكرية على ما وصفه ب(تسوية تاريخية). في الهامش يمكن الإستدلال بالكشف عن مباحثات مفترضة سيجريها لافروف مع وزراء خارجية النادي الخليجي لاحقا لضمان وقف إستراتيجية أنقره وقطر الخاصة بدعم المسلحين في سوريا حتى تتمكن المؤسسة العسكرية السورية من قيادة التحول. بالنسبة للمحلل السبايلة وهو متابع دائم للملف السوري تقف كل من أنقره والدوحة وراء حراك المجاهدين الذي يغطي الساحة السورية الأن ووفقا لبوصلة اللقاء الدبلوماسي المغلق أردنيا مع الضيف الروسي فإستراتيجية تسهيل (الجهاد في سوريا) وأحيانا تمويل مسلحين ودعمهم بالمال والسلاح والإعلام ستلحق ضررا بالغا في دور الجوار السوري. الأردن متضرر حسب تليمحات لافروف والسعودية وقطر كذلك والنتائج ستكون معاكسة لكن عمان حسب رد وزيرها جودة تتحمل العبء الأكبر في الأزمة السورية فهي تستقبل أكثر من 200 الف لاجيء سوري اليوم يحتاجون للدعم. لقاء حجاب ولافروف تحدث عنه الأخيرعلى شكل إبلاغ رسالة للمعارضة السورية قوامها التوقف عن محاولات الإطاحة ببشار عبر القتال وإستعدوا معنا لجولة حوار ومفاوضات تنتهي بنقل السلطة. هنا حصريا تقول مصادر مقربة من حجاب ل(القدس العربي) بأن لافروف طلب منه نقل هذه الرسالة لأقطاب المعارضة. عمان- القدس العربي- بسام البدارين: