قبل أن يستيقظ جميل من منامه ،كانت قد استفاقت قبله الشمس واستفاق معها صباح جديد،ومازالت الشمس ترنوا من بعيد إلى غرفة النوم الخاصة بجميل ،فكانت ترسل خيوطها بأقصى سرعتها تريد أن تخبر الجميع بأن الصباح سيحل عليهم ،إلا أن الصباح وصل معها خطوة بخطوة ،وحتى وصلت خيوط الشمس إلى نافذة الغرفة تسللت من بين ستائرها فاستطاعت أن تلمس قدمي جميل، تداعبه بكل حنية إلا انه ابعد قدميه ودسها تحت ردائه ،فغضبت منه أشعة الشمس وتسللت نحو وجهه وكان وجهه مكشوف إلا انه كان مغطى بالنوم فبدأت تلاطفه تريده أن ينهض ولكنه لم يحرك ساكناً، فغضبت منه مرة أخرى وأرسلت خيوطها وكانت أكثر حرارة من الأولى وضربته بسوط منها على وجهه وهي تقول له: قم من منامك أيها الكسول لقد حل عليك صباح جديد فانهض واستقبله بابتسامة جديدة ، فأحس بها جميل واستيقظ من نومه، فقبل أن يزيح النوم من على وجهه أتجه نحو النافذة وأزاح الستار عنها وفتح مصراعيها فإذا بالنسيم العليل يدخل عليه بكل لهفة وشوق يعانقه عناق العائد من السفر،ينساب حوله يقبله بكل مكان يستطيع الوصول إليه، فيلج في انفه ليصل إلى رئتيه ويعطرها طاردا غازات ثاني أكسيد الكربون المستعمرة رئتيه فأحس جميل بالحيوية والنشاط واخذ بيديه يمسح النوم من عينيه مطلقاً لنظراته العنان تصول وتجول في فناء بيته المكسو بالمروج الخضراء والأشجار الجميلة، وفناء البيت المطرز بالزهور والورود الفواحة ،فنظر إلى الأشجار ورأى العصافير تلهو وتمرح بين خيوط اشعة الشمس الذهبية وبين أوراقها وأغصانها وكأنها تحيك ثوب الأشجار ، ونظر إلى الزهور فرأى قطرات الندى على خدودها تغسلها من آثار التراب الذي جعل بشرتها شاحبة ،فترى خيوط الشمس قطر الندى يلهو على خدود الورد فتأتي مسرعة تشاركها فرحتها وتعطيها رونقا جميلا،فتتلألأ القطرات كأنها عقد منثور وتأتي النحل مسرعة أيضاً تشارك الكل فرحته فعلا إيقاع صوتها تبتهج القطرات متلألئة وتبدأ بالرقص على خدود الورود وتبدأ النحل بتقبيل شفاه كل الزهور، وتقوم بتلقيحها الواحة تلو الأخرى وكأنها فريق تحصين طبي ،لتبدو الزهور فيها اكثر جمالاً فتهدي النحل عسلاً من رحيقها الخاص ، فيهب النسيم العليل وترقص معه الزهور فتهديه عطرا فواحاً يأخذه النسيم فينثره في الأجواء يطيبها بعطر الزهور الجميلة ((فعلا مسرح البيت وديكور فنائه ،ومكيفات النسيم ،وإيقاع النحل والعصافير،ترقص خيوط الشمس مع قطرات الندى على خدود الورود)) فيغني الجميع بكل فرح وسرور أغنية مهداة لصباح جميل تقول فيها: وأشرقت شمس على صباح جميل ظلت تنقب عليه بين السحاب واستفاق الصباح ليوم عيد نفض عن ردائه غبار الضباب فكسته الطبيعة حلل الجمال وطرزت له من الزهور الثياب وتبسمت له السماء وتغنجت حين خضبها السحاب أجمل خضاب وباركت له العصافير مزغردة والبس الحزن ثيابه الغراب وعلى الورود تلألأ قطر الندى ماسحا من على خدودها التراب فعاد النحل إلى حوانيت الزهور يعصر فيها الشهد ويبتاع الشراب فتفوح الزهور بعطرها الفواح تطيب الأجواء بالعطر المطاب ويشتم الصباح منها نسيماً عليلاً فتعود أوقات صباه إلى كل غاب ويتغزل الليث بعيون المها وترقص ريم الفلاة على الهضاب وبعدها تثاءب جميل ويسدل الستار على النافذة لينتهي المشهد الأول من مشاهد صباح جميل ذاهبا ليغسل النوم من وجهه ويرتشف فنجاناً من القهوة ليعود بعدها ليكمل ما تبقى من مشاهد صباح جميل.