نقوش سوداء .. على رخام أضرحة مذهبية رسمت على أطراف أصابعي الزرقاء نهاية طريق كي لا أضيع تحب هيلينا الرقص الوثني بين قطرات ندى ربيع في حضرة مغيب طيور سوداء مهاجرة تغادر أصابع رخامية صوب سماء يتدلى شعر ذهبي ينهمل في ماء منساب بأبدية تحت جسر خشبي ينهمر مطر مسائي على ذراعين عاريتين انسكابات حزن غيوم قريبة اعتصرها ألم غريب تقفز قطع ثلج بين كأسين الرصيف الذي ينتظر سفن قادمة يقود إلى يابسة الرصيف الذي ينتظر سفن مغادرة يقود إلى يابسة في أفق بعيد إبحار مالح في صحارى قلق عنيد يرحل المهاجر الأخير من عش كفيها هيلينا المتجددة تعود الان إلى رقصتها القمرية يخالط خطواتها الرشيقة على الرمال الباردة انسكابات فضة تركت وجهي في المرآة ترتاح أخيرا على الرصيف المقاعد الخشبية يتدلى الشعر المسكوب في النهر المتعب يعبر الجسر الحجري إلى الواسع المالح تمسك بكل جذورها الشجرة الصخرة المشدودة بخيوط الزمن تنتظرهما هاوية الوردة المتفحة الطالعة من عتمة الليل تتساقط في الصباح الباكر من أوراقها الندية دموع رعشتها تخبيء هيلينا الجميلة في دفتر قصائدي أزهار حديقتها في البدء كانت الأرض تأخذ لون الروح الخضراء والفراشة لون الخدود النديّة أغلب أيام العام تغيب الشمس خلف بيوت مدينتي العتيقة تتأمل هيلينا بعيونها الواسعة نهايات الكون تغزل النجوم المتناثرة عقد ياسمين تمد يديها المضرجتين بكلماتي كجناحين تُشعل قناديل قلبي الحزين تأرجحت على أوتاد غيمة بيضاء رسمت على الأرض خطين غادرت التفاصيل اللوحة صارت ربيعا وبقي الأبيض الوحيد جمعت بخيط نهايتين نحاسيتين احترقت الأوراق وبقيت كلمات سوداء يقترب يا هيلينا صباح لا تقفي حائرة بين طريقين لا تسألي أوتار قيثارة لا تنامي على رمال غادرة ينبت على شعرك صدف يموت القفل الذي يحتضن مفتاح يقتله صدأ تصب في تجاويف قلبي كلّ الأوردة هيلينا المتوحدة تطارد فراشتها في الضباب تعبر خلفها في تفاصيل النهر المنساب على انعكاس الجسر المعلق تداعبها الأمواج الصغيرة تغمر قدميها تتلألأ اليراعات الفضية المتناثرة حولها يلف جسدها الخريفي صمت اليد التي تقلّب أوراق دفاتر قديمة المركب الذي يبحر في ممرات ضيقة العبور الأبدي بين ضفتين الانتقال العبثي بين يابستين ثم يزول كل شيء آثار سنوات الموت الأجساد الغضة تتحلل تختفي في التراب طريقة القتل البيوت المدمرة تدفنها ريح قادمة من مواسم هبوب لا تنتهي الأشجار المحترقة في أماكنها تنمو من بقاياها في رمادها بذورها تمحو المجزرة المجزرة تبنى المدن الجديدة فوق المدن القديمة تصير أجمل تزول إلى الأبد بيوت الفقراء وحدها القصور المُترفة تلامس أطراف البقاء ما بناه رجل يصير ملك جيل تروي الذي ترويه ذاكرة بقايا ملونة ذاكرة عقود حجرية على امتداد الأقبية لقد عبروا كيف ماتوا من قتلوا من أين جاؤوا إلى أين رحلوا من يملك الأماكن تمتلكه ذاكرتها يصير وريث الآمها وأمالها يشده نداء الثأر السراب عندما تصير ذاكرة الموت شريعة غاب للموت العنيف بقاياه للموت الكثير سباياه للموت الواسع مداه ثم تبقى معلقة في فضاء المكان الأصوات التي لا تموت تمجد الموت وتعدد سجاياه هيلينا التي لم أرى يوما وجهها هيلينا التي لم أسمع يوما صوتها هيلينا التي تعرفني وأعبدها تقول لي كلما عبر بخاطري المكسور طيفها غادر بلاد الموت ارحل اهرب بنعمة الكلمات واكتب عن الحب والحياة أنا يا هيلينا المخضلة بي أضحية الإسلام الحاضرة على مذبح الآخرة الغائبة في متاهات الزمان 5/7/2013 زياد هواش ..